قدم المغرب مشروع استعمال “التلفزة التفاعلية” في خدمة التكوين المستمر للمعلمين ضمن ما عُرض من مشاريع على هامش انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات في جنيف.ويهدف المشروع إلى تقديم برامج التكوين المستمر للمعلمين عن بعد بفضل ما توفره تكنولوجيا الاتصالات من وسائط سمعية وبصرية وعبر الإنترنت. في محاولة لإطلاع الجمهور العريض على كيفية تدخل تكنولوجيا الاتصالات في بلورة مقومات مجتمع الغد أي مجتمع المعلومات، تم تنظيم معرض جانبي على هامش انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات اشتمل على أكثر من 200 مشروع من 80 بلدا واستقطب أكثر من 25 ألف زائر من 10 إلى 12 ديسمبر. وتمثل هدف سويسرا من وراء تنظيم وتمويل هذا المعرض في إعطاء أمثلة ملموسة عن بعض التطبيقات التي شُرع في إنجازها بعدُ ضمن ما يعرف بمجتمع المعلومات. ومن بين المشاريع العربية القليلة التي شاركت في هذا المعرض، مشروع التكوين المهني المتواصل للمعلمين عبر استعمال التلفزة التفاعلية. وهو المشروع الذي يقول عنه مديره السيد يحي قرماطي “إنه يحاول الإجابة على إشكالية تعاني منها وزارة التربية والتعليم في المغرب، أي كيفية تقديم تكوين مستمر للعديد من المعلمين في المناطق النائية”. تكوين مستمر يتمثل مشروع التكوين عبر التلفزة التفاعلية في إقامة مركز تكوين رئيسي في العاصمة المغربية الرباط، يعمل فيه عدد من الكوادر البيداغوجية المؤهلة التي تقوم بنطوير برامج تكوين عن بعد تستعمل أحدث وسائل الاتصالات. وسوف يتم ريط هذا المركز الرئيسي بالعديد من المراكز الإقليمية التي تستقبل المعلمين الراغبين في الحصول على تكوين مستمر، والذين يمكنهم عبر استعمال وسائل الاتصال الحديثة من تلفزة تفاعلية وإنترنت وكمبيوتر، التواصل مع المكوّنين في الرباط. ويقول السيد يحيى قرماطي مدير المشروع: “إن الاتصال بين المركز الرئيسي والمراكز الإقليمية الخمسة عشر المنتشرة في الأنحاء النائية من المغرب يتم عبر تقنية v. Sat”. ويمكن للمعلم الراغب في مزاولة التكوين المهني المستمر، أن يلتحق بالمركز مرة في الأسبوع، وخارج وقت دوامه لتلقي هذا التكوين. وتسمح هذه الطريقة للمتربص بأداء واجباته بشكل حضوري وعبر التلفزة التفاعلية من خلال الإتصال المباشر مع المكون في المركز الرئيسي مثلما يشرح مدير المشروع. كما يمكنه تلقي هذا التكوين بشكل نصف آني ومباشر، كتلقي الأسئلة مباشرة عبر التلفزة التفاعلية والإجابة عليها عبر الإنترنت. أو أن يتلقى الأسئلة ويجيب عليها بشكل غير آني وغير مباشر دائما عبر الإنترنت. مشروع لفائدة 2700 معلم هذا المشروع المغربي المدعوم من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونيسكو”، بلغ المرحلة الأخيرة من الإعداد حيث سيتم استلام المرحلة الثالثة منه هذه الأيام على أن يشرع في تقديم خدماته ابتداء من يوم 30ديسمبر 2003. وعلى الرغم من أن مرحلة الانطلاق لن تشمل سوى خمسة مراكز تكوين فحسب من بين الخمسة عشر المتوقعة عبر كامل التراب المغربي، إلا أن السيد يحيى قرماطي يؤكد أن العدد الإجمالي للمستفيدين منه سيزيد عن 2700 مدرس يعملون في المناطق النائية والمعزولة. وعن الفائدة التي يمكن جنيها من تكوين بهذه الطريقة مقارنة مع التكوين التقليدي، يعترف مدير المشروع بأن هناك قضايا لا تزال مجهولة. فإذا كان برنامج التكوين يستجيب للمعايير الدولية من حيث بنائه ومكوناته التقنية والبيداغوجية، وبالتالي يوفر ظروف تكوين أحسن للطلاب، فإن “مدى استجابة المستفيدين مع هذه الطريقة للتكوين، وكيف سيتكيفون مع متطلباته” لا زال مجهولا وهو أمر يجب على الساهرين على هذا المشروع تحديده عند البدء في تنفيذ البرنامج. ويرى الساهرون على هذا المشروع أن استعمال التكنولوجيا الحديثة للاتصال من إنترنت وتلفزة تفاعلية لا يلغي كلية استعمال الوسائل البيداغوجية التقليدية من لوح وطباشير ومطبوعات. أخيرا، يرى السيد يحيى قرماطي في معرض تقييمه للنتائج التي أسفرت عنها القمة الأولى لمجتمع المعلومات، التي اختتمت أعمالها يوم 12 ديسمبر الماضي في جنيف أن “هناك فرقا بين الوعود والتعهدات الشفوية الصادرة عن القمة والتي تترك مجالا للتفاؤل، وبين صعوبة تطبيق ذلك على أرض الواقع”. كما يعتقد أن التقليص من الهوة الرقمية القائمة بين الشمال والجنوب “لم يبدأ بعد”.