وتتوالى انتكاساتنا باحتلالنا للمراتب الأخيرة دوليا في قطاع التربية والتكوين. إنه لأمر يندى له الجبين...ومع سقوط البقرة ، تكثر السكاكين، وتتفتق ” العبقريات ” عن اعطاء الحلول...وابرام الصفقات...لكنها حلول لوضع المساحيق...لا أكثر ، كمن يعطي الأسبرين لتسكين الألم وازالة الحمى، بينما يبقى الداء مستفحلا لتعود أعراضه بالظهور مرة أخرى. لنقل صراحة إننا نطبق املاءات الغرب: الدول العظمى والمؤسسات النقدية ، عدا هذا فهو مجرد كلام...إن اقدام المغرب على استيراد سياسات تربوية غربية وتطبيقها في واقع يتميز بمفارقات لها خصوصياتها وتميزاتها المختلفة تماما عن البيئة المصدرة لهذه الاستراتيجيات ، كمن يعلم الغراب مشية الحمامة. ولنكن أكثر صراحة لنقول كذلك إن هذه السياسات ” التربوية” ترمي إلى تدجين الانسان...إلى خلق مواطن بمواصفات معينة...مواصفات خطط لها الغرب...مواطن منبهر مستهلك غير منتج، بقطع الصلة بينه وبين أصالته وهويته وتاريخه... إن هذه السياسات لا تكاد تتعدى عتبة محو الأمية ...أما ما يروج عن المخطط الاستعجالي بما يتضمنه من مقاربات ، فليس سوى مسألة تحصيل حاصل، وهو اقحام للفاعلين للانخراط في اللعبة...وهو هدر للجهد والوقت والمال... إننا بحاجة إلى تعليم وطني يراعي مقدساتنا وخصوصياتنا وثقافتنا وحضارتنا...إلى مخططات تتسم بروح المواطنة العالية...من أجل الحفاظ على هذه المكتسبات وتطويرها وفق الصيرورة التاريخية ، ووضع تصور حقيقي للاقلاع الحقيقي بالعنصر البشري على اعتبار انه محور كل تقدم...وإلا سنبقى كمن يبحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة لا قطة فيها... محمد الشعايري