اتفق كثير من العلماء حول نقطة واحدة هي: أن النوم هو المجدد الفعلي العظيم للطبيعة. إن نواح معينة من النوم مثل: غياب الحركة الإرادية، وفقدان الوعي، وأحيانا صدور أصوات خشنة نسميها " الشخير"... تتفاوت وضوحا وغموضا. ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ تحدث تغيرات في التمثيل الغذائي، وفي معدل النبض وضغط الدم، ودرجة حرارة الجسم، والوظائف العضلية، .. وفي طبيعة الانعكاسات الجسدية... هذه التغييرات المصاحبة للنوم.. تتم عادة وفق دورة محددة.. وهي بالفعل إحدى خصائص مملكة الحيوان التي تشمل الأجناس البشرية التي ننتمي إليها. مجمل القصة أن عددا معينا من ساعات النشاط يليه عدد معين آخر من ساعات السكون : دورة يومية أي تستغرق اليوم كله... ومرتبطة بالنور والظلام. إلى جانب ذلك يتأثر النوم، إلى حد ما، بفصول السنة – كما سنرى فيما بعد -... أيضا يختص النبات بصور مشابهة للنشاط والسكون تحدث– هي الأخرى – في دورات يومية وأخرى موسمية. ومن ثم يعتبر النوم، أو الحالة المشابهة له، إحدى خصائص الحياة النباتية والحيوانية... لكننا سنقصر على مناقشة مشاكل النوم عند البشر: كيف نخلد إلى النوم ؟ هذا السؤال: تصدرت عدة نظريات، في بداية القرن العشرين، لإجابته. قالت إحداها: إن خلايا الأعصاب تتقلص خلال ساعات اليقظة، إلى حد يصعب معه اتصالها ببعضها البعض... ومن ثم ينام الناس. وقالت نظرية أخرى: إن نوعا من السميات (السموم) تتراكم خلال ساعات اليقظة... وبمرور الوقت تؤثر هذه السميات على الجهاز العصبي فتجعله يسترخي. إلا أن النظرية المسماة " أنيميا المخ" تعد أكثر التفسيرات قبولا إذ تقول: إن النوم يحدث نتيجة لتناقص الدم الوارد إلى المخ. ولقد اتضح، بعد توفر الحقائق العلمية، عدم ثبات أي واحدة من هذه النظريات.. فالمعروف الآن، مثلا، أن الدم المتدفق إلى المخ يتزايد فعلا أثناء النوم.. وهو عكس ما توصلت إليه نظرية "أنيميا المخ ". كذلك أصبح في حكم المؤكد أن دورة النوم – اليقظة – النوم... بالنسبة للإنسان والحيوانات الراقية الأخرى.. ترتبط بشبكات عصبية خاصة في الجزء الأسفل من المخ. وفي عشرينات القرن الماضي اكتشف البارون (قسطنطين فون أيكونومو 21 غشت 1876/ 21 أكتوبر 1931 Constantin Von Ecónomo كان أستاذ الطب النفسي والأعصاب في جامعة البوليتكنيك في فيينا1893 (Prof. Of Psychiatry and Neurology ) ان المراكز المنظمة لدورة النوم موجودة في منطقة بالمخ تسمى الهايبوتلاموسي (Hypothalamus ). أما في وسط الأربعينات من القرن الماضي، فقد قرر الفسيولوجي الهولندي و.ج. ه ناتوه الأستاذ بجامعة أوترخت.. أن مركز دفع الدم له تأثيره على مركز اليقظة إما منشطا أو مثبطا. واكتشف ه.و. ماجون الأستاذ بجامعة كاليفورنيا، في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، أن جزءا من الشبكة العصبية ينظم عملية التحول من النوم إلى اليقظة.. وأوضح أن الخلايا العصبية في المخ تنشط (على امتداد الحبل الشوكي) حاملة نبضها إلى أعلى في اتجاه المخ كي تلعب دورا أساسيا في إثارة مركز النشاط المناسب في المخ.. وتوصف هذه الشبكة الصاعدة بأنها "جهاز منشط". إن مركزي التحكم في الجهازين الهايبوتلاموسي (Hypothalamus ) والمنشط في المخ يتضافران.. فينتج عنهما تأرجحنا اليومي بين النوم واليقظة. أما الشبكات المتخصصة فتكون مسؤولة عن التغييرات الجسدية، التي يمكن ملاحظتها والتي تحدث في دورة النوم. وبين مرورنا من اليقظة إلى النوم، ومن النوم إلى اليقظة، تحدث تغيرات معينة في موجات المخ.. هي تلك الشحنات المتوفرة دائما، للطاقة الكهربائية، الناتجة من الطبقة الداخلية للمخ أو المادة الرمادية به.. ذلك أن التيار الكهربائي والعمليات المتعاقبة لموجات المخ، تتغير إلى حد كبير عندما نروح في النوم. وهي تختلف حسب مدى عمق النوم. والله الموفق يتبع...... 01/05/2009 محمد الشودري