حوار مع المرحومة "فطومة" مغسلة الأموات بمستشفى سانية الرمل بتطوان الموت هو نهاية الدنيا وبداية الآخرة إنه حقيقة حتمية تنتظر كل كائن حي، وإن تعددت الأسباب فيبقى المصير واحدا وهو خروج الروح من الجسد، وعليه ولمعرفة تفاصيل تجهيز الميت وغسله كان لبريس تطوان حوارا خاصا مع فطومة الحياني أولاد بوشتى مغسلة الأموات بمستشفى المدني لسانية الرمل، المرأة المنفردة بهاته المهمة داخل المستشفى منذ عهد الاستعمار إلى أن وافتها المنية بعد إجراءنا معها هذا الحوار بأيام معدودات. فطومة (رحمها الله) من مواليد عهد الحماية، كانت تجد في عملها الراحة والعطاء، فتحت باب قلبها على مصراعيه للجريدة لتدلي بدلوها المعرفي في بئر غائر ومليء بالوقائع والأحداث. بريس تطوان: منذ متى وأنت تشتغلين مهمة غسل الأموات؟. أنا هنا منذ عهد الاستعمار ولا يوجد لي أي راتب ولا أتقاضى من طرف إدارة المستشفى شيئا فقط أهل الميت من يتكلفون بأداء مستحقات الغسل، والكفن. بريس تطوان: كم تصل تكاليف الغسل بالنسبة للميتة؟ ثمن الغسل غير موحد بحيث أن الأمر يبقى على حسب استطاعة أهالي الميتة، والذي لا حول له ولا قوة "نتساهلو معاه" بحيث يحصل على الكفن من البلدية وأنا أتكفل له بجميع الإجراءات في سبيل الله، لكن في عهد الإسبان كان الأمر مختلفا عما هو عليه الأن فكلما رآني نصراني إلا ويشجعني بقوله Bien ، عكس من أشتغل معهم اليوم "خصوم أنا نعطيلوم ". بريس تطوان: ما هي الطريقة التي تنهجينها في غسل الميتة؟ عندما أستعد لغسل الميتة أقوم بوضع الفقازات في يدي وأغسلها بعناية وبطريقة عادية حيث يتم وضعها على طاولة كبيرة وغسلها بالماء الفاتر والصابون، وبعد إتمام عملية الغسل، أقوم بوضعها في اللحاف ( الكفن)، ورشها برأس الورد والخزامة. بريس تطوان: هل يتوفر مكان غسل الميت على الشروط الضرورية؟ مكان عادي ونظيف هذا طبعا مع بعض الفروق في جودة المكان مقارنة بالمصحات الخاصة، أما بخصوص نظافة المكان فيسهر على نظافته عامل خاص يقوم بجمع ما تبقى من مخلفات الغسيل ( الأواني المعدة للغسل)، واللحاف ( صبانات) التي كان الميت يلتحفها قبل الغسل. بريس تطوان: حدثينا عن عدد الموتى اللواتي يتم غسلهن في اليوم؟ الرجال أكثر موتا من النساء بحيث نغسل في بعض الأحيان امرأة كل 10 أيام، وأحيانا كل أسبوع، وقد يصل الأمر إلى شهر دون أن أغسل ولو واحدة، بخلاف الرجال. بريس تطوان: في حالة غيابك من يقوم مقامك في تغسيل وكفن الميتة؟ لا توجد أي امرأة تقوم مقامي، وأحيانا ينادى علي من مختلف المصحات لأقوم بالمهمة عبر رقم هاتفي الشخصي. بريس تطوان: هل يسمح لأهالي الميت حضور عملية الغسل؟ ج: نعم من حق عائلته حضور الغسل إلا أن ذلك لا يكون طبعا بشكل دائم ، إلا إذا كان من (المعارف) المقربين . بريس تطوان: ما هو مصير الموتى المتخلى عنهم؟ ج: إذا بقيت الجثة أكثر من شهر ونصف أو شهرين في الثلاجة تتكلف الدولة بغسله وتكفينه، ثم يقومون بالصلاة عليه في المسجد، والذهاب به إلى المقبرة بمعية الطُلْبَة والفقيه.