أفاد محمد بودن الأكاديمي والمحلل السياسي إن خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعيني يستحق عنوان خطاب الثقة والقوة الهادئة، أعطى فيه الملك باختصار خلاصة لقضية الصحراء واتجاهاتها وتوجهاتها الكبرى. وقال بودن إن الخطاب الملكي جاء لتسليط الضوء على الوضع الاستراتيجي لقضية الصحراء المغربية الذي ينطلق بالسير قدما من مسيرة تاريخية الى مسيرة تتجدد و ترسخ مغربية الصحراء على أكثر من مستوى. وأضاف بودن أن الاتجاه الثاني الذي سار فيه خطاب الملك، يتعلق بالتقدم المستمر في الحفاظ على مكتسبات المغرب، فعلى المستوى الأممي يؤكد مجلس الأمن في قراراته و اخرها القرار 2548 على الحل السياسي المطبوع بالواقعية والتوافق، وهي معايير تنطبق على المبادرة المغربية الخاصة بالحكم الذاتي التي تعبر عن ما يمكن تسميته ب "تقرير المصير الداخلي" بأبعاده الديمقراطية والتنموية والحقوقية، فضلا عن تأكيد القرارات الاممية على ضرورة مشاركة الأطراف الحقيقية في النزاع الإقليمي بما يتناسب مع دورها في خلقه. وأوضح بودن أن عودة المغرب للاتحاد الافريقي جعلت الكيان الوهمي، ومن يدعمه في حالة اضطراب، لأن الظروف التي كان يوفرها غياب المغرب لم تعد قائمة والدول التي لم تكن تعرف اتجاهات السياسة الخارجية للمغرب أصبحت تعرفها عن قرب، كما أن مؤسسات وهياكل الاتحاد الافريقي أصبحت أكثر انخراطا في المسار الأممي لملف الصحراء المغربية. و على الصعيد الدبلوماسي والقانوني فالمغرب، يضيف بودن، قد أحدث عمقا جديدا بتوسيع شبكة الاعتراف الميداني بمغربية الصحراء عبر فتح 16 بلد لقنصليات عامة بالعيون والداخلة، مع العلم أن 163 بلدا لا يعترف بالكيان الوهمي، وهو رقم قابل للتطور مع استمرار إبرام المغرب شراكات استراتيجية لا تستثني الصحراء المغربية مع قوى دولية كبرى كاتفاق الصيد البحري و الاتفاق الزراعي مع الاتحاد الأوروبي. الاتجاه الثالث، يراه المحلل السياسي في الخطاب الملكي يتعلق باعتماد المغرب على قاعدة الصبر الاستراتيجي والعمل مع الأمين العام للامم المتحدة وبعثة المينورسو، و الإبقاء على ساحة الدبلوماسية مفتوحة وفقا لقرارات مجلس الأمن، لكن الخطاب الملكي يبعث برسالة حازمة بعدم قبول المغرب لتكريس بعض السلوكات الخاطئة على حساب الوضع التاريخي للمنطقة والسير العادي للحركة بين المغرب وموريتانيا، وبالتالي فالمغرب يترك فرصة لبعثة المينورسو لتعمل على إنزال البوليساريو من الشجرة، إن صح التعبير. أما الاتجاه الرابع الذي حدده خطاب الملك محمد السادس، فيهم العمل المبرمج الذي يتوجه نحو المستقبل عبر اعتماد الحوار مع إسبانيا بشأن الحدود البحرية وكأن الملك يقول إن الوقت لا يجب استغراقه في الرؤى والتقديرات والأحاديث، لكن الأفيد هو التفكير في الخطوة القادمة، وكون إسبانيا طرف مدير للصحراء قبل 1975 لا يعني شيئا بل هو جزء من الماضي، والمغرب يتوفر على ميكانيزم اقتصادي هام سيأتي بنتائج هامة ويتمثل في خلق الربط بين ميناء طنجة المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي عبر الاعتماد على الحقوق البحرية وحماية المصالح الوطنية.