التعويض عن الكوارث جزء أصيل من إدارة الأزمة..    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    عرس كروي استثنائي    مجموعة نساء شابات من أجل الديمقراطية تعلن تضامنها مع نزهة مجدي وسعيدة العلمي وتطالب بالإفراج الفوري عنهما    إسرائيل توافق على إقامة 19 مستوطنة    فريق "الاتحاد المغربي للشغل" بمجلس المستشارين يطالب بإرجاء تعديل قانون الصحافة ويدعو إلى نقاش وطني موسع    المستشفى العسكري بالرباط ينجح في إجراء 4 عمليات دقيقة بواسطة الجراحة الروبوتية    أشرف حكيمي يطمئن الجماهير المغربية بخصوص مشاركته في ال"كان"    السعدي: أعدنا الاعتبار للسياسة بالصدق مع المغاربة.. ولنا العمل وللخصوم البكائيات    "فيسبوك" تختبر وضع حد أقصى للروابط على الصفحات والحسابات المهنية    الأحمدي يحذر المنتخب من الثقة الزائدة    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    بايتاس بطنجة: "النفس الطويل" العنوان الأبرز لمسار الأحرار في تدبير الشأن العام ومواجهة التحديات    فاتح شهر رجب بعد غد الاثنين بالمغرب    أشرف حكيمي يتسلم جائزة "فيفا ذا بيست- 2025 "    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    موتسيبي: كأس إفريقيا للأمم ستقام كل أربع سنوات ابتداءً من 2028    قطبان والجيراري يفتتحان معرضهما التشكيلي برواق نادرة    تنبيه أمني: شركة أفريقيا تحذر من محاولة احتيال بانتحال هويتها    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    أخنوش يُنوه من طنجة بشركاء الأغلبية الذين "ردّوا الاعتبار" لمؤسسة رئاسة الحكومة    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    إحداث مكاتب قضائية بالملاعب المحتضنة لكأس إفريقيا    بوريطة ولقجع وموتسيبي يفتتحون منطقة المشجعين بالرباط    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    حكيمي يطمئن الجماهير المغربية    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام        القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات عسكرية ميدانية بأقاليم أزيلال والحوز وميدلت    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير الكويت    روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    انخفاض في درجات الحرارة وبحر هائج.. تفاصيل طقس السبت بالمغرب    احتراق عدد من السيارات في محيط ملعب طنجة (فيديو)    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة    وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العصر الذهبي للحضارة العربية2/1
نشر في بريس تطوان يوم 17 - 05 - 2017

يكاد يجمع المؤرخون على أن للدولة العباسية عصرين يختلف أحدهما عن الآخر اختلافا عظيما. العصر الأول ويعرف بعصر الازدهار يمتد من أول نشأة الدولة العباسية – (132ه -750م/656ه-1258م) – إلى آخر أيام الخليفة المأمون سنة 218ه. وهو العصر الذي بلغت فيه الدولة العباسية أوج شبابها وقمة مجدها ترفا وثروة وأدبا وعلوما. أما العصر الثاني ويعرف بعصر التقهقر والاضمحلال فيبدأ بخلافة المعتصم بن المأمون وينقضي بانقضاء الدولة العباسية في بغداد وبانحسار المد الحضاري الإسلامي وقلة الثروة وضعف الدولة حتى قوض عرشها هولاكو في منتصف القرن السابع الهجري.

العصور الاسلامية وتسلسلها


من المؤرخين من يذهب إلى أن العصر العباسي الأول عصر الازدهار هو في الواقع العصر الذهبي للحضارة العربية قاطبة من النواحي المادية والعمرانية والعلمية والأدبية وإن لم يكن كذلك من الناحية القومية العربية. ففي حين أن العصر الأموي الذي تقدمه قد تميز بقوة العصبية العربية والمغالاة في ذلك أحيانا إلى حد الغض من شأن الشعوب التي كانت تحت سلطانهم في البلاد التي دانت لهم، فإن شكيمة العنصر العربي في العصر العباسي الذي تلاه أخذت تضعف شيئا فشيئا ويذهبون في تعليل ذلك إلى أن العباسيين عرفوا علة سقوط بني أمية عندما كثر قيام الخوارج في أيامهم وانتفاضهم على حكمهم فتجنبوا الوقوع في مثل هذه العلة واتخذوا الجند والأعوان من الفرس والأعاجم على أنهم استبقوا الجند العرب أيضا من ربيعة ومضر رغبة في المحافظة على العصبية العربية. ولكن العباسيين لم يستطيعوا التوفيق بين العنصرين لأنهم انساقوا بطبيعة الأمور إلى الاختلاط بالفرس والتزيي بزيهم والتأثر بهم في سائر مرافق حياتهم. واتخذ الخلفاء أمهات أولادهم من الفرس، أولادا تولوا الخلافة وفيهم ميل فطري إلى العنصر الفارسي. هذا في المشرق أما في الأندلس فقد قطع بنو أمية (كما يقول ابن الأثير) الدعوة لبني العباس بعد أن دعوا لهم مدة قصيرة واستقل عبد الرحمن بن معاوية بعدها بالأندلس لبعدها عن دار الخلافة.


وبلغت المنافسة بين العنصرين العربي والفارسي أشدها حتى وقعت الفتنة بين الأمين وأخيه المأمون واستنصر المأمون جند خراسان وهم أخواله (لأن أمه فارسية) وقام العرب ينصرون أخاه الأمين وأمه عربية هاشمية، وكان من نتيجة غلبة المأمون أن عاد النفوذ إلى الفرس.
وبعد مقتل الأمين وخمود الفتنة وعلى الرغم من الضغائن العنصرية التي ظلت كامنة في النفوس استوثق الأمر بالمأمون واستتبت السكينة – إلى حين – في الدولة العباسية وازداد الفيء الوارد إلى بيت المال حتى قيل انه لم يجتمع في دولة من دول المسلمين ولا غيرهم ما اجتمع لبني العباس في عهد المأمون وفي عهد أبيه الرشيد من قبله وعم الرخاء نتيجة لذلك فكاد يكون لكل فرد في الرعية نصيب منه فإذا أضفنا إلى عامل الاستقرار وتمازج الثقافات أن المأمون بطبعه واستعداده كان يحب العلم ويشجع المشتغلين فيه ويقرب إليه العلماء استطعنا أن نتبين أسباب هذه النهضة.


لقد ظلت الخلافة العباسية قائمة في بغداد (524) خمسمائة وأربعا وعشرين سنة تولى خلالها (37) سبعة وثلاثون خليفة.
الخلفاء العباسيون في بغداد (من750م إلى 1258م)


ثم انتقلت إلى مصر وكل من تولى فيها الخلافة لم يكن له منها غير الاسم.

أما الرشيد الذي وصل ازدهار الدولة في أيامه أوجه فكان خامس الخلفاء العباسيين وتكاد تجمع المصادر التاريخية من عربية وأجنبية على أنه كان أبعد ملوك زمانه صيتا وأعظمهم همة وأكثرهم غزوا وأوفرهم حبا للأدب والشعر وأشدهم كرما. فإذا أضفنا إلى ذلك انه كان من دهاة السياسة شديد البطش أدركنا السر في هذا الاستقرار الذي نعم به البسيط الإسلامي في عهده وعهد ابنه المأمون من بعده فيما عدا فترات قصيرة من فتن داخلية وأخرى خارجية تناوشت أطراف المملكة هذا الاستقرار الذي أشرنا إليه عامل لابد منه لانتعاش أية حركة علمية أو تطور حضاري.
وكان من حب الرشيد للعمران والحضارة أن زين بغداد بالقصور والمباني الفخمة والمصانع النافعة والمدارس والمساجد وبنى مدينتي الرقة والهارونية. ولا تزال أطلال قصره وبعض جدرانه قائمة إلى اليوم. وازدان ملكه بوزرائه بني برمك الذين وصفوا بأنهم من محاسن الدنيا عقلا وحكمة وأدبا وجودا ثم نكبهم نكبة تناقلتها القرون لما قيل من استبدادهم بالملك والملك عقيم.
حكى ابن خلدون أن دخل المملكة في عهد الرشيد كان سبعة آلاف وخمسة عشر قنطارا. والقنطار في حسابه عشرة آلاف دينار فيكون مجموع ذلك سبعين مليونا ومائة وخمسين ألف دينار وهي ميزانية ضخمة تدلنا مهما بولغ فيها على غنى الدولة وتمكنها من حياة النعيم.
وازدياد الثروة مع العيشة الناعمة وانضباط أمور الدولة قد أدى بالتالي إلى اصطناع الترف واللهو. فمع تعاظم سلطان الفرس في عهده والفرس من قديم يعرفون بالميل إلى اللهو والسرور شاع الطرب والغناء وحفل عصره بأكابر المغنين.

وتحلى بلاط هارون الرشيد بعظماء الرجال من كل فن. فمن أطبائه آل بختيشوع، ومن شعرائه أبو نواس وأبو العتاهية ومسلم بن الوليد وعباس بن الأحنف واضرابهم. ومن الرواة الأصمعي والخليل بن أحمد واضع العروض، ومن الندماء ابراهيم الموصلي وزلزل وابن جامع. ومن قضاته أبو يوسف يعقوب الأنصاري وابنه يوسف، ومن العلماء سيبويه وابن يونس. ومن الأئمة أبو حنيفة والشافعي والإمام أحمد بن حنبل. وليس بين هؤلاء إلا من هو سيد علمه أو فنه كما تشهد بذلك كتب التراث، وفي عهده كانت المكوس والضرائب والجزية والخراج تحمل إلى بيت المال من الهند والصين ومصر وفارس وسوريا وغيرها. ويجمع المؤرخون على أن الرشيد عند وفاته (وقد استمرت خلافته (22) اثنتين وعشرين سنة) ترك في بيت المال تسعمائة ألف ألف دينار، والدينار يساوي مثقالا ذهبا.

يتبع...
*..-*..-*..-*
والله الموفق
2017-05-17


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.