اتفاقية تاريخية.. المغرب وموريتانيا يوقعان مشروع الربط الكهربائي لتعزيز التعاون الطاقي    مشروع الميناء الجاف "Agadir Atlantic Hub" بجماعة الدراركة يعزز التنمية الاقتصادية في جهة سوس ماسة    الدار البيضاء ضمن أكثر المدن أمانا في إفريقيا لعام 2025    البيت الأبيض يعلن تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية"    بوروسيا دورتموند يتخلى عن خدمات مدربه نوري شاهين    مؤسسة بلجيكية تطالب السلطات الإسبانية باعتقال ضابط إسرائيلي متهم بارتكاب جرائم حرب    إحالة قضية الرئيس يول إلى النيابة العامة بكوريا الجنوبية    هذا ما تتميز به غرينلاند التي يرغب ترامب في شرائها    أندونيسيا: ارتفاع حصيلة ضحايا حادث انزلاق التربة إلى 21 قتيلا    إسرائيل تقتل فلسطينيين غرب جنين    نقابات الصحة ترفع شعار التصعيد في وجه "التهراوي"    احتجاجات تحجب التواصل الاجتماعي في جنوب السودان    طقس الخميس: أجواء باردة مع صقيع محلي بعدد من المناطق    باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    دعوة وزيرة السياحة البنمية لزيارة الداخلة: خطوة نحو شراكة سياحية قوية    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    الاحتيال على الراغبين في الهجرة السرية ينتهي باعتقال شخصين    حجز 230 كيلوغراما من الشيرا بوزان‬    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    لا زال معتقلاً بألمانيا.. المحكمة الدستورية تجرد محمد بودريقة من مقعده البرلماني    ضمنهم طفل مغربي.. مقتل شخصين وإصابة آخرين في هجوم بسكين بألمانيا والمشتبه به أفغاني    عامل نظافة يتعرض لاعتداء عنيف في طنجة    فوضى حراس السيارات في طنجة: الأمن مطالب بتدخل عاجل بعد تعليمات والي الجهة    طنجة المتوسط يعزز ريادته في البحر الأبيض المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    السكوري: نسخة "النواب" من مشروع قانون الإضراب لا تعكس تصور الحكومة    النصب على "الحراكة" في ورزازات    في درس تنصيب أفاية عضوا بأكاديمية المملكة .. نقد لخطابات "أزمة القيم"    ريال مدريد يُسطر انتصارا كاسحا بخماسية في شباك سالزبورج    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    شباب الريف الحسيمي يتعاقد رسميا مع المدرب محمد لشهابي    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    في الحاجة إلى ثورة ثقافية تقوم على حب الوطن وخدمته    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    رسميا.. مسرح محمد الخامس يحتضن قرعة الكان 2025    المغرب يُحبط أكثر من 78 ألف محاولة هجرة غير نظامية في 2024    القضاء يبرء طلبة كلية الطب من التهم المنسوبة اليهم    منتخب "U17" يواجه غينيا بيساو وديا    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد    الشيخات داخل قبة البرلمان    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    عادل هالا    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور التعليم الديني العتيق في ترسيخ مغرب التسامح

أثناء أحد زياراتي لمنطقة سوس المغربية اغتنمت الفرصة للقاء أحد أبرز العلماء الذين يحملون مشعل ما يعرف بالتعليم العتيق، ووجدت الفرصة مناسبة لتبادل أطراف النقاش معه حول مجموعة من المستجدات الدينية و الفقهية التي أثارت الجدل في الأيام الأخيرة و لعل أبرزها حد الردة و حكمه الشرعي في الإسلام، و كنت أظن و أنا أسائله حول هذا الموضوع أن يكون جوابه مباشرا و حاسما يؤكد لي من خلاله أن حكم المرتد هو القتل لكن خاب ظني حينما أجابني بمنطق أصولي سليم بعيد عن التنطع و التعصب أنه لا يجوز قتل المرتد بناء على أن الإسلام رسخ فلسفة مفادها أن الحقوق قبل الحدود و الحدود بعد الحقوق لأن هذا الدين أكد على حرية العقيدة و جعلها من أبرز الأساس التي تقوم عليها شريعته الغراء.
​كم فاجأني رد هذا الفقيه الذي تدخله التصنيفات الرسمية في صنف التعليم الإسلامي العتيق، و كم تأكدت على أن العتيق و القديم و البالي هم فقهاء المجالس العلمي الأعلى الذين لا يستطيعون الإفتاء إلا في الحيض و النفاس و حتى إذا ما خرجوا عن ما ذكر تجد " فتاواهم " قد أثارت الجدل و حجمت النقاش و أبانت عن قصر النظر و عدم الكفاءة في الاجتهاد . و حينما قارنت بين رأي هذا الفقيه و الفتوى التي صدرت عن المجلس العلمي الأعلى حول حد الردة وجدت فرقا كبيرا من الناحية الاجتهادية و المقاصدية بين القراءة الدينية الحديثة للإسلام من لدن هذا الفقيه العتيق، و بين القراءة الدينية العتيقة للإسلام من لدن هذه الهيئة العلمية الرسمية ذات الفقهاء " المجددون ".
​بالفعل الفتوى أصبحت منظمة دستوريا بمقتضى الدستور الجديد و أنيطت بالمجلس العلمي الأعلى و ذلك حتى يتم التحكم في الفتوى الصادرة باعتبار خطورتها على المجتمع الذي قد يتبع فتاوى لا تكون مبنية على أساس صحيح من الناحية الدينية، و لعل الأحداث الإرهابية و ما تحمله المغرب من خسائر مادية و بشرية كانت بالأساس بناء على فتاوى غريبة زعزعت الأسس الدينية لبعض الشباب من غير المثقفين بل أحيانا الأميين وأقنعتهم " بالجهاد في سبيل الله " و نصرة الإسلام انطلاقا من عمليات قتل و تخريب ممنهج يستهدف أموال و أنفس الناس سواء كانوا مواطنين أو أجانب و لنا في تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" خير مثال . لكن الغريب أن تصدر فتاوى من جهة رسمية متخصصة في الإفتاء يمكن أن تساهم من خلالها في زعزعة الاستقرار و خلق البلبلة بين الناس لأن هذه الفتوى قد يتخذها البعض مطية من أجل تطبيق هذا الحد على بعض الناس الذين يرون أنهم خرجوا عن الملة.
​و إذا ما أردنا أن نتحدث عن الأساس الديني الذي استند عليه المجلس العلمي الأعلى في إصداره لبعض الفتاوى يمكن القول أنه حمل النصوص الدينية المتعلقة بها ما لم تتحمل و على سبيل المثال بالنسبة للفتوى المتعلقة بحد الردة كان موقف المجلس منطبعا بالتشدد متناسيا أن هناك نصوص في الشريعة الإسلامية كالتي استشهد بها الفقيه السوسي تؤكد أن الإسلام دين مرن لا سيما فيما يخص المعاملات و تطبيق العقوبات بدليل أن دول إسلامية لم تستطع أن تعدل في الكثير من الأمور الدينية ذات الطابع القطعي كالعقائد و العبادات و لكنه فيما يخص الأمور الظنية و أيضا بالنسبة للعقوبات من حدود و قصاص غيرت و عدلت وفق التطور الذي عرفه المجتمع فلم يعد حد السرقة يطبق و لم يعد حد الرجم يطبق، لأنه إذا أردنا القياس على فتوى المجلس فإنه يجب أن نطبق حد السرقة على السارق و ذلك بقطع يده، و نطبق حد الرجم على الزاني المحصن برجمه بالحجارة إلى غاية الموت، و الحال ان كل هذه الأمور أصبحت تخضع للقانون الوضعي، و لمنظومة القانون الجنائي فالسارق يعاقب وفق العقوبات المقررة في القانون الجنائي سواء كانت عادية أم موصوفة إذا كانت مرتبطة بظروف التشديد، و الزنى أو زنى المحصن يعاقب عليهما بمقتضى العقوبات المقررة في جريمة الفساد أو الخيانة الزوجية التي لا تتعدى عقوبتها الجنحية خمس سنوات و ليس الرجم بالقتل، بل انه حتى الأمور المتعلقة بالعقيدة ، و يمكن أن ندخل في هذا الاطار الردة فإن المشرع نظمها بمقتضى فصول تعاقب على زعزعت عقيدة المسلم، لذلك فإنه يبدو ملحوظا أن المشرع الوضعي تكلف بكل ما يتعلق بالعقوبات، و أن الأساس المعتمد عليه هو الأساس القانوني الوضعي و ليس الأساس الديني الإسلامي.
​و لكن الخطير هو أنه لحد الآن لا يوجد معيار يمكن الاعتماد عليه لتوضيح الأثر الملزم للفتوى و أين تقف الفتوى ليبدأ إعمال القانون، و أين يتوقف هذا الأخير ليبدأ إعمال الفتوى، فأن تصدر فتوى تعارض صراحة ما هو مدون في القوانين المصادق عليها من لدن ممثلي الأمة هو بمثابة تناقض ينبئ بخطورة على مستوى استقرار هذا البلد و على أمنه القانوني و القضائي، و من جهة أخرى فإن فتوى المجلس المتعلقة بالردة تخالف المبادئ الدستورية الواضحة و المواثيق الدولية الملزمة للمغرب باعتبار أنه وقع و صادق عليها و أصبحت جزءا لا يتجزأ من قانونه الوطني، و هذه المصادر كلها تؤكد على ضرورة احترام حق الحياة باعتباره من الحقوق الطبيعية و الأساسية المكفولة للإنسان والتي لا يجوز المساس بها تحت أي ظرف من الظروف. فالمطلوب إذن من مؤسسة الفتوى الرسمية أن تنفتح على التعاليم الدينية الراسخة في التعليم العتيق لتعلقها بالطابع المنفتح و المتسامح الذي إتصف به المغرب منذ قرون ، و أيضا لأن إجتهادات فقهاء التعليم العتيق تبقى أقرب إلى الحداثة و أكثر تلاؤما مع إلتزامات المغرب الدولية الناتجة عن توقيعه و مصادقته على عدد من الإتفاقيات الدولية التي أصبحت ملزمة له و جزءا لا يتجزأ من تشريعه الداخلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.