بقلم: حمزة البحري ويمكن أن نقيس حضارة الأمم والدول بمحافظة شبابها على قيمه وتطويرها وتمديدها بأبعد الحدود، بناءا على ثورة أو نهضة مسبقة على صعيد مختلف مستويات القيم التقليدية أو المكتسبة .. فالقيم أساسا هي عبارة عن أحكام عقلية انفعالية يكتسبها الفرد من المجتمع لتصبح المحرك لسلوكه أي ينشأ عليها منذ مئات السنين حسب أنواع هاته القيم التي تتمثل مثلا في اجتماعية واقتصادية، سياسية ودينية. أما الشباب فهم أساس هذه القيم ودعائمها التي تنشأ على أساس صلب، هم أمل الأمة دينيا ودنيويا، ذكورا وإناثا، ولا فضل لأحد على أحد ولا خير لأحد على أحد، إلا بعلمه وثقافته ووعيه المسؤول بما يجري حوله و تقواه التي ينتفع بها وينفع غيره. فالشاب ذو القيمة الدينية هو شاب نشأ بين كتاب الله وعمل به وبعلمه وبشرعه، وذو القيمة الاجتماعية هو شاب أحب فعل الخير بتعبيره عن ذالك خلال اهتمامه بمجتمعه والاحسان اليه فهو يحبه ويميل لمساعدة أفراده، ويجد من خلال ذالك راحته النفسية وإشباعا لها بالعطف والحنان وخدمة الغير. والشاب ذو القيمة الجمالية، ذاك الشاب الذي يحب كل جميل بالحياة، يحب الابتكار ويملك ذوقا رفيعا من الجنال والابداع، والشاب ذو القيمة الاقتصادية الذي يمتلك رؤية مسبقة في كل ما يحيط به ليجعله وسيلة للحصول على الثروة و زيادتها عن طريق الاستثمار بالانتاج والتسويق، هو شاب يمتلك رؤية علمية وعادة ما يكون من رجال المال والأعمال. لنأتي أخيرا الى القيمة السياسية والتي نجد الشباب بعيدين عن ممارستها كل البعد، نظرت لما يصطدم به واقعيا من تفاوتات واستبداد و جور على المناصب والمسؤوليات حتى نجد الشخص يأخذ موقعا سياسيا فيشيب فيه ويورثها لابنه، مما يجعل الشباب بعيدين عن هذه القيمة المكونة لكل حضارة حيث يعبر الشخص عن اهتماماته ونشاطه السياسي من خلال المشاركة السياسية التي تتميز بالفعل في حل مشكلات مجتمع ما، ويتميز الشخص الذي يحمل هذه القيمة بالقيادة في نواحي الحياة المختلفة ويتصفون بالجرأة والقدرة على توجيه غيرهم. فأين ذالك السياسي القوي الأمين بما حباه الله من استعداد لحمل أعباء المجتمع، "رحم الله عمر بن الخطاب و رضي عنه" كان إذا مشى أسرع وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع، وإذا قال صدق، وإذا حكم عدل، وإذا خطب فصل، وإذا أراد وصل، وإذا نال بذل، وإذا مشى من طريق سلك الشيطان مسلكا آخر، قوي جد قوي .. و رحم الله من تمنى أن يكون عمر بن الخطاب .. فأين الشباب من هذا؟ وذاك المثال الحسن عن الأمانة، ذالك أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم، أمين على السر، أمين على الأمر، أمين على المال، أمين على الرجال. أين ذالك الشاب النظري رجل بألف، فوة في الدين، والعلم والجسم والعزم. أين الشباب من الشهادة بالقسط، أين الشباب المسؤول، مسؤول في أسرته، في مجتمعه، مسؤول في أمته، شامة أينما وجد، أضاء بنورانيته وألطف معشره ولينهم بالمحبة والتسامح وألزمهم الصرامة بإرادته وثقته العالية ووسطيته. قيم تكتسب ولا تعطى تتمثل في كل شاب طلب المعالي وسهر الليالي مع الرجال ، لزم ثوب التقوى ولم يزغ عنه، ذالك الشاب المسلم المتخلق بإيمانه الصادق الأمين المسؤول عن أفعاله أمام الله ثم أمام العباد.