بقلم: أحمد الدرداري بالعودة إلى مضمون نص الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش في ذكراه 18 ومن باب الامانة الدستورية لجلالة الملك فقد اكد من خلالها على اهم مظاهر الفشل التنموي ووجه على اثر ذلك وبدقة الاهداف من وجود الدولة مذكرا كل من الموظفين العموميين و السياسيين، ومتيقنا بان ثقته في العمل السياسي افتقدت ليضيف جلالته قناعة جديدة إلى قناعة الشباب و المواطنين بعزوفهم عن المشاركة السياسية. فبالرغم من الامكانيات المحدودة، وبالرغم من أن بعض المناطق تحتاج الى خدمات واحتياجات، ورغم التقدم الملموس في بعض المجالات … الا ان التفاوتات والمفارقات اليوم ابانت عن الهوة وان الحصيلة صادمة ولا تشرف المغرب ولا تمت له بصلة، حيث برامج التنمية البشرية لا تشرف وتبقى دون الطموح. ومرد ذلك الى ضعف العمل المشترك وغياب العمل الاستراتيجي، والتماطل الذي يطال العمل الاداري… ومن جهة اخرى فان الهوة تزداد اتساعا بين القطاع الخاص الذي يدر ثروة على الدولة في مقابل تردي احوال القطاع العام بسبب ضعف الحكامة الادارية والمردودية، ذلك ان غياب الكفاءة في بعض الموظفين العموميين وقضاء ساعات العمل داخل مقر العمل دون التفكير بروح المسؤولية ودون الارتقاء بالتفكير الاجتماعي دليل على غياب للحكامة والنجاعة وجودة الخدمات. سوء تدبير المراكز الجهوية للاستثمار ترجمة لجمود عقليات الموظفين التنموية . ماعدا مركزين جهويين للاستثمار فان باقي الجهات تعيش وضعية سيئة في باقي المناطق مما يفسر ان الموظفين الاقتصاديين والاداريين لا يفعلون دورهم المتعلق بحل مشاكل المواطنين بحكم أنهم مؤتمنون على مصالح الناس، حيث ان العقليات السياسية والتنموية لم ترقى الى مستوى التصور الوطني المطلوب، وان البيروقراطية مازالت قابعة في اذهان الكثير من المسؤولين، بل الاغرب من ذلك هو انه حينما يكون هناك مجهود او نتيجة ايجابية فان الزعماء يتصدرون الظهور والزعامة، بينما في حالة الفشل فتجدهم يختبؤون وراء القصر الملكي واضعين الكرة في ملعب المؤسسة الملكية. ربط المسؤولية بالمحاسبة وتطبيق القانون مخرج لمحاربة الريع. أكد جلالة الملك على اهمية اعمال المراقبة وربط المسؤولية بالمحاسبة وتطبيق القانون على الجميع وذلك من اجل ضمان الحقوق والواجبات المتقابلة بين الدولة والمواطنين دون ان يفلت احد من العقاب، والح على تفعيل الدستور بشكل كامل وبعدم السماح لاي مسؤول ان يعطل اي مشروع تنموي بسبب خلافات سياسوية لان ذلك يدخل في خانة الخيانة، وغير مقبول ايضا من بعض المسؤولين الفاشلين الذين يعتبرون انفسهم يستحقون مناصب اكبر والذين لا يهمهم الا السباق من اجل المناصب والريع ، ووجود قناعة لدى البعض تعتقد في صحة هذه الاطروحة هي قناعة خاطئة . أحداث الحسيمة نتجت عن تقصير المسؤولين في مهامهم. أبانت منطقة الحسيمة على مواطن الخلل في الاداء التنموي وان الاحزاب لم تؤدي دورها تجاه المواطنين، بل تعمدت تصفية حساباتها السياسوية دون ان تدري ان ذلك سيؤدي الى ضرب مصالح المواطنين وذلك بحكم التفكير بمنطق الربح والخسارة، بل هناك من يفكر بسبق الاسرار والترصد اي بالنية المبيتة او السيئة … وهذا هو السبب في كون القوات العمومية وجدت نفسها مضطرة الى مواجهة المواطنين من أجل الحفاظ على الامن والاستقرار وحماية الممتلكات … حتى ان وصل الامر عند البعض بالاعتقاد ان المقاربة الامنية هي السبب، وهناك من يرى توجهين في حين هناك توجه واحد ويتمثل في الحفاظ على حقوق المواطنين، بل هناك من يستغل ذلك للاسترزاق. لذلك ورغم العدميون فان الامن قام بواجبه وهو شيء مهم بالنسبة لحياة للمواطنين ولأمن الوطن. وللحفاظ على الخيار الديمقراطي… كما أكد جلالة الملك على التطبيق الحقيقي للقانون يقوم على مبدا فصل السلط وعدم تعرض مصالح المواطنين للمساس باعتبار جلالة الملك مسؤولا دستوريا عن سلامة المواطنين وممتلكاتهم دون رجعة عن الخيار الديمقراطي. بعيدا عن التشاؤم لخص جلالته أدوار الدولة في التنمية البشرية والاجتماعية وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية والتاكيد على النموذج التنموي والعمل الاستراتيجي لانه بدون استراتيجية وبدون اطر كفأة لا يمكن تحقيق الأهداف.