بقلم: فاطنة بيضي هاهو بشير الخير قد أتى يحمل بين طياته نورا يضيء عتمة الطريق ويستنهض الارواح لتقوم من سباتها، نعم انه موسم الطاعة والجود والرحمة، وكأني اسمعه ينادي في الافق ( ۞ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ). فقد اقبل موسم المغفرة موسم العتق من النيران موسم حياة الارواح وانطلاق عنانها في سماء الطاعة والعبادة. وفعلا تسارع الناس واستعدو لرمضان أتم استعداد وانساقوا اتباعا لشهواتهم وانفضوا إلى عالم متغير تطبعه حركية دؤبة حيث تنشط الاسواق والمحلات التجارية قبل وخلال رمضان وتدب حركة غير عادية في الشوارع تصل إلى أواخر هذا الشهر العظيم ويغدوا الليل كالنهار كله حركة وحياة، وطبعا بفعل هذه المؤثرات تحول الانسان إلى كائن استهلاكي لايستطيع الصمود أمام إغراء السوق فيما يخص المنتجات الرمضانية، حيث أصبح كل مايهم الانسان هو شبح المعيش اليومي. يخططون في الصباح وينفذوا مخططاتهم في المساء، وكل همهم هو التفنن في إعداد موائد الافطار عوض التفنن في تقوية الذات لا إضعافها وذلك بالجري والانسياق خلف شهوتنا وملذتنا التي لا تزيدنا إلا رهقا وبعدا عن الله!! الكل أصبح يتأمل موائده العامرة بالاكلات والتباهي في نمط عيشه الذي تكسوه في الاصل الانانية والاشباع وتغزوه النزعة الفردانية. فعلا اصبح حالنا يستدعي للشفقة وأننا لاسف لم نفقه بعد الغاية من رمضان، لا أدري كيف لم يستطيع المسلم أن يفطن إلى قيمة هذا الشهر وفضائله فهو فرصة لقهر النفس وحضها على الطاعة والاحساس بالاخر،فشهر الصيام يحظئ بقداسة خاصة ووجب أن تعم مختلف فئات المجتمع فهو شهر التكافل الاجتماعي وإحياء التراث الاسلامي هو شهر التضامن الاجتماعي وتقديم المساعدات إلى الاسر الفقيرة وتنظيم قوافل تضامنية للمحتاجين. لكن الكل أصبحر يستعد لرمضان بطريقته الخاصة وحسب رغبته ،فأهل الباطل والفساد شدوا عزمهم من أجل أن يضيعوا علينا فرحتنا برمضان فشركات الاعلانات وشركات الانتاح كلهم استعدوا بباطلهم وزيغهم وضلالهم، وتآمرو ضد الصائم وإحتواه، وما علينا إلا أن نتفادهم وندير تلفاز ليواجه الحائط. من أجل الاحتفاظ بصواب الرأي وتنوير العقول، والنهوض من مستنقع الانحطاط الاخلاقي ورقي بالقيم والمبادئ، والابتعاد عن هذه العادات القبيحة التي اقتحمت شهرنا وكدرت صفوه وحرمت الكثير من بركاته وجعلت الشهر واجهة لتبذير والاسراف من اجل الطعام والشراب والاحتفال، التي تجرد رمضاننا من قيمه الروحية والتربوية والاجتماعية وبالتالي يصبح عادة موسمية تعج بالموبقات والمنكرات. والأدهى أن يقضي المرء يومه صائما وأول ما يلهث خلفه بعض الافطار هو زيارة المواقع والتعريج على الدردشات الحميمية والغرق فيها ،فتلك وربي بلية عظمى أضفتها مواقع التواصل الاجتماعي وجعلتها من عادات الافطار عندنا، وصدق الصادق الامين حين قال(رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب صائم قائم حظه من قيامه السهر). فرمضان منحة ربانية وهدية مليئة بالكنوز الثمينة تلاتون يوما سريعة الرحيل، وعلة الصيام كما ذكر ربنا في القرأن (لعلكم تتقون) (أياما معدودات) فالاصل هو تحقيق التقوى خلال هذه الايام المعدودة وما التقوى إلا أن يجدنا الله حيث امرنا ويفتقدنا حيث نهانا. والمفروض في الصيام هو عملية لتهدئة النفس وطمأنة للروح والوجدان وهو حقيقة لطيفة على من أحبها واشتاق لها وثقيلة على من لم يريد إستقبالها. وأخيرا إعلم أيها الانسان العاقل أن الوقت في رمضان زمن سرمدي، لايقاس بالدقائق والساعات، بل بما يحققه دعاء او صلاة من معجزات.