جزار أو معشي باللفت.. مثل قد ينطبق على الصحافيات و الصحافيين خصوصا حين "يزغب"الله بعضهم فيقررون الدخول في حركة احتجاجية ما للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية و المهنية ..ليجدوا أنفسهم "معزولين" و لا يرون وسائل الإعلام تتحدث عن همومهم أو مطالبهم المشروعة أو تعكس احتجاجاتهم و تنصت و تنقل معاناتهم إلى الرأي العام و إلى كل الجهات المعنية ..فيصبحون ضحية التعتيم الذي يحار المرء في فهم أسبابه و غاياته عجيب أمر الصحافة و وسائل الإعلام بالمغرب و العاملات و العاملين بها..فهي / و هم يتحدثون و يكتبون في الصفحات الأولى و بالعناوين البارزة أحيانا و في الصفحات الداخلية أحيانا اخرى عن مطالب و نضالات الموظفين و الموظفات و عن هموم و واقع العاملات و العمال بمختلف المؤسسات الإنتاجية و عن إضراباتهم و عن إشكالات أجور رجال الأمن و الجيش و الدرك..و ترقياتهم ..المهم و حتى نختصر ينشرون و يكتبون عن جميع فئات و طبقات المجتمع و بالخصوص المحرومة منها و المتضررة من السياسات المتبعة سواء من طرف الدولة و أجهزتها أو من طرف الباطرونا و أرباب العمل ...و حين تأتي وسائل الإعلام و نساء و رجال الإعلام إلى قضاياهم و مشاكلهم و مطالبهم و حقوقهم..نجد ما يشبه الصمت المطبق ..و حين نأتي إلى حركاتهم الاحتجاجية و نضالاتهم من أجل حقوقهم نجد الصمت الرهيب مناسبة هذه المقدمة ..ما تعرفة الحركات الاحتجاجية التي يخوضها منذ عدة أسابيع صحافيو و صحافيات مؤسسة البيان من إهمال إعلامي من طرف معظم إن لم نقل كل وسائل الإعلام السمعي البصري و المكتوب اللهم من بعض الاستثتاءات التي لا يتجاوز عددها رؤوس الأصابع ليد واحدة حيث أشارت بهذا الشكل أو ذاك لوضعية الصحافيين بمؤسسة البيان دون أن يصحب ذلك مواكبة و تغطية لمختلف أو على الأقل بعض أوجه تلك الوضعية فكيف يمكن تفسير موقف وسائل الإعلام من حركة احتجاجية لزملاء و زميلات في المهنة ..فهل إصدار بيانات و حمل الشارات و التوقف عن العمل ليست أحداثا أو أخبارا ..و إذا كانت أخبارا ألا تستحق النشر ...و إذا لم يتم نشرها في الصفحات الأولى ألا تستحق على الأقل أن تنشر في الصفحات الداخلية ..ثم ألا تخصص جل الصحف ملحقات خاصة بقضايا الإعلام و بالتالي ألا تستحق مثل هذه الحركات الاحتجاجية النشر على الأقل ضمن مضامين تلك الملحقات قد يتم التساؤل حول مدى قيام المعنيين بواجبهم بالإخبار و إطلاع وسائل الإعلام على المعطيات الخاصة بحركاتهم الاحتجاجية و هنا تجب الإشارة إلى أن المكتب النقابي قام بتعميم بيانات عبر الفاكس على كل المنابر الإعلامية في كل محطة من محطاته الاحتجاجية و عبر اللوائح الإلكترونية و الأنترنيت ..و اتصالات بصحافيين وصحافيات عبر الهاتف..الخ إذا ..يمكن الدخول في طرح أسئلة قد تبدو محرجة و لكن لا بأس من طرحها ..و فتح نقاش جدي قد يساعد في خدمة قضايا الصحافيات و الصحافيين فهل عدم نشر أي شيئ عن حركة احتجاجية لصحافيات و صحافيين لا يطالبون إلا بحقوقهم المشروعة تعود فيه المسؤولية إلى أرباب المؤسسات الإعلامية الذين لربما من باب التضامن مع مالك أو مالكي مؤسسة البيان يرفضون نشر أي شيئ يتعلق بهذه الحركة الاحتجاجية ..أم أن هناك قرارا و موقفا موحدا لأرباب و مالكي وسائل الإعلام يقضي بعدم الحديث عن وضعية الصحافيات و الصحافيين و بالخصوص ما يتعلق بأوضاعهم الاقتصادية و الاجتماعية و حقوقهم المهنية و قضايا الاجور و الترقيات و التعويضات ..و حركاتهم الاحتجاجية الخ أم أن الأمر يعود إلى الصحافيات و الصحافيين الذين يعملون بالمؤسسات الإعلامية حيث لا يبالون بمثل هذه القضايا أو أنهم ليس لهم الحماس لطرحها و الدفاع عنها من أجل نشرها من باب واجب المهنة أولا وقبل أي باب آخر كمبدإ التضامن ...و هنا أشير إلى جواب زميلة صحافية حين سألتها لماذا لم تنشر الجريدة التي تعمل بها أي شيئ عن الحركة الاحتجاجية لصحافيي مؤسسة البيان لتجيب بأني عارف باللي أصحاب الجريدة ما كيعجبهومش بحال هذا لخبار ..لأجد نفسي أطرح تساؤلات حول دور الصحافي و هل كل الأخبار يجب أن تعجب أمالين الجرائد.. و إذا كان الصحافي لا تعجبه أيضا بعض الأخبار فهل تحترم آراؤه بعدم نشرها ...لأجد نفسي أراجع أحد المطالب الواردة في بيانات المكتب النقابي لصحافيات و صحافيي مؤسسة البيان و أتأمل فيه جيدا و اعتبرته مطلبا مشروعا و دونه لن تتقدم وسائل المغربية بالشكل المطلوب و يتعلق المطلب بوضع نظام عمل و إقرار ميثاق تحرير و مجلس تحرير و انتخاب هيئة التحرير ...الخ و أكيد أنه إذا تم اعتماد هذه المطالب في مختلف المؤسسات الإعلامية و تم تحقيقها لعرف الإعلام المغربي تحولا جذريا في تعاطيه مع مختلف قضايا البلد و غير البلد ..الخ إن الغالبية العظمى من الصحافيات و الصحافيين في المغرب يعانون من حيف اقتصادي و اجتماعي كبير و محرومون من أبسط حقوقهم ..ففي الوقت الذي يبذلون فيه مجهودات جبارة لعكس معاناة الغير يتناسون هم معاناتهم ..إن عليهم أن يتحدثوا هم أيضا عن معاناتهم ..عن الأجور الهزيلة التي يتقاضونها و انعدام الترقيات و التعويضات الملائمة للمجهودات التي يبذلونها و عليهم إعمال مبدأ التضامن فيما بينهم و أن يفرضوا في منابرهم تناول قضايا زملائهم في المنابر الأخرى ..إن الصحافي(ة)بقدر ما مطروح عليه الدفاع عن الحق في التعبير و الحريات الصحفية بقدر ما مطروح عليه الدفاع عن مطالبه المادية المشروعة و النضال من أجل تحسين الأجور و الحصول على التعويضات و التمتع بحقوقه الاجتماعية ...الخ يتوحد أرباب و مدراء المؤسسات الإعلامية من أجل الحصول على الدعم الحكومي و الاستفادة من مزايا مداخيل الإعلانات و الإشهار و الاستفادة من تخفيضات الورق و الطبع ..الخ و ذلك من حقهم بل و يجب أن نساندهم ..علما أن أغلبهم يستفيدون من أجور عالية و تعويضات مرتفعة و سيارات فارهة للنقل ..الخ فإذا كانت الباطرونا الإعلامية واعية بحقوقها و تعمل من أجل تحقيق مطالبها فكيف لا يقوم نساء و رجال الإعلام من أجل طرح مطالبهم العادلة في مختلف المؤسسات و النضال من أجل تحقيقها و إعمال مبدإ التضامن فيما بينهم