أصدر الوزير الأول يوم 10 مارس الجاري المنشور رقم 2011/1 موضوعه " ترشيد نمط عيش الإدارة والمؤسسات العامة برسم السنة المالية 2011 " يحث فيه على ترشيد النفقات والتخفيف من مظاهر الإنفاق على خدمات تثقل كاهل الميزانية لاسيما فيما يتعلق من بين مصاريف كثيرة ب : - مصاريف وصيانة وإصلاح السيارات؛ - شراء الوقود والزيوت.... جميل أن يصدر مثل هذا المرسوم المرسل رفقته، لكن لنطلع أولا على بعض الممارسات المتعلقة بسيارات المصلحة للوقوف على خطورة ما يرتكب من مجازر في حق المال العام . من بين أهم ما قامت حكومة التناوب بتنفيذه في مجال عقلنة جزئية للتدبير الإداري ، تخفيف الأعباء على ميزانية الدولة بوقف استفادة المسؤولين الإداريين عبر مجموع التراب الوطني ، من سيارات المصلحة وما يستتبع ذلك من تكاليف استهلاكها من البنزين وكلفة الصيانة والإصلاحات المستمرة لهذه السيارات ، التي كانت تثقل كثيرا كاهل الميزانية ،بل كانت هذه القناة تستغل لتنفيذ تلاعبات خطيرة وصلت بعض ملفاتها إلى القضاء حيث طُمس منها ما طُمس وبث في القليل منها، وهو لا يتجاوز بعض أصابع اليد الواحدة. وبناء على تلك المقاربة الحكومية أدمجت في الرواتب التي يتقاضاها هؤلاء المسؤولون تعويضات عن التنقل داخل التراب الخاص بكل عمالة من عمالات البلاد. ويتفاوت الالتزام بهذا الإجراء القانوني ، حسب حرص المسؤولين أنفسهم وكذا رؤساؤهم (المركزيون واللامركزيون) أو عدم حرصهم على المال العام المتأتي من جيوب دافعي الضرائب. لكن أصبحت العديد من الوزارات ، تشهد منذ سنوات خرقا واضحا للقانون في هذا الصدد، حيث يستفيد مديرون وبعض رؤساء الأقسام والمصالح من سيارات المصلحة ومن توابع ذلك من بنزين وصيانة طيلة الأسبوع بما في ذلك السبت والأحد ، داخل الدائرة الترابية التابعة لهم عبر ربوع البلاد ، وتتفشى هذه المارسات أيضا في المؤسسات العمومية وشبه العمومية والجماعات المحلية. هذا مع العلم أن المعنيين بهذا الخرق يتقاضون تعويضا عن سيارة المصلحة مدمجا في رواتبهم الشهرية المستخلصة من المالية العامة. وهذا الموضوع يطرح إشكالية صمت الكثير من الوزراء والمدراء العامين ورؤساء المجالس البلدية والقروية عن هذا السلوك غير القانوني. ومما تجدر الإشارة إليه أخيرا أن سيارات المصلحة لاتتنقل إلا بوثيقة" التكليف بمهمة "وهي وثيقة إدارية لها حجيتها القانونية ،حتى داخل المدينة الواحدة ، مما يستدعي التساؤل عن المسؤولين الذين يوقعون على مثل هذه الوثيقة لفائدة خارقي القانون في المرافق المعنية بهذه الممارسات مع العلم أنهم يعلمون ،علم اليقين ، أن ذلك خرق لحرمة القانون . فلماذا تفشت هذه الممارسات وتواطأت بشأنها العديد من الجهات صمتا أوانتفاعا أوانتهازية لعدة سنوا ت ، لاسيما إذا تذكرنا أن الوزير الأول يحيل في منشوره الجديد على منشور له يحمل رقم 2010/7. لذا من حقنا أن نتساءل عما اتخذه الوزير الأول من تدابير عقابية في حق من خرقوا القوانين في موضوع ترشيد النفقات حرمة المال العام. فمحاربة الفساد لن تتم فقط بإصدار النصوص والمناشير والدوريت وإنما بتفعيل مضامينها ومساءلة منتهكيها ومعاقبة من تبثت مسؤوليته عن خرقها. إن على الحكومة أن تتدخل للحرص على تطبيق القانون وتنمية السلوك القانوني والشرعي لدى مسؤوليها لأن ذلك جزء لا يتجزأ من حماية المال العام. كما أن محاربة هذا النوع من السلوك جزء لا يتجزأ من برامج محاربة الرشوة واستغلال النفوذ.