قيمتها تضاعفت أربع مرات ومظاهر ضعف المردودية وسوء تدبير الموارد البشرية وعدم تفعيل المشاريع مازالت مستمرة شهدت الساحة التعليمية، في الآونة الأخيرة، انعقاد المجالس الادارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وترأس أشغال جلها أحمد اخشيشن، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر. ولاحظ المتتبعون للشأن التربوي أنها المرة الأولى التي انعقدت فيها المجالس الادارية للاكاديميات في بداية السنة المالية، أي وسط الموسم الدراسي عكس الدورات السابقة، وكانت آخر دورة أقيمت في شهر يوليوز من السنة الماضية. وتضمنت أشغال المجالس الادارية الحالية أربع نقط محورية في مختلف الاكاديميات الجهوية، تتعلق الأولى بمشروع الميزانية والثانية ببرنامج العمل لسنة 2011، أما الثالثة فخصت مشروع النظام الداخلي للمجلس الإداري للأكاديمية الجهوية، فيما تناولت الرابعة مراجعة الهيكلة التنظيمية للأكاديميات الجهوية والنيابات التابعة لها. يشار إلى أن النقطة المتعلقة بالهيكلة التنظيمية للأكاديميات والنيابات المنتمية إليها تم تأجيل التصويت عليها في بعض الأكاديميات من قبيل اكاديمية جهة مراكش تانسيفت الحوز وأكاديمية جهة تادلا أزيلال، فيما فشلت لطيفة العابدة في تمريرها خلال المجلس الإداري لدكالة عبدة. وركز الخطاب الرسمي، من خلال الكلمة الافتتاحية لوزير التربية الوطنية في مختلف مجالس الأكاديمية الجهوية، على أولويات السنة الجارية، والتي حددها في «الارتقاء بحكامة المؤسسة التعليمية وبإدارتها التربوية»، معتبرا أن «كل مؤسسة تعليمية لها برنامج استعجالي خاص بها»، وتطوير «نظام تقويم مردودية المؤسسة وإرساء نظام الجودة في تدبيرها»، وذلك عبر «تقليص نسب الهدر المدرسي وتحسين نسب وعتبات النجاح". ويسجل المتتبعون أن انعقاد المجالس الإدارية للسنة الجارية يتزامن مع الشروع في تنفيذ بعض المشاريع الثمانية التي لم تنفذ برسم ميزانيتي 2009 و2010، وفي مقدمتها مشروع تنمية وتطوير التربية البدنية والرياضة المدرسية، ومشروع تحسين نظام التقويم والإشهاد من اجل تحسين نظام تقويم التعلمات من خلال المذكرات الوزارية في شأن تأطير المراقبة المستمرة (من 179 إلى 193) والمذكرة 204 في شأن التقويم والإشهاد ، ومشروع الدعم البيداغوجي، فيما ستظل مشاريع أخرى في قاعة الانتظار، كمشروع التعبئة والتواصل حول المدرسة. ويتساءل العديد من المهتمين بالشأن التربوي، والممارسين تحديدا، حول مآل الهيكلة الجديدة التي تم تداولها خلال الموسم الدراسي الماضي، والتي قيل إنها ستعيد تنظيم مختلف الأقسام والمصالح المركزية ومثيلاتها الجهوية، وكذا إعادة النظر في هيكلة النيابات الإقليمية بما يزيل التداخل الحاصل بين الأكاديمية والنيابات التابعة لها في عدد من الإجراءات والتدابير والعمليات الإدارية والتربوية، ما يجعل إحداهما نسخة مكررة من الأخرى، اللهم إلا الاختلاف الحاصل في الجانب الكمي، ويؤدي ذلك بالتالي إلى تباطؤ وتيرة العمل والتضارب أحيانا في بعض المشاريع. ويضع المتتبعون أولويات سنة 2011 التي نص عليها الخطاب الرسمي موضع تساؤل، إذ يرى بعضهم أن الارتقاء بحكامة المؤسسة التعليمية وبإدارتها التربوية يظل رهينا بعدة شروط يبدو أنها بعيدة المنال على المدى القريب، أي في أفق سنة 2011، والأمر نفسه ينسحب على رهان تطوير «نظام تقويم مردودية المؤسسات وإرساء نظام الجودة في تدبيرها»، وذلك اعتبارا لمجموعة من العوائق والإكراهات ذات الطبيعة المادية والبشرية والتشريعية. إذ في الوقت الذي تضاعفت فيه ميزانيات الأكاديميات أربع مرات مازالت العملية التربوية تراوح مكانها. ومن الإكراهات المادية تأخر افتتاح عدد من الحجرات والمؤسسات المحدثة في سنة 2010، إما بسبب عدم اكتمال بنائها أو عدم توفر القطع الأرضية الضرورية، أو عدم وفاء بعض المقاولات بالتزاماتها أو ضعف انخراط بعض الشركاء. وضمن العوائق البشرية هناك الخصاص المهول في الأطر البشرية المساعدة للإدارة التربوية، سيما في سلك التعليم الابتدائي، وقلة أعداد المفتشين التربويين لتأطير عدد من المشاريع، في مقدمتها التعليم الأولي، ومشروع بيداغوجيا الإدماج في السلكين الابتدائي والإعدادي، ما ترتب عنه تنفيذ الأخيرة دون التحكم في مفاهيم هذه البيداغوجيا وعدم توفير الوثائق في الوقت المناسب وصعوبات التأطير الميداني. وتضاف إلى هذه الإكراهات، اختلالات في التدبير، كبرمجة بعض التكوينات متأخرة، كالتكوين في ديداكتيك المواد والتقويم، والتربية البدنية، والدعم البيداغوجي، وعدم تكوين اطر التعليم الخاص في بيداغوجيا الإدماج، في بعض الأكاديميات. وكذا عدم تفعيل المناطق التربوية وعمد تخرج مفتشين جدد لتغطية الخصاص، وضعف أعداد الأطر البشرية وضعف انتشار ثقافة التدبير، وغيرها من العوامل المعرقلة، التي من شأن القضاء عليها أو على الأقل تخفيفها، أن يسهم في ربح رهانات الخطاب الرسمي الذي يتوخى التحسين والتطوير والارتقاء والجودة.