"أنا اخويا ماعارفش واسمو هو الإجراء اللي داروه بالنسبة الليسانس...". كان هذا جزء من جواب أحد ممتهني تهريب الوقود القادم من الجزائر عندما استفسرناه على مدى معرفته بالإجراء المتخذ أخيرا والقاضي بالاقتصار على نوع واحد من الكازوال بعد عملية تجميع الأنواع الأخرى. هذا المهرب ومثله من الآلاف الذين ينشطون أوضاعهم الاقتصادية من عائدات ممارسة تهريب الوقود في مغامرات مثيرة تبدأ من الحدود البرية الجزائرية المغربية وتنتهي عند ترويج هذه المادة، هذا المهرب إذا لايهمه طبيعة الإجراءات المتخذة وما استجد في عالم النفط، بقدر ما يركز كل ذهنه على الطريقة التي يوصل بها المواد المهربة دون أن تتعرض للحجز. وقال أحد الذين تحدثت إليهم الصباح" أنا كيما جات من لا لجيري نبيعها والحمد لله كاين الكليان كثير...". وهنا يبدو أكيدا أن أي إجراء متخذ بصدد النفط يتكسر في جدار الحدود المغربية الجزائرية حيث تمر يوميا آلاف الصفائح التي تحتوي على الوقود المهرب محمولة على آليات نقل تعرف في المنطقة بالمقاتلات التي تزود الباعة الموجودين على الطرقات في محاور وجدةبركان، وجدةالناظور ،تاوريرت الناظور وغيرها ، إضافة إلى المر ائب والمنازل حتى أضحت بني درار المنطقة الحدودية التي توجد في محيط وجدة تلقب ب"كويت سيتي" في إشارة إلى الرواج الكبير الذي يعرفه الوقود المهرب بهذه القرية التي اقتنع سكانها بأن لامحيد على ممارستهم للتهريب في غياب فرص عمل ومنهم من أصبح من كبار الأغنياء. أما عن نوعية الوقود المهرب من الجزائر ،ومدى توفره على المواصفات المطلوبة ، خاصة أن كثيرا من الشوائب تخترقه وهو ينقل من محطات تلمسان وغيرها إلى التراب الوطني، يقول أحد المهربين في هدا الصدد" يا أخي هاذي غي هضرة، ودعاية ضد التهريب ، باش الناس يتخلاو عليه، وهاذ الشي اللي ما يمكنلوش يوقع"، وأضاف هذا المهرب وهو يتحدث إلى الصباح أن" الوقود المهرب داير خير كبير" وخلص في تصريحه" والله وما كاين هو حتى طوموبيل ما تشوفها في وجدة". الحقيقة أن زبناء الوقود المهرب لايثيرون مسألة الجودة رغم الأعطاب التي تصيب أحيانا محركات اليات نقلهم ، لأن المهم بالنسبة إليهم هو السعر الذي ينحفض بثلاث مرات تقريبا في الحالات العادية ، أما في الحالات التي تتم فيها محاصرة المهربين فان السعر ينخفض بمرتين، والمهم أنه ينخفض دائما عن اللبسعر الوطني، وهو ما يعتبره الزبناء مكسبا تنفرد به الجهة الشرقية عن باقي الجهات، لهذا يتمنون أن يبقى التهريب حاضرا على الأقل فيما يخص الوقود حتى تصمد سياراتهم، وشاحناتهم.، بل إن هذا النوع من التهريب لايستفيد منه سكان الجهة الشرقية بل تجاوز حدودها إلى مناطق بعيدة. الزبناء بدورهم ليسو على علم بالإجراءات المتخذة أخيرا، ولا يهمهم سوى أن تتحرى سياراتهم بأقل تكلفة، وعندما أخبرت أحدهم بهذا المستجد لم يتردد في القول " هاذ الشي إلى كان غادي نشوفوه ونحكموا عليه"، لكن كيف للزبون أن يحكم على مادة غير خاضعة للمراقبة ، هنا أجاب أحدهم قائلا " السيارة هي اللي تحكم عليه.." وهي إشارة توضح أن انعدام المراقبة لايعفي الزبون بالمرة من اقتناء المادة المهربة". سجل أخيرا تحرك الآلة الأمنية لمحاصرة تهريب الوقود من الجزائر بشكل غير مسبوق، فنذرت هذه المادة في الأسواق وارتفع سعرها ، ورغم ذلك فإنها تبقى رائجة باستمرار، وقال أحد المهربين" مادامت الجزائر موجودة، فإننا سنستقبل نفطها، لأن الجزائريين أنفسهم يمتهنون تهريب الوقود"، وأشار أحدهم إن الحصار المضروب أخيرا جعل المهربين يبحثون على مسالك أخرى ونجحوا في ذلك فعلا، فالتجربة علمت المهربين أن يتكيفوا مع كل الأوضاع ، والمهم أن يتمكنوا من ترويج الوقود المهرب لأنه أضخى جزءا من كيان الأسر التي لايمكن أن تتغذى إلا بعائداته. إن تهريب الوقود كانت له انعكاسات وخيمة على محطات الوقود بالجهة الشرقية التي أصبح أغلبها عبارة على آثار، وعوضتها محطات وقود متحركة لاتعير اهتماما للجودة وغيرها. أما المحجوزات وهي بالاف الصفائح وكما سبق لمسؤول جمركي سابق رفيع المستوى أن أكد في ندوة صحفية عقدت بالناظورقائلا" إن المحجوزات لاتباع ولاتهرق ولاتحرق"، ما يعني أنها تستعمل أيضا، والأكيد أنها سوف لن تخضع إلى المراقبة مع الاجراء الجديد.