أقدم رحلة عربية ورد فيها وصف فرنساوهولندا وقرار نفي الأندلسيين يعد كتاب ناصر الدين، حسب محققه الباحث والمؤرخ المغربي محمد رزوق، أهم مصدر تاريخي أندلسي كتب بعد صدور قرار النفي، فصاحبه يتكلم وهو بمنأى عن محاكم التفتيش، يجادل المسيحيين واليهود، ويستعرض من خلال ذلك ما فعله الإسبان بالموريسكيين، وظروف انتقالهم إلى شمال إفريقيا.يقول محمد رزوق في تقديمه للكتاب، وصل المؤلف أحمد بن قاسم الحجري المدعو أفوقاي إلى المغرب أواخر عهد المنصور الذهبي واشتغل لديه بالترجمة، كما قام بالمهمة نفسها لدى السلطان زيدان، وابنه عبد الملك والوليد. وأهم ما يمكن تسجيله في حياته سفارته عن السلطان زيدان إلى فرنساوهولندا، وهي السفارة التي فصلها في كتابه ناصر الدين. ثم ذهابه إلى الحج عام 1046 ه / 1636 م، وتوفقه بمصر، ومن هناك إلى تونس، حيث تنقطع أخباره فلا ندري متى توفي ولا أين؟ أما أعماله المعروفة فهي "رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب" ألفها بطلب من الشيخ علي الأجهوري ليثبت فيه مناظراته مع المسيحيين واليهود. يعد الكتاب أهم مصدر تاريخي أندلسي كتب بعد صدور قرار النفي على الأندلسيين، ويستعرض ما فعله الإسبان بالمورسكيين، وظروف انتقالهم إلى شمال إفريقيا. يشير الباحث المغربي محمد رزوق، إلى أن هذا الكتاب وضعه الشهاب الحجري كمختصر لكتابه "رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب" بناء على طلب الشيخ علي الأجهوري بمصر سنة 1047 ه/ 1637 م، لكننا لا نملك حاليا هذه النسخة، وتوجد بين أيدينا نسخة كان المؤلف أتمها بتونس سنة 1054 ه / 1641 م، وهي بخط المؤلف نفسه. وتوجد بدار الكتب بالقاهرة رقم 1634 ت، ولحد الآن لا نملك إلا هذه النسخة، وهي بخط مغربي. وباعتبار "رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب الكتاب"، أقدم رحلة مدونة باللغة العربية كتب بعد صدور قرار النفي على الأندلسيين، وورد فيها وصف فرنساهولندا ومدنهما الكبرى، وهذه فصول منه في حلقات. بداية العلاقات الهولندية المغربية يمكن اعتبار القرنين السادس عشر والسابع عشر أساسيين في تدشين أسس جديدة في العلاقات القائمة بين هولندا والعالم العربي، وبالأخص المغرب العربي. وشجع على مزيد من التقارب وجود عدو مشترك آنذاك، هو إسبانيا الكاثوليكية، التي طردت العرب من الأندلس، واضطهدت من يقي من المسلمين، وكانت في الوقت نفسه في حالة حرب مع الهولنديين. وصول الهولنديين إلى شاطئ شمال إفريقيا في أواخر القرن السادس عشر وبدايات القرن السابع عشر، ساعد الهولنديين على إجراء اتصالات مع السعديين، وتبلورت في أول اتفاق هولندي – مغربي تم التوقيع عليه في لاهاي في دجنبر 1610، أي بعد عام من إرسال أول سفير مغربي إلى هولندا. وتم بموجبه ضمان حرية ملاحة السفن التجارية والحربية الهولندية في الموانئ المغربية مقابل السماح للسفن المغربية في الإبحار في الموانئ الهولندية. كتاب (رحلة أفوقاي الأندلسي) يوثق أول رحلة لعربي مسلم إلى هولندا، ويسجل انطباعاته ووصفه لبعض المدن الهولندية مثل لايدن ولاهاي وأمستردام، إضافة إلى مناظراته مع اليهود والمسيحيين. عن أهمية هذا الكتاب قال محققه الباحث والمؤرخ المغربي محمد رزوق، "أهمية هذا الكتاب أنه يسجل أقدم وصف لمدينة لاهاي كتب بالعربية. وعن الدافع الأساسي في رحلته إلى هولندا التي يسميها فلنضس على ضوء التسمية اللاتينية الشائعة حينذاك Flandes، (وهي التسمية التي تطلق حاليا على الأقاليم البلجيكية الناطقة بالهولندية) كتب أفوقاي الأندلسي: "نمشي إلى فلنضس، لأنهم لا يضرون المسلمين، بل يحسنون إليهم".على أن هذه الإشادة بحسن معاملة الهولنديين لا تقتصر على المسلمين وإنما تشمل اليهود الذين يمتعون بحرية دينية لا مثيل لها في جميع البلدان الأوربية. وتزامنت زيارة الحجري الأندلسي إلى هولند مع صعود حركة الإصلاح الديني، وانتشارها في هولندا، ويكتب عن ذلك "وبعد أن ظهر في تلك البلاد رجل عالم عندهم يسمى بلُطْرِيLuther. ، وعالم آخر يسمى بقَلْبِن Calvin، وكتب كل واحد منهما ما ظهر له في دين النصارى من التحريف، والخروج عن دين سيدنا عيسى، والإنجيل، وأن البابا برومة يضلون الناس بعبادة الأصنام، وبما يزيدون في الدين، بمنع القسيسين، والرهبان من التزويج، وغير ذلك كثير. ودخل في هذا المذهب جميع أهل فلنضس"، في إشارة إلى اعتناق البروتستانتية من قبل أغلبية الهولنديين.