اذكر انه كان لي شرف التعرف على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بداية الثمانينات من القرن الماضي ، كان ذلك من خلال أعضاء الجمعية الطلبة بفاس ، الذين كانوا ينظمون في بعض المناسبات الوطنية والدولية أنشطة حقوقية بجامعة ظهر المهراز : ( أسبوع الطالب الجديد – يوم المعتقل – اليوم العالمي لحقوق الإنسان – اليوم العالمي للمرأة –يوم الأرض ...) . كان أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان آنذاك يحاولون نشر قيم حقوق الإنسان وسط الطلبة بوسائل وإمكانيات محدودة ، مثل حلقات النقاش وعرض أدبيات الجمعية كالكتب والمطويات والجرائد والبيانات والبلاغات والتقارير . تمكنت عبر هذه الأنشطة من التعرف على تاريخ الجمعية ومبادئها وأهدافها وهياكلها ومواقفها من أهم القضايا التي كانت مطروحة على الساحة وطنيا ودوليا . كان المغرب في تلك الفترة يمر بسنوات الجمر والرصاص ، وكان الصراع على أشده بين الحكم والمعارضة ، لذلك فان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – والتي لم يسلم اعضاؤها من القمع والاضطهاد – كانت تركز كل جهودها على حماية حقوق الإنسان خاصة السياسية ، بحكم أن السجون كانت مكتظة بالمختطفين والمعتقلين السياسيين والنقابيين ومعتقلي الإحداث الاجتماعية لسنة 1981 و 1984 . لقد طرحت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بكل جرأة قضايا حساسة كانت تعتبر من الطابوهات ، طرحت قضية الاختطاف السياسي ، وكشفت عن أماكن الاختطاف التي كان بعضها معروفا وبعضها مجهولا من طرف الرأي العام ، كقلعة مكونة وتازمامارت والكوربيس ودرب مولاي الشريف واكدز، طرحت ملف اختطاف واغتيال الشهيد بنبركة ونادت بمحاسبة المسؤولين ،طرحت ملفات تعذيب روال وكرينة ورحال وسعيدة حتى الاستشهاد ، باختصار طرحت كل الملفات الحقوقية وبدون تحفظات . بعد أربع سنوات من التحصيل العلمي والأحلام الثورية ، غادرت الجامعة والتحقت بالحياة المهنية بمنطقة الراشيدية ، وكان من بين المهام الأولى التي أقدمت عليها الانخراط بفرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان ، الذي تم تأسيسه في بداية التسعينات ، أي في المرحلة التي يصطلح عليها عادة أثناء التأريخ للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمرحلة الانبعاث . ولما انتقلت إلى مدينتي الأصلية بوعرفة بالجنوب الشرقي للمغرب ، كان من بين المهام التي أنجزتها رفقة مجموعة من المناضلات والمناضلين تأسيس فرع للجمعية يوم 10 دجنبر 1994 وهو اليوم الذي يصادف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . إن المتتبع لتطورالجمعية المغربية لحقوق الإنسان سيلاحظ بأنها تنمو بنمو طموحات هذا الوطن ، فبعد أن كانت جمعية صغيرة عدد أعضائها لا يتجاوزون بضع مئات ، وفروعها لا تتجاوز العشرين ، توسعت تنظيميا فأصبح عدد المنخرطين يقترب من العشرين ألف ، ووصلت الفروع إلى مائة فرع بالداخل والخارج . ما يحسب للجمعية المغربية هو المبدئية في التعامل مع حقوق الإنسان ، فانطلاقا من مبدآي الكونية والشمولية دافعت عن الصحراويين والسلفيين الجهاديين والطلبة والمعطلين والمهمشين والنساء والرجال والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة ورجال الأمن و العسكريين والمهاجرين ... الخ أي دافعت عن كل الضحايا بغض النظر عن أي اعتبار، فانتدبت المحامين وانتصبت كطرف مدني ، وأصدرت البيانات والتقارير والتقارير المضادة ، وفضحت المنتهكين بكل الوسائل السلمية الممكنة . ما يحسب لها أيضا هو الاهتمام بحقوق الإنسان في شموليتها ، فهي ليست جمعية مختصة ، إنها تهتم بكل الحقوق ، لذلك فانتظارات المغاربة منها لا حدود لها . فلكونها تهتم بحقوق الإنسان في شموليتها يراد منها أن تنوب عن الأحزاب والنقابات والجمعيات النسائية وجمعيات المدافعة عن ذوي الاحتياجات وجمعيات المهاجرين ...الخ بل أن البعض يحاول أن يحملها فوق ما تحتمل من طاقة . إن دينامية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أصبحت تقلق أعداء حقوق الإنسان الذين يتربصون ويتحينون الفرص للانقضاض عليها ، لكن الجمعية ستظل قوية وشامخة بمناضلاتها ومنا ضليها المستعدين لحمايتها والسير بها إلى الأمام . فتحية تقدير واعتزاز لكل مناضلة ومناضل بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، ولفروعها ولجانها التحضيرية بالداخل والخارج . تحية إجلال وإكبار لكل من يسعى إلى استمرارا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان موحدة تدبر الاختلاف في الائتلاف . تحية مودة وعرفان للرؤساء والرئيسات السابقين للجمعية المغربية لحقوق الإنسان الأحياء منهم والأموات : علي اومليل – الحيحي – عبدالرحمن بنعمرو- عبدالحميد امين – خديجة الرياضي . تحية للمؤتمر العاشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان المنغقد ببوزنيقة ايام 19-20-21 ابريل 2013 تحت شعار " نضال مستمر ووحدوي من اجل دستور ديموقراطي يؤسس لقيم حقوق الإنسان الكونية " . وجميعا من اجل تحقيق كل الأهداف المسطرة .