فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادات وتقاليد إعداد وتقديم المأكولات والمشروبات
نشر في الوجدية يوم 11 - 10 - 2012

تختلف العادات والتقاليد في إعداد وتناول الأكل والضيافة، بين شعوب العالم المختلفة، وقد تبدو عجيبة وغريبة في بعض المناطق من العالم، ومع ذلك فهي باقية منذ مئات السنين حتى الآن، وما نعتبره نحن عجيبا غريبا، يبدو طبيعيا عند غيرنا.
فمن غريب ما يتناوله الإنسان في بعض المناطق وعلاقته ببعض المعتقدات أن الكثير من الشعوب تعتقد أن القلب مصدر الدم، وأن أكل قلب شخص ما ينقل جميع صفاته التي كان يتحلى بها قبل مماته. ففي بعض مناطق غرب أفريقيا يتعين على زعيم القبيلة الجديد أن يأكل قلب سلفه السابق، كي يكتسب شجاعته. وتعتقد شعوب أخرى في أهمية أكل قلب الأسد أو الدب باعتباره مصدر قوة وشجاعة، حتى إنه يذكر أن أفراداً من قبيلة «الأشانتى» (الهنود الحمر) أكلوا قلب «السير تشارلز ماكارش» عام1843م، اعترافاً منهم بشجاعته بعد أن نجحوا في قتله في المعارك. كما كان الرومان يفضلون كبد حيوان وحيد القرن أو «الخرتيت» باعتباره عظيم القيمة، بينما عشق الإغريق كبد الأوز. وعرف قدماء المصريين علاج مرض «العمى الليلي» أو ما يسمى «العشى الليلي» بأكل الكبد (علمياً يعد الكبد مصدراً ثراً لمادة «الكاروتين» الضرورية لسلامة العين) كما استخدمه (أي أكل الكبد) سكان منطقة نهر «المسيسبي» في أمريكا، حيث اعتقدوا في علاج الجروح بوضع كبد عجل فوقها (ولها ما يبررها علمياً، أي أنها عادة صحيحة.
وهناك من يأكل الجراد من المسلمين، وهو حلال بينما يأنف منه البعض الآخر. بينما توجد مجموعات من الشعوب غير المسلمة التي تفضل أكل الكلاب والقطط والديدان والخفافيش في جنوب شرق آسيا، والقرود وجوارح الطيور في أفريقيا.. غيرها.
وهو ما يشير إلى أن العامل الفاصل في عادات تناول الأكل هي العادات والتقاليد، كذا المعتقدات الدينية.
أما سلوكيات الشعوب أثناء تناول الطعام فتبدو مختلفة أيضاً.. فالإيطالي يعلو صوته وهو يتناول الطعام ولا مانع عنده من التشاجر وتبادل السباب وإطلاق النكات، وهو يأكل ويعب عباً من النبيذ. والفرنسي يحول المائدة إلى جلسة حوار ونقاش حاد ومهم (ربما)، وقد يمتد الطعام إلى ساعتين أو أكثر. والإسباني يعد ذواقة، ولا يقطع الأكل إلا ليقوم إلى حلبة الرقص خصوصاً رقصات الفلامنكو. بينما اليوناني لا يعيش بلا رقص وغناء ولا ينسى على المائدة المقبلات من شرائح الجبن وحبات الزيتون الكلاماتا ومحشو ورق العنب. وعند الأمريكي فلا وقت يضيعه على المائدة، يفضل أن يأكل في أي مكان، وفي محلات «التيك أواى» وفى السيارة وفي ساحات الانتظار كل ذلك أثناء الحوار والنقاش حول العمل!
لذلك تقسم المطاعم في الفنادق الكبيرة في العالم الآن، إلى مطاعم إيطالية، أو فرنسية أو كورية.. وهكذا، حيث تقدم المأكولات المناسبة لكل تخصص، وأيضاً طريقة التقديم.
أما آداب الطعام مثل «المضغ دون صوت».. عند شعوب الإسكيمو يكون للمضغ صوت، ويتلمظ بعد الطعام، للدلالة على تذوقه واستساغة طعمه، كذلك الكثير من مناطق أفريقيا الوسطى. بينما عند المسلمين لقيت آداب الطعام وخصاله وما يتعلق به من مفاهيم وقيم، اهتماماً متزايداً، حتى إن أحد أعلام العربية «أبوحيان التوحيدي»، تناوله في أهم كتبه.
وقد أوجز «أبو حيّان التوحيدي» (312-414ه)، في كتابه المهم «الإمتاع والمُؤانسة» الذي فيه «عادات الأكل والضيافة».. الكثير من أصناف الطعام وما يتعلق بها من قيم وعادات، بداية من استقبال الضيف ببشاشة الوجه والإكثار من الحديث عند المؤاكلة بحضور الضيف. جاء في الليلة السادسة (من أربعين ليلة يتألف منها الكتاب): «عُرف عن العرب بأنّهم أمة قدّسها اللّه -عزّ وجل- وجبلها على أشرف الأخلاق، ودائماً يفتخر العربي: «يفتخر بالمَحْمَدة، وينتحل النجدة، ويضحك في وجه الضيف ويستقبله بالبِشر، ويقول: أحدّثه إِنّ الحديث من القِرَى». بينما عقد في الليلة الحادية والثلاثين في بحث شؤون أمر المطعمين والطاعمين، وأفاض في ذكر عادات الأكل والضيافة عند العرب مُستشهداً بأقوال الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام، وعدد من أقوال الشعراء على اختلاف عصورهم الأدبية. بدأ حديثه بأقوال بعض السلف عن الطعام: «هو أهونُ مِن أن يُحثَّ على تناوله»، وإنّ من كرم الضيافة العربية أنّ «أسماء بن خارجة» قال: «ما صنعت طعاماً قط فدعوتُ عليه نفراً إلاّ كانوا أمنَّ عليَّ مِنِّي عليهم»، وذكر ما حدث لامرأة جاءت إلى «الليث بن سعد» وقد طلبت عسلاً لزوجها المريض فأعطاها عَسَلاً أكثر ممّا طلبت، ليشير إلى كرمه.
وهناك مَن كان يكرم جيرانه حتى لو كانوا أربعين داراً مثل أحدهم الذي كان يبعث لهؤلاء بالأضاحي والكسوة في الأعياد، فضلاً عما يعتق في كلّ يوم عيد مئة مملوك.
وما يؤثر عن طعام النبيّ عليه الصلاة والسلام، بقول السّيدة عائشة -رضي اللّه عنها- في بكائها عليه: «بأبي مَن لم يَنَم على الوثير، ولم يَشْبَع منِ خُبز الشعير».
بعدها امتد حديث التوحيدي في أمر المُطعمين والطاعمين إلى الليلة الثانية والثلاثين، فأنشد فيها لطائفة من الشعراء عن الأكل والضيافة العربية، وفي تقديم الطعام بأصنافه للضيوف.
وضمت هذهِ الليلة أشعاراً وأراجيز في حقِّ الضيافة العربية وتقديم الأكل لطائفة من الشعراء وكانت موائد الطعام تُعدُّ إعداداً كبيراً عند العرب، أولئك الذين عرفوا أصناف الأطعمة والمأكولات، التي كثر عددها خلال العصر العباسي، واختلاط الأقوام غير العربية في الحضارة الإسلامية بالأقوام الوافدة.
وأشار التوحيدي في الليلة السادسة خلال ردِّه على الجيهاني الفارسي عندما أشار بقوله إلى أن الجاهل عنده من: «لبس الثوب الناعم، وأكل الخبز الحُوّاري، ... وشرب الرحيق، وطَعِم العُشْب، وشَرِب الماء القَراح». ولكنّ الأطعمة الشعبية وأصنافها العديدة هي مثار اعتزاز عند الناس. وينقل عن «أبي حيان» تلك الواقعة، فحينما دُعِي «أبو خليفة المفضّل بن الحُباب» إلى وليمة رأى: الصِّحاف تُوضع وتُرْفَع، فقال: أللِحُسْنِ والَمنْظَرِ دُعينا، أم للأكل والمخبر؟ فقيل: «بل للأكل والمخبر» فقد استغرب ودُهش ابن الحباب ممّا رأى لكثرة الصِّحاف التي وضع فيها الطعام المنوع، فظنّ أنّ ذلك هو للفرجة لا للأكل، حتى إنه عندما قيل له إنها للأكل والمخبر قال: «فاتركوا الصَّحفة يُبلَغْ قَعْرُها».
كما عدد التوحيدي أصناف الأطعمة التي أحبها رسول اللّه محمد عليه الصلاة والسلام.. «كالهريسة، والحَيْس وهو السويطة والرغيفة من اللبن المطبوخ، وهي العصيدة، والحريرة، والنجيرة، والحَسَُوّ، واللوقة، الرُّطب بالسَّمنِ، والسليقة الذرة المدقوقة، والرصيعة الحنطة المدقوقة أيضاً والمطبوخة بالسَّمن، والوجيئة التّمر الذي يوجأ ثم يُؤكل باللبن، ولبن الخَلِفَة والنّخِية والقطيبة وهو لبن الإبل المخلوط بلبن الغنم».
وعند «أبي حيان» أن صنف «الَصْيحَانيّة المُصَلَّبة» أطيب مُصنفة أكلها الناس بقول بعض العرب، وهي نوع من التمر الصلب المضغ في المدينة. ويرى أن هناك طعاما يضرّ الإنسانُ: «طعام ضُراً ما كان من عام إلى عام، وهو الَّلَبأَ الذي لا يوجد إلاّ في الولادة كل عام وإن كان مزبداً» أما عندما تجدب السنة ويحصل قحط في البلاد، فقد أكل الناس: «التَّناقيط، بأن يُنزع شعر الجلد وُيلقى في النار ثم يؤكل».
ولعل أطرف ما يطالعه القارئ في كتاب حول صنوف الأكل وعادات تناوله، يجده في كتاب رحلات «ابن بطوطة»، المسمى «تحفة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» هي تلك الأكلات التي تناولها «محمد بن أبي عبدالله بن محمد بن عبدالله بن إبراهيم الطنجى» نسبة إلى «طنجة» المدينة التي ولد فيها في المغرب!
ليس فقط لأنها تجعلنا نتعايش مع جملة الأحداث والأقوال والسرد الجذاب، ونتعرف على أنماط الحياة وأشكالها في أغلب المعمورة في تلك الفترة من القرن الرابع عشر الميلادي (من 1325م حتى 1349م).
بل هي ضمن عناصر أخرى ضمنها «ابن بطوطة» كتابه، بحيث بات من أهم ما كتب، إن لم يكن أهم كتب الرحلات في العربية في مجال أدب الرحلة، وهو ما قال به الباحثون والمستشرقون، وأكده البحث الأدبي المعاصر، نظرا لتجاوز الرحالة كل ما كتب من قبله، وربما ما كتب بعده لعدة قرون.
لم يكن الكتاب في منهجه سرداً وصفياً، يعتمد على كل ما هو غريب ومدهش-وربما مبالغ فيه إلى حد اختلاق الأحداث والتأويل معاً- حتى إن البعض (غير ابن بطوطة) كان يعمد إلى سرد كل ما يقال له أو يسمعه دون تحقيق أو توثيق، بل يكتفي بالعلل والأسباب التي سرعان ما يرفضها القارئ الحصيف (اليوم).
فضلا عن البعد الاجتماعي والتأريخي في منهج كتابة هذه الرحلات، على العكس من كل كتابات تلك الفترة. فالقارئ لكتاب الرحلات يتعرف على بعد اجتماعي مهم لجماعات الناس والشعوب التي انتقل إليها «ابن بطوطة»، وتعامل معها.. مثلما يتعرف على معلومات تاريخية أوردها الرحالة بالنظر إلى جموع الناس أو الشعوب دون التوقف عند تاريخ السلاطين والملوك فقط.
لذا كان اختيار عرض «الأكلات» التي تناولها «ابن بطوطة» بنفسه، والتي لم يتناولها أيضا وقد عافت نفسه بعضها، وكذا رفض تناول بعضها الآخر لأسباب دينية، مثلما فعل مع مأكولات الحيوانات الغامضة والكلاب والقطط التي تتناولها بعض شعوب منطقة جنوب شرق آسيا.. وكذا رفض شرب «النبيذ» المصنوع من تخمير بعض الفواكه والحبوب، وأيضاً «البوزة». وفى مجملها تعبير عن كونها تعكس البعد الاجتماعي، من مظاهر العادات والتقاليد وكذا المعتقدات والأفكار الدينية.
كما تناول «ابن بطوطة» جملة العادات (الطقوس) المصاحبة لتناول الطعام، وما قبله وما بعده، باعتبار أن تناول الطعام تعبير عن قيم اجتماعية، مثل كرم الضيافة، التي تتبدى في الصراع من أجل استضافة الرحالة ورجاله، إلى حد أنه يحدث الخلاف (أحياناً) بين المضيفين، ولا حيلة إلا بالمقارعة (أو عمل قرعة مثل إلقاء عملة، وأحد الطرفين يختار إما الصورة أو الوجه الآخر).. كما يبدو بمتابعة ما يتم تناوله من مأكولات، وتقاليد الضيافة يمكن الولوج إلى بعض القيم الدينية التي تتفاعل مع حياة الناس اليومية في تلك الفترة، خصوصا أن الرحالة عبر القارات الثلاث المعروفة في زمنه (قبل اكتشاف الأمريكتين).. فقد خرج من مدينة «طنجة» ببلاد المغرب العربي في أقصى الغرب، حتى جزيرة «جاوة» أو إندونيسيا الآن في أقصى الشرق، مارا بالشمال الأفريقي، ثم الجزيرة العربية وبعض مناطق أفريقيا، ثم الجزيرة العربية والشام، ثم الجانب الشرقي لأوروبا، ثم بلاد فارس وتركيا، وبلاد الهند والسند والصين والتبت وأفغانستان شمالا، حتى استقر لعامين في «جاوة». بالإضافة إلى قيامه برحلة مستقلة إلى بلاد «الأندلس».. (الإشارة إلى البلدان في غير الترتيب الفعلي للرحلات).
لم يكن تناول «ابن بطوطة» لموضوع «الأكلات» في كتابه، منفصلاً عن منهجه في إبراز الجانب الاجتماعي (السوسيولوجي) وإن بدا على غير تعمد. فقد كان الرحالة من قبله يسردون في كتاباتهم جملة الأحداث والأحوال من خلال ما يروى لهم أو يشاهدونه، وقد يتوقفون أمام مدح هذا السلطان أو الملك أو الأمير أو ذمه. بينما انحاز «ابن بطوطة» إلى عامة الناس، وقص عنهم ووصف أحوالهم بموضوعية ودون مبالغة.
فقد عرض لتلك المأكولات في مواضع تبرز أنواع المأكولات المختلفة، وكذا طبائع الناس في إعدادها في هذه البلدة أو تلك، مع وصف الملامح الجغرافية للبلاد التي يزورها.. إن كانت ساحلية أو صحراوية أو جبلية أو زراعية، ثم كثيراً ما يعرض لطريقة تقديم تلك الأطعمة والمأكولات، ثم المشروبات، وهو ما يبرز بعض التقاليد والقيم أيضاً.
ففي مدينة «منفلوط» بمصر، يقول:
«في هذه المدينة إحدى عشرة معصرة للسكر، ومن عوائدهم أنهم لا يمنعون فقيراً من دخول معصرة منها، فيأتي الفقير بالخبز الحار فيطرحه في القدر التي يطبخ السكر فيها، ثم يخرجه، وقد امتلأ سكراً فينصرف به».
في تلك الفقرة القصيرة، يكشف «ابن بطوطة» عن مظاهر الحياة الإنتاجية للمدينة الصغيرة بصعيد مصر، والمعروف عنها إنتاج السكر (حتى الآن).. وكذا الملمح الاجتماعي المهم، بتكافل الفقراء وإتاحة فرصة تناول بعض من السكر مع الخبز، ولعلها من المأكولات التي مازالت شائعة خصوصاً في أرياف مصر، أثناء يوم الخبيز، فعادة ما تأخذ الأم رغيفاً وتملؤه بالسكر أو السكر والسمن أو العسل وتغمس الرغيف الساخن فيها، وتطعم به أطفالها.
وفى جزيرة «سيلان» أو دولة «سريلانكا» الآن، يقول بعد وصف الترحاب بمقدمه (مع رفاقه):
«يطبخ لنا بعض اللحم، فيأتون به في قدورهم، ويقعدون على بعد منا، ويأتون بأوراق الموز فيجعلون عليها الأرز وهو طعامهم، ويصبون عليه «الكوشان» أو الإدام، ويذهبون فنأكل منه».
يلمح القارئ أن ما تم تقديمه أساساً، هو الأرز واللحوم.. وأن طريقة التقديم لتلك المأكولات بسيطة، عبارة عن أوراق شجرة الموز العريضة وفوقه يوضع الأرز واللحم ويصب الإدام. بينما القائمون على خدمتهم يخرجون أثناء تناول الطعام، كما لا توجد «صحاف» أو أوانٍ لوضع المأكولات. وهو ما يشير إلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي لتلك البلاد في تلك الفترة.. ثم خروج من يقومون على خدمتهم، يشي بأخلاقيات هؤلاء القوم، حتى لا يحرج الضيف حتى يتناول طعامه في سكينة.
بينما يصف أكلات «مقديشو» (الصومال)، التي يقوم على حكمها السلطان «أبوبكر ابن الشيخ عمر»، بأن يعرض لكلمات الترحاب التي بعث بها السلطان فور علمه بمقدم «ابن بطوطة» ومن معه. فيدخل أحدهم قائلا: «مولانا يسلم عليكم، ويقول لكم قدمتم خير مقدم» (ثم وضع الطعام) وهنا يبرز دوما الترحاب بتقديم الطعام.
«.. طعامهم الأرز المطبوخ بالسمن، يجعلونه في صفحة خشب كبيرة، ويجعلون فوقه صحاف الكوشان أو الإدام من الدجاج واللحم والحوت (السمك) والبقول. ويطبخون الموز قبل نضجه في اللبن الحليب، ويجعلونه في صحفة، ويجعلون اللبن المروب في صحفة، ويجعلون عليه الليمون المصبر وعناقيد الفلفل المصبر المخلل والمملوح والزنجبيل الأخضر والعنب قبل نضجه (ثم يصف العنب بعد نضجه معجبا بطعمه اللذيذ وأنه يشبه التفاح لكنه صغير الحجم، مما يعتقد معه أن العنب لم يكن معروفا في بلاد المغرب العربي في تلك الفترة)، وهم إذا أكلوا لقمة من الأرز، أكلوا بعدها من هذه الموالح والمخللات.»
ثم يضيف جملة قائلاً:
«الرجل الواحد من أهل مقديشو يأكل قدر ما يأكله جماعة منا».. وهو ما يكشف عن طباع سكان تلك البلاد.
فلما وصل «بلاد الروم» مدحها، ووصفها قائلاً:
«بلاد الروم من أحسن أقاليم الدنيا، فأهله أجمل الناس صوراً وأنظفهم ملابس وأطيبهم «مطاعم»... وكنا متى نزلنا دارا، يتفقد أحوالنا الجيران، من الرجال والنساء، وهن لا يحتجبن، ومن عاداتهم أن يخبزوا في يوم واحد في الجمعة، فكان رجالهم يأتون إلينا بالخبز الحار في يوم خبيزه، ومعه الإدام الطيب، ويقولون لنا: إن النساء بعثن هذا إليكم وهن يطلبن منكم الدعاء، وجميع أهل هذه البلاد على مذهب الحنفية ومقيمين على السنة لا فيهم قدري ولا معتزلي ولا مبتدع». (وإن عاب عليهم أنهم يشربون النبيذ).
لعل الملمح الاجتماعي المهم في تناول المأكولات هنا، هو دور المرأة البارز، فمكانة المرأة واضحة، ودورها جلي وقيمتها مقدرة ومحترمة.. وهو ما تجلى في أن الضيافة باسم الزوجات والمأكولات من إنتاجهن.
فيما قال «ابن بطوطة» أثناء تواجده في إحدى مناطق «تركيا»:
«هؤلاء الأتراك لا يأكلون الخبز ولا الطعام الغليظ، وإنما يصنعون طعاماً من شيء يشبه «الآتالى» أو العنب.. يجعلونه على النار الماء، فإذا غلى، صبوا عليه شيئا من «الآتالى» أو «العنب»، وإن كان عندهم لحم، قطعوه قطعاً صغيرة وطبخوه، ثم يجعل لكل رجل نصيبه في صحيفة، ويصبون عليه اللبن الرائب ويشربونه، ويشربون لبن الخل.. وهم أهل قوة وشدة وحسن مزاج».
بتلك الجملة الأخيرة، يشير «ابن بطوطة» إلى أن تناول الطعام بكميات كبيرة، ليس هو سر القوة وحسن المزاج، وهي رؤية صحية أو طبية يقول بها أطباء اليوم. وعلى الجانب الآخر نشير إلى أن الرحالة لم يكن منبهرا ولا منفعلا ولا حتى صاحب آراء مسبقة، وهو ما تأكد في أكثر من موضع في كتابه.
ويتابع وصف أكلات تلك المنطقة فيقول:
«ويستعملون في بعض الأوقات طعاما يسمونه «البورخانى»، وهو عجين يقطعونه قطعاً صغيرة، ويثقبون أوساطها، ويجعلونها في قدرة، فإذا طبخت صبوا عليها اللبن الرائب، ويشربونها.. ولهم نبيذ يصنعونه من العنب.»
وأيضاً تبدو وجبة خفيفة وليست غليظة على حد تعبير «ابن بطوطة».
فلما وصل منطقة «أوزبك»، وأصبح في ضيافة سلطانها (في رمضان)، وجاء وقت الإفطار، أحضروا لحوم «الخيل» وهي أكثر ما يأكلون من اللحوم، ثم لحوم الأغنام بعدها. ولحوم الخيل تطبخ وتشرب باللبن.
وفى هذه الليلة صنع «ابن بطوطة» ورجاله بعض الحلوى على طريقتهم، وقدمها إلى السلطان بعد الإفطار، إلا أن السلطان وضع إصبعه السبابة عليها ثم وضعه على فمه، ثم قال: «لو قتلتني لن آكل تلك الحلوى!!».
وهو ما يكشف للقارئ أن تذوق الأطعمة قد يبدو مختلفاً من فرد إلى آخر، بل من منطقة إلى أخرى، وأن التذوق غالباً ما يعد من العادات المكتسبة منذ الطفولة.
قبل أن يترك «ابن بطوطة» بلاد تركيا، استقر مدة على إحدى البلدان على حدودها، فأقام وأكل وشرب، إلا أنه بعد عشاء اليوم الأول، قدموا له ما أسموه «ماء الدهن»، ما إن تذوقه عرف أنه نبيذهم، وتسمى «البوزة»، ولعلها «البوزة» التي كانت تعرفها بعض البلدان العربية، التي يبدو أنها لم تعد شائعة الآن.
أما وقد وصل «ابن بطوطة» خوارزم، حيث بلاد الفرس، وعلم الأمير بمقدمه، طلبه لمقابلته، معتذراً لعدم حضوره إلى مقام «ابن بطوطة» لعلة ألمت به. فلما ذهب إليه، وجلس أمامه والأمير راقد على سريره، عرف أن الأمير مصاب بداء النقرس. و «النقرس» من أمراض الإفراط في تناول اللحوم. وهو ما يشي بما تكون عليه موائد الأمير التي عزم عليها الرحالة القادم من الغرب.
يقول:
«ثم أتى بالموائد فيها الطعام من الدجاج المشوي والكراكي (طائر يؤكل) وأفراخ الحمام، وخبز معجون في السمن، وكعك وحلوى.. ثم أتي بموائد أخرى فيها الفواكه من الرمان المحبب في أواني الذهب والفضة ومعه ملاعق الذهب، وأيضاً أواني الزجاج العراقي ومعه ملاعق الخشب»
هكذا نتعرف على تلك الموائد الفاخرة بإفراط سواء في أدوات المائدة أو فيما تتضمن من مأكولات.
فلما وصل «ابن بطوطة» بلاد «الهند»، بدت الفروق في أشكال الموائد والمأكولات جليّة، حتى عرف أن هناك ما يطلق عليه «الطعام الخاص» و «الطعام العام».
أما الطعام الخاص فهو طعام السلطان الذي يأكل منه، مع بعض من الخاصة. والطعام العام فهو لنقيب النقباء والنقباء وبعض رجال الدولة. ويصف الرحالة أن طريقة الخدمة في تقديم تلك الأطعمة، سواء الطعام الخاص أو العام.
وفى مدينة «دلهي» أقام «ابن بطوطة» مدة تصل إلى سنتين، عمل فيها قاضيا. ووصفها بأنها مدينة لا نظير لها، محاطة بسور كبير له أربعة أبواب، ملحق بالسور مخازن كبيرة للحبوب والمجانيق وغيرها.
أما مخازن الحبوب فهي «غريبة ومدهشة، تبقى فيها حبوب الأرز لسنة أو أكثر، ويخرجونه أسود اللون، ومع ذلك مذاقه طيب»
هكذا كتب «ابن بطوطة» دهشاً. وهو ما يعكس ما كانت عليه أحوال البلدان الكبيرة في حفظ وتخزين المأكولات.
أما وقد وصل «ابن بطوطة» بلاد الصين، وأقام قرابة السنة والنصف، وعمل قاضيا فيقول عن الموائد الصينية، بما لها من تقاليد خاصة، تختلف كثيرا عن طرق التقديم في مناطق أخرى مجاورة.
يقول:
«يؤتى بمائدة نحاس (للمرة الأولى يذكر استخدام النحاس، كما يذكر للمرة الأولى استخدام الفحم لتسوية الطعام) عليها طبق نحاس. وتأتى جارية حسنة ملتحفة بالحرير، فتقدم قدور الطعام، ومعها مغرفة نحاس كبيرة، فتغرف بها الأرز مغرفة واحدة، وتصب فوقها ملعقة سمن، فيأكل الإنسان لقمة وتبعها بشيء من الموالح (الفلفل- الزنجبيل- الليمون).. فإذا تمت الغرفة غرفت الجارية غرفة أخرى للون آخر، من الدجاج المطبوخ، ثم من السمك.. وإذا انتهوا أتوا بالخضر مطبوخة بالسمن، ثم أخيرا يشربون اللبن الرائب، وبذلك يختمون طعامهم، ثم يشربون الماء الساخن لأن الماء البارد ضار».
وكانت أكلات «ابن بطوطة» في جزر أقصى شرق الأرض «جاوه» أو «إندونسيا» من أكثرها إثارة ودهشة، ليس فقط لكونها من الثمار وقليل من اللحوم.. بل لارتباطها ب «المرأة»، سواء أكانت جارية أو زوجة أو حتى من العاملات (الخادمات) اللاتي يعملن في تصنيع «القنبر» وهو ما يجهز من أوراق الجوز ويصنع منه حبال المراكب، وهن يعملن بما يأكلن وحسب.
وعن تلك الجزر وطقوس الأكل فيها، قال:
«والتزوج بهذه الجزائر سهل، لنزارة الصداق وحسن معاشرة النساء. وأكثر الناس لا يسمي صداقا، إنما تقع الشهادة، ويعطى صداق مثلها. وإذا قدمت المراكب تزوج أهلها النساء، فإذا أرادوا السفر طلقوهن، وذلك نوع من نكاح المتعة. وهن لا يخرجن عن بلادهن أبداً. ولم أر في الدنيا أحسن معاشرة منهن. ولا تكل المرأة عندهم خدمة زوجها لسواها، بل هي التي تأتيه بالطعام، وترفعه بين يديه، وتغسل يده، وتأتيه بالماء للوضوء، وتغمز رجليه عند النوم. ومن عوائدهن أن لا تأكل المرأة مع زوجها، ولا يعلم الرجل ما تأكله المرأة. ولقد تزوجت بها نسوة، فأكل معي بعضهن بعد محاولة، وبعضهن لم تأكل معي، ولا استطعت أن أراها تأكل، ولا نفعتني حيلة في ذلك»
لعل مجمل ما تم عرضه من أنواع المأكولات وطرق التقديم، يكشف أغلب ما بان للقارئ فيما كتبه «ابن بطوطة».
فقد قال ضمن ما قال: إن الناس في «مانيلا» يأكلون كل ذي أربع، وكل الزواحف وأغلب الحشرات! ولعل تلك المعلومة يعرفها كل من زار بعض بلدان جنوب شرق آسيا حتى اليوم!
كما أن بلاد التبت تأكل غزلان المسك، بينما بعض الهنود في زمنه (وهم الهندوس) لا يأكلون لحوم البقر أو الجاموس، بل يعبدونه ويشربون بوله للشفاء والتبرك! مثلما هو شائع أكل لحوم الحصان في بلاد وسط آسيا وتركيا.
كما تلاحظ أن الأكل يقدم أحياناً مصحوباً بالبروجي (وهو الرجل المخصص في اللحوم وتوزيعها على الضيوف).. وأحياناً يقوم بتلك المهمة الجواري والغلمان.. بينما في أحيان أخرى يقوم بها الضيف بنفسه.
أما أدوات تقديم الطعام في القدور للإعداد ثم الصحاف من أوراق شجر الموز حتى الأواني الذهبية والفضية، والملاعق المعدنية والخشبية.
وغالباً ما تناول «ابن بطوطة» طعامه وأقام في نزل خاصة بالقادمين الغرباء من أمثاله الرحل أو التجار، وهي إما تقع ضمن موقع المسجد أو منفصلة عنه. مع شيوع شكر المضيف بالدعاء له، وهو مما يقوله البعض الآن: (أكرمك الله) ويقول بعضهم: (أكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة).
وأخيراً ارتبط تناول الأكل بالمناسبات، ففي حالة الوفاة في تركيا، لا ترفع الموائد مدة أربعين يوما كاملة. بينما في مصر، فقال: «إن في مصر القرافة (مكان دفن الموتى) عظيمة الشأن.. ويخرجون كل ليلة جمعة إلى المبيت بأولادهم ونسائهم، ويطوفون على الأسواق بصنوف المآكل».
ربما يمكن الإشارة إلى أن ما تناوله «ابن بطوطة» من مأكولات، يبدو عجيباً، إما في نوع ما يأكله أو في طريقة إعداده أو طريقة تقديمه. وقد بدا اهتمامه بهذا الجانب من خلال: وصف الأسواق في البلدان التي يزورها، وعرضه لبعض ما تضمنته من مأكولات.
وبعد هذا التطواف في عادات وتقاليد إعداد وتقديم المأكولات والمشروبات، بل وصنوفها وارتباط الأكل بالقيم العامة والدينية والمعتقدات هنا أو هناك لكل شعوب العالم.. لا تبقى سوى حقيقة وحيدة، أن الأكل غريزة يحتاجها البعض ويعشقها البعض، وفي كل الأحوال لا غنى عنها عند الجميع!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.