على بعد أيام من حلول عيد الفطر، تتأهب العائلات لاقتناء ملابس العيد لأطفالها، لكن هذه السنة يبدو أن محلات بيع الملابس التي اعتادت الاستحواذ على السوق في مثل هذه المناسبات وجدت نفسها في حرب منافسة شديدة مع الملابس الصينية الرخيصة التي أغرقت السوق الوطنية وخاصة الوجدية ونفست عن الأسر ذات الدخل المحدود التي استنفدت مصاريف رمضان كل مدخراتها. «الله يلطف بنا وصافي وما هاذ رمضان ماخلا لينا والو، ولكن ماعلينا غير نشريو لحويجات لدراري باش نسدو ليهم عينهوم قدام قرانهم وحتى مانفسدو عليهم الفرحة ديالهم» . كانت هذه كلمات سيدة وهي تهرول وسط الزحام وعيناها لاتكف عن الدوران بين باعة الرصيف في باب سيدي عبد الوهاب يوم الأحد الفائت وعلى بعد أيام قليلة قبل حلول عيد الفطر. تزامن شهر رمضان لهذه السنة مع العطلة الصيفية والدخول المدرسي وبعده بأسابيع عيد الأضحى، جعل العديد من الأسر تقف حائرة أمام توفير مصاريف العيد، إلا أن ذلك لم يمنعها من التوجه إلى مختلف الأسواق لاقتناء ملابس العيد كل حسب إمكانياته ومدخراته. باب سيدي عبد الوهاب وشارع المغفور له عبد الرحمان حجيرة (درب مراكش) اللذان يعرفان اكتظاظا للمتسوقين في مثل هذه المناسبات من العديد من أحياء المدينة وحتى من خارجها، لم يخرجا عن نفس العادة هذه السنة، حيث تحولت كل محلاته وأرصفته إلى نقاط لبيع ملابس العيد، التي وإن تعددت أشكالها وأنواعها فقد اتفق على أن الأسعار تجاوزت أحيانا إمكانيات أغلب الأسر، ليبقى أغلب الآباء مشدوهين إلى البضائع من بعيد، فالاقتراب منها أصبح عملية مستحيلة. رغم ارتفاع الأسعار في بعض المحلات، إلا أن "الفراشة" وتجار الأرصفة نافسوا بقوة المحلات التجارية،مما حول جميع شوارع وجدة إلى خلية نحل من قبل الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود، الذين استقطبتهم هذه السنة الملابس الصينية الرخيصة التي أغرقت الأسواق هذه السنة وعرفت إقبالا كبيرا من المتسوقين لتناسب أِثمنتها مع ميزانياتهم. "الله يخلف على الشينوا جابو لينا حويجات رخاص وزوينين" تقول سيدة اصطحبت طفليها إلى سوق عشوائي على أمل العثور على ما يناسب قدراتها المالية، وحيث لم تجد ضالتها إلا في الملابس القادمة من الصين . أحذية أطفال لاتتجاوز50درهما، وسراويل جينز ب40 درهما، وأقمصة متنوعة لاتتجاوز 30 درهما، وإكسسورات بأثمنة لاتفوق بضعة دريهمات وعبايات نسائية بين 60 و80درهما، وقفاطين ب60 درهما. هذه عينة من أثمان الملابس الصينية التي أثثت الأرصفة و"الفراشات" في أرصفة جميع شوارع المدينة وأزقتها الرئيسية، التي ورغم قلة جودتها وعدم معرفة مكوناتها، إلا أنها أنقذت العديد من الأسر ذات الدخل المحدود من الإحراج أمام أطفالها. حسن39سنة، حارس في شركة خاصة للأمن، بدأ طوافه وسط الزحام في شارع علال الفاسي رفقة طفليه لعله يجد ضالته في إيجاد ملابس بأثمنة مناسبة، وخاصة البنت، يقول"الأسعار أذهلتني هذا اليوم، بل وُفاجأتني حيث لم أكن أتوقعها، ماقدرتش نشري للدراري داك الشي لبغاو، العين بصيرة واليد قصيرة، ولعل هذا ما جعل زوجتي ترفض مرافقتي لأنها تعرف محدودية إمكانياتي والتي لن تسعفني في إيجاد مايناسبني وبأثمان ملائمة". ويضيف حسن رغم ذلك استطعت شراء ملابس مناسبة ذات صنع صيني وبكلفة لم تتجاوز300درهم لثلاثة أطفال، لكن سأكون مضطرا إلى العودة في اليوم الموالي لأقتني الأحذية التي لم أتوفق في إقتنائها وفي اتصال لنا بدكتور معروف مختص في الجلد حول ما إذا كانت لهذه الملابس الصينية تأثير على صحة الإنسان وخاصة الأطفال أجاب أن التأثير كبير خاصة على الجلد اعتبارا أن هذه الملابس الرخيصة تصنع من مواد خطيرة ومسرطنة كمادة "الفورمالدهيد" وهي مادة كيماوية تستخدم للحفاظ على القماش من التجعد و أضاف الدكتور أن هذه المادة تسبب في تهيج العين والأنف والجلد والجهاز التنفسي. وطبعا هذه الملابس التي دخلت التراب الوطني عبر التهريب بكميات كبيرة جدا،لم يراها رجال الجمارك،خاصة وأن الأطنان منها تم نقلها من الشريط الحدودي إلى داخل مدينة وجدة ونقط أخرى بالجهة الشرقية،ومنها تم نقلها إلى داخل التراب الوطني،دون أن تلاحظها أو تكشف تهريبها.. وللإشارة،فلوبيات التهريب كانت بدورها وراء تعطيل حملة تحرير الملك العام وسط المدينة ،لأن "الفراشة" هم من يروجون سلع التهريب بنسبة 80 بالمائة..