حسب الاعتقاد السائد لدى عموم المغاربة، فإن ضعف الخدمات والروتين الإداري والبيروقراطية وسياسة "الطلوع والنزول"، يميز، فقط، المؤسسات ذات الطابع العمومي.لكن هذه العدوى انتقلت إلى مؤسسات خاصة، مفروض فيها حرصها على تأمين علاقة جيدة مع الزبون، باعتباره، كما يقول خبراء الاقتصاد، هو المالك الحقيقي لهذه المؤسسات، عبر تقديم خدمات في المستوى وبالفعالية المطلوبة. المؤسف أن هذه المقاولات تدعي، عبر الوصلات الإعلانية، التي تبث كل حين عبر وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة، أن كل اهتماماتها منصبة على إرضاء المواطنين، ويمكن إدراج بعض المؤسسات البنكية في هذه الخانة، إذ في الوقت الذي تزعم بعض البنوك أنها مؤسسات منفتحة على العالم الخارجي، وأن وجودها مرتبط بشكل أساسي بالزبون، الذي يطرق أبوابها، فإن هناك عددا من الممارسات أصبحت تستفز مواطنين، لم يعودوا يستسيغون الطريقة التي يتعامل بها بعض الموظفين مع ملفاتهم المودوعة في هذه البنوك، إلى درجة أن منهم من ندم على اليوم الأول الذي ولج فيه هذه المؤسسات، بسبب"التسخسيخ"، الذي يتعرض له كلما توجه إلى البنك لقضاء بعض الأغراض، الأمر الذي أصبح يطرح الكثير من الأسئلة. حكايات عذاب بعض المواطنين مع المؤسسات البنكية تختلف، لكنها تتوحد في حجم الأضرار النفسية التي تقع لهم. فحكى مواطن أن طلبه الحصول على وثيقة من مؤسسته البنكية، من أجل قطع علاقته المالية معها، تطلب منه أياما طويلة من "الطلوع والنزول"، وكلما توجه نحو هذا البنك قصد الاستفسار عن طريقة إغلاق رصيده البنكي إلا ويفاجأ بأن الموظف المسؤول عن هذه العملية "غير موجود بالمؤسسة، وما عليه إلا أن يعاود المجيء مرة ثانية، وثالثة، وكأنه يطالب بالصعود إلى القمر"، علما أن إغلاق أي رصيد بنكي لا يستدعي في المؤسسات البنكية، التي تحترم نفسها، سوى دقائق معدودة. وإذا كانت عبقرية بعض المؤسسات البنكية تفتقت عن إحداث شبابيك بنكية لتسهيل عملية استخلاص الأموال، فإن ما يحز في قلوب مواطنين كثر، هو أن جل هذه الشبابيك تكون معطلة أيام العطل والسبت والأحد، ما يجعل عملية استخلاص الأموال مستحيلة، إضافة إلى أن الكثير من الخدمات المعلنة في هذه الشابيك تكون خارج الخدمة. ويقول موظف في القطاع الخاص "كلما توجهت إلى الشباك الأوتوماتيكي لمعرفة الحساب البنكي، أو استخلاص النقود يوم السبت أو الأحد، يكون الشباك معطلا، ما يدفعني إلى التجول عبر مجموعة من الشبابيك، حتى أحصل على شباك مشتغل، لكن دون جدوى". ما حدث لهذا المواطن، أو غيره، نموذج لما يقع يوميا في عدد من المؤسسات البنكية، ما زالت غارقة في الأساليب القديمة في التسيير، رغم أنها ترفع في عدد من المناسبات شعارات التغيير، والتحديث، والانفتاح على المواطنين.