خبراء أمريكيون حذروا من مرامي تنظيم القاعدة في الصحراء وخبير إسباني: 'البوليساريو' عنصر لزعزعة الاستقرار في المنطقة المغاربية جاء اختطاف مواطنين إسبانيين اثنين من العاملين في منظمات إنسانية، ومواطنة إيطالية، في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، الأحد الماضي، لتؤكد توقعات خبراء أمريكيين في مكافحة الإرهاب، سبق أن حذروا من مرامي تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) في الصحراء. وكان ريشار مينتر، مؤلف كتابين كانا الأكثر مبيعا على لائحة مجلة (نيويورك تايمز) وعنوانهما (فقدان بن لادن) و(حرب الظل)، قد حذر من أن هذا التنظيم الإرهابي، الذي يتحرك في الصحراء انطلاقا من الجزائر ومرورا بمالي والنيجر حتى موريتانيا، يريد أن يجعل من الصحراء "أفغانستان المقبلة". وأكد هذا الصحافي، المتخصص في التحقيقات، الذي سبق أن زار مخيمات تندوف، أنه لاحظ إحباط الشباب هناك وفقدانهم لأي أمل في مستقبل أفضل، في وسط يسود فيه الفكر الوحيد كنظام حكم، وقال إن هذا الإحباط يجعل هؤلاء الشباب يسقطون فى أيدي مستقطبي المجموعة الإرهابية (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي). وأضاف أن تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، الذي تعززت موارده المالية بفضل عمليات اختطاف الرهائن، التي تستهدف بالخصوص المواطنين الأوروبيين، وتواطئه مع الشبكات العابرة للحدود، العاملة في تجارة المخدرات، تغري هذه الشبيبة بمستقبل يقوم على الربح السهل. وفي تدخل له في مؤتمر عقد أخيرا بواشنطن حول موضوع (الإرهاب بشمال إفريقيا بعد وفاة بن لادن .. تحديات للسياسة الخارجية الأمريكية)، أكد ريشار مينتر أن شباب تندوف بجنوبالجزائر محرومون من حرية الحركة والولوج إلى التعليم، وبالتالي يصبح الكثير منهم "فريسة سهلة" لفصيل تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا. ولاحظ الخبير الأمريكي أن روابط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بمخيمات تندوف لا تقتصر فقط على استمالة شباب محروم من حقوقه الأساسية الأولية، سيما أن أربعين من قادة (البوليساريو) تربطهم صلات بهذه المجموعة الإرهابية، من خلال عمليات تهريب متعددة الأوجه، معتبرا أن تندوف تتوفر فيها جميع العناصر التي قد تجعل منها معقلا للقاعدة مستقبلا. ويوضح تقرير نشره أخيرا المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب، التابع للمعهد الأمريكي للأبحاث "بوطوماك"، حول الأعمال الإرهابية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بمنطقة الساحل، أن الاعتداءات المتكررة لهذه المجموعة عرفت ارتفاعا بأكثر من 500 في المائة منذ أحداث 11 شتنبر 2001. وتؤكد هذه الوثيقة أن أعمال القتل واحتجاز الرهائن، التي عادت إلى واجهة الإعلام الدولي مع اختطاف ناشطين إسبانيين في المجال الإنساني، ومواطنة إيطالية، بتندوف، تبين أنه دون اتخاذ إجراءات فعلية ضد الإرهاب، فإن تهديد هذه المجموعة سيصل في النهاية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وبلدان الاتحاد الأوروبي. وأكد مدير المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب، التابع للمعهد الأمريكي للأبحاث "بوطوماك" يوهان ألكسندر، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "المغرب يدرك جيدا أهمية الإصلاحات الديمقراطية كوسيلة فعالة لمكافحة التطرف والإرهاب". وأشار الكسندر إلى أن هذه الحقيقة تصدق أكثر على منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، حيث يسعى الإصلاحيون إلى مكافحة أنصار الأفكار الظلامية. وعلى صعيد آخر، سجل أنه على الرغم من انتهاء نظام القذافي بوفاة هذا الأخير، فإن تدفق الأسلحة الليبية على منطقة الساحل تمثل موضوع انشغال كبير بالنسبة للمجتمع الدولي. وكانت الأممالمتحدة حذرت بالفعل، في اليوم الموالي لمقتل القذافي، من أن جزءا من مخزون أسلحة الزعيم الليبي السابق قد يكون انتقل بالفعل إلى أيدي المتمردين الناشطين في دارفور، وأيضا إلى أيدي عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومتطرفين آخرين. وأكد الخبير الإسباني في قضايا الإرهاب الدولي، تشيما خيل، أن "البوليساريو" يشكل عنصرا "لزعزعة الاستقرار" في المنطقة المغاربية والمتوسطية بسبب تواطئه مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومافيات الجريمة المنظمة، التي تنشط في منطقة الساحل والصحراء، مشددا على ضرورة القضاء على هذه الحركة. وأشار خيل، في مقال نشره الموقع الإعلامي "إينبريميثيا" الإسباني، إلى أنه "بسبب علاقاته مع مختلف مافيات الجريمة في منطقة الساحل الصحراء" أضحى "البوليساريو" عنصرا يتسبب في "زعزعة الاستقرار في المنطقة المغاربية والمتوسطية، وتحديدا في وقت أصبحت هذه المنطقة تتطلع إلى الديمقراطية"، مضيفا أن الحركة الانفصالية تشكل "خطرا كبيرا" على المجتمع الدولي. وقال الخبير الدولي في هذا الصدد "لقد حذرنا مرارا وتكرارا من الانجراف الإجرامي لبعض أعضاء (البوليساريو)، الذين تربطهم علاقات مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومع مختلف عصابات المافيا والجريمة المنظمة التي تتشط في منطقة الصحراء والساحل. كما أننا مازلنا نعتقد بأن التفكير في إنشاء دولة مستقلة في الصحراء يعد خطرا كبيرا على المنطقة". وحسب الخبير في الإرهاب الدولي، فإن مختلف المراقبين والمحللين الدوليين في النزاع حول الصحراء يتفقون على أن "مثل هذه الدولة، التي ستكون ضعيفة وهشة، ستقع بسهولة في يد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي ستتحكم في هياكلها لتنفيذ مخططاتها في مجال الجهاد العالمي، وزعزعة استقرار بلدان المنطقة، وتهديد الاتحاد الأوروبي والمصالح الأمريكية وحلفائها في منطقة البحر الأبيض المتوسط". وفي هذا الإطار، تساءل الخبير الإسباني "هل يقبل المجتمع الدولي بنشوب نزاع جديد في المنطقة نظرا لغياب رؤية مستقبلية؟"، مؤكدا على ضرورة "تضافر الجهود المشتركة لوضع حد لأسباب زعزعة الاستقرار في حوض البحر الأبيض المتوسط". وخلص تشيما خيل إلى أن "مشروع الحكم الذاتي، الذي اقترحه المغرب كتعبير عن تقرير المصير"، يعد الحل الأنسب لتسوية النزاع التي تغذيه الجزائر.