المغرب ينعم بحياة سياسية طبيعية بفضل أكد السيد الطيب الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن المغرب ينعم، بفضل المزاوجة المنسجمة بين القيم الوطنية والدينامية الخلاقة التي يشهدها، بحياة سياسية طبيعية، وينهج منذ أزيد من عقد حكامة تشاركية ومنفتحة. وأشار السيد الفاسي الفهري، في كلمة ألقاها اليوم الجمعة بالرباط خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الدولي حول الانتقال الديمقراطي والمسارات الدستورية في العالم العربي، إلى أن المغرب يقدم بذلك تجربة مميزة في الجمع المتناسق بين ما هو وطني وما هو محلي، بين ما هو شامل و خصوصي، وأخيرا بين المصلحة العامة ومصالح الشرائح المجتمعية. وأكد أن المؤسسة الملكية شكلت بالموازاة مع ذلك عبر التاريخ رمزا لشرعية النظام السياسي ولديمومة الدولة المغربية، مدافعة عن قيمها الروحية ووحدة الوطن وسيادته، وضامنة لحقوق الأفراد والجماعات، كما أنها تبقى في صلب وعمق مسارات البناء والإصلاح والتطور. وبناء على هذه الثوابت والمنطلقات - يضيف السيد الفاسي الفهري- حرص جلالة الملك محمد السادس على إعطاء وتيرة سريعة للتطور الديمقراطي والمجتمعي عبر فتح أوراش مؤسساتية طموحة وإصلاحات جريئة متعددة الأبعاد. وأوضح أن من بين هذه الأوراش اعتماد مفهوم جديد للسلطة ، ومراجعة قانون الأسرة، وإعادة الاعتبار للثقافة الأمازيغية كجزء أساسي من الثقافة الوطنية ، وإحداث هيئة للإنصاف والمصالحة ساهمت بشكل فاعل في القطع مع الماضي، حيث تمكن المغرب على أساس هذه القاعدة المتينة والموحدة من تعزيز حيوية النسق السياسي من خلال الدور الهام للأحزاب والنقابات والمجتمع المدني وغيرها من الوسائط والهيآت الرقابية والضابطة في كافة المجالات . وقال إن الحكامة التشاركية التي ينهجها المغرب تفسح المجال أمام كل الشركاء السياسيين والفاعلين الاقتصاديين والوحدات الترابية والمكونات الجمعوية للمساهمة في صياغة وتنفيذ بل وتقييم السياسات العمومية، وهي كذلك حكامة منفتحة تعكس التفاعل القوي للمغرب مع شركائه الدوليين، أخذا بعين الاعتبار أن تحسين مؤشرات الحكم الرشيد وتحقيق النمو الاقتصادي ، وضمان متطلبات التنمية البشرية تمر حتما عبر اندماج فاعل في المحيط الدولي في زمن العولمة والمنافسة. وأضاف أن الدستور الجديد للمملكة كرس هذه المكاسب في إطار من الاستمرارية وتتويجا للدساتير السابقة التي عرفها المغرب، ورسخ ثوابت الأمة المغربية وروافدها الوطنية الموحدة وانتماءاتها الجيو - سياسية ، كما "ثبت الفصل والتوازن بين السلطات مع تكريس المكانة الدستورية للمؤسسة الملكية المواطنة على رأس الدولة وكأمير للمؤمنين". وأكد السيد الفاسي الفهري أن الدستور الجديد عمل أيضا على تقوية سلطة القضاء كسلطة مستقلة ، وتخويل صلاحيات دستورية لرئيس الحكومة الذي أصبح تعيينه من الحزب المتصدر لانتخابات مجلس النواب الذي أسندت له اختصاصات تشريعية غير مسبوقة في الممارسة الدستورية المغربية . كما نص الدستور الجديد، يقول الوزير، على تعزيز دور الأحزاب والنقابات وهيئات المجتمع المدني ، و الالتزام بقواعد الحكامة وإعمال مبادئ الشفافية والمحاسبة ومراقبة المال العام ، وكذا احترام حقوق الإنسان ، وعلى توزيع السلطات والموارد بين الدولة والجهات في نطاق جهوية ترابية متقدمة وتنمية مندمجة بشرية بروح من التلاحم الوطني والتضامن والتوازن بين جهات المملكة . وأكد أن هذا الإصلاح الدستوري، الذي يندرج في إطار تعاقدي ومستدام بين المؤسسة الملكية والشعب، نسق لا يتجزأ ويراعي مختلف الأبعاد المؤسساتية والسياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما يتجلى ذلك في دسترة عدة مؤسسات وطنية . وفي نفس السياق ذكر السيد الفاسي الفهري بأن المغرب حرص منذ الاستقلال على منع الحزب الوحيد وإقرار التعددية الحزبية واحترام حرية التعبير، فضلا عن تعلق المغاربة بالدين الإسلامي في نطاق وحدة المذهب و قيم الاعتدال والوسطية والتسامح.