حرمان السجناء من التصويت يخالف الشرعية الدستورية في المغرب، كما في بريطانيا، سجون يدخلها المذنبون، من الذين ارتكبوا جرائم ينص القانون على عقوبتها، لكن السجين في المغرب لا يتمتع بالحقوق نفسها التي يمتع بها نظيره في المملكة البريطانية التي قطعت أشواطا متقدمة جدا في احترام حقوق وحريات الأفراد. ليس هناك نص قانوني يمنع السجين من ممارسة حقه في التصويت والتعبير عن موقفه من هذا الحزب أو ذاك، كما ليس هناك ما يمنع إدلاءه بصوته تعبيرا عن وطنيته وموقفه من الدستور، إلا إذا حكم عليه بعقوبة التجريد من الحقوق الوطنية التي تشمل حرمانه من أن يكون ناخبا أو منتخبا وحرمانه بصفة عامة من سائر الحقوق الوطنية والسياسية. والحرمان المؤقت من ممارسة الحقوق المدنية أو السياسية كعقوبة إضافية، يجوز في الحالات التي يحددها القانون وتحكم فيها المحاكم، إذا كانت تنظر في جنحة قضت بمؤاخذة فاعلها أن يحرم لمدة تتراوح بين سنة وعشر سنوات من ممارسة حق أو عدة حقوق من الحقوق الوطنية أو المدنية. أما التجريد من الحقوق الوطنية كعقوبة تبعية أيضا، فتنتج عن العقوبات الجنائية وحدها وتطبق بحكم القانون دون حاجة إلى النطق بها في الحكم. وهكذا ينبغي التمييز بين أصناف المحكوم عليهم بعقوبة التجريد من الحقوق الوطنية كعقوبة أصلية جنائية والتي تشمل حرمان المحكوم عليه من أن يكون ناخبا، ويحكم بها لزجر الجنايات السياسية ولمدة محدودة بين سنتين وعشر سنوات، وبين باقي المحكوم عليهم من السجناء المدانين من أجل جنح غير الجريمة الإرهابية، وبالتالي لا ينبغي تعميمها على كل السجناء بمنعهم من أداء واجباتهم الوطنية والتعبير عن رأيهم. الداخلية كان عليها وهي تعد اللوائح الانتخابية وتوجه خطابها إلى عموم المواطنين بالإسراع في التسجيل والتشطيب وما إلى ذلك مما يرافق عملية التسجيل، (كان عليها) أن تفكر في آلاف المغاربة الذين يقبعون في السجون ولم تحرمهم الأحكام القضائية من ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية، بإشعارهم بالتشطيب على أسمائهم من الدوائر التي كانوا مقيدين فيها والتسجيل في الدائرة الانتخابية التي يقع السجن داخل نفوذها. فكيف يسمح لسجين بالخلوة الشرعية ويتم ترسيم نتائجها من حمل وإنجاب وتسجيل في دفتر الحالة المدنية وباقي الآثار القانونية المترتبة عن ذلك، ولا يسمح له بالتعبير عن وطنيته بالتصويت، سيما بالنسبة إلى المشاريع الكبرى كالاستفتاء الوطني. معظم القابعين في السجون لم يدانوا من أجل جناية الخيانة الوطنية، بل قادتهم ظروف معينة إلى ارتكاب أفعال ينص القانون على أنها جرائم وأدينوا من أجلها، ومادامت الأحكام لم تحرمهم صراحة من ممارسة حقوقهم الوطنية والسياسية، فإن منعهم واقعيا فيه شطط ينبغي تقويمه في دولة تسعى إلى أن تكون دولة حق وقانون. في بريطانيا تم الحسم في الموضوع قبل سنة وأصبح بإمكان السجناء التصويت في الانتخابات. وبهذه الخطوة تفادت بريطانيا دعاوى تعويض بعشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية نتيجة حرمان السجناء من هذا الحق الدستوري، إذ يعتبر القرار نهاية معركة قانونية ساخنة استمرت خمس سنوات بشأن منع السجناء من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، رغم قرار المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان بأن ذلك غير قانوني. وفي تفاصيل القرار، «سيمنع السجناء المحكوم عليهم بعقوبات مدتها أربع سنوات فأكثر من التسجيل تلقائيا في سجلات الناخبين. وفي المقابل، سيحتفظ المحكوم عليهم بعقوبات أقل من ذلك بهذا الحق، ما لم يقرر القاضي الذي يصدر الحكم غير ذلك».