بوضوح وبلا مزايدات مرة أخرى نقول ونكتب هنا بأن الجماعات الدينية المتطرفة ترخي بظلاميتها على شباب ومسيرات «20 فبراير»... مرة أخرى نقول بأن هذه الحركة الشبابية سارت في طريق أخرى غير ... «الشعب يريد محاربة وإسقاط الفساد»... مرة أخرى نقول بأن رفاقنا اليساريين الراديكاليين جدا لا يفعلون في الشارع سوى تنفيذ أجندة الاسلامويين في الشعارات وفي سقف المطالب المثقوب... مرة أخرى نقول بأن المآلات التي بلغها شارعنا المحتج تتطلب اليوم وضوح النقاش وشجاعة القول ورصانة التحليل... لقد نبهنا منذ البداية إلى أن الحركيات النضالية تحتاج لفكر ولمرجعية ولأفق سياسي، وهو ما عجزت حركة «20 فبراير» عن بلورته، ما جعل غزوها من لدن مختلف أصناف المتطرفين سهلا، وصارت مقدمة الصورة اليوم حكرا على نشطاء «العدل والإحسان» وأنصار وتنسيقيات «السلفية الجهادية»، وعلى الجنبات يتحرك بعض أعضاء النهج وحلفاؤهم. هذه هي الصورة، ولنقلها بكامل الوضوح حتى يستقيم النظر. في الشعار، سمعنا ذات بدايات التهديد بالطوفان ولم يصدق الكثيرون، ثم ثار الجدل حول الصلاة خلال المسيرات، ولم ينتبه بعضنا، وتركز الهجوم بعد ذلك على المهرجانات الفنية، وخصوصا موازين، ولم ننتبه إلى الخيط الناظم بين كل هذه الأشياء، وهو الفكر. واتهمنا البعض بقسوة القول وبغلو الأحكام، إلى أن فجعنا في مراكش، ثم صدمنا في سلا، وقلنا يا سادة يا كرام، رجاء انتبهوا ولسنا سذجا لنعتبر الأمور كلها صدفة. وعندما انتقل الحراك إلى اقتحام مؤسسات، أو إقامة «نزهات» بجوارها، ثم تجييش «النقط الساخنة» من داخل الأحياء الشعبية، هنا بدأ الوضوح يقترب من أبصار الكل بأننا أمام إستراتيجية تحرك ليست من صنع شباب «20 فبراير»، وإنما تم جرهم حطبا لنارها. أليس من حقنا اليوم أن نرى بوضوح؟ لماذا يريد منا البعض أن نصاب بعمى الأبصار والعقول؟ إن رفضنا لكل أشكال العنف والاعتداء على المحتجين، لا يعني أن نغمض العيون عما يجري في حراك الشارع، وألا ندلي بالموقف بوضوح. إن المغرب يخوض مسلسل إصلاح حقيقي ولسنا هنا واهمين.. وعندما تختبر اليوم كثير مواقف وتصريحات وشعارات وسلوكات تجري في الشارع وتفتح سقوفها على السماء، ندرك ببساطة أن هناك من يسعى لإجهاض الإصلاح المذكور أو على الأقل مقاومته، ومن هنا تبرز حاجة بلادنا اليوم إلى خوض معركة الوضوح. إنها مسؤولية القوى الديمقراطية والتقدمية الحقيقية كي تخوض المعركة السياسية والفكرية بحزم ومسؤولية ضد التطرف والمزايدة والظلامية، ومن أجل الثبات على مسار الإصلاح والتحديث، وتقوية دولة القانون وحقوق الإنسان. الوقت لوضوح المواقف بلا مزيدات وبلا سذاجة، وبلا ...»مرض طفولي».