الوقود الجزائري والأقراص المهلوسة مقابل الخضر والفواكه المغربية وجدة: عبد القادر كترة بين المغرب والجزائر تتمايل كفتا ميزان التهريب بين صعود وهبوط، حسب قوافل المهربين، جيئة وذهابا، وعلى الحدود، في الممرات والمسالك غير المحروسة، وفي العلن أحيانا أخرى. إلى الجزائر تتسلل الخضر والفواكه المغربية والأزياء التقليدية والدجاج، وفي الاتجاه المعاكس يصب الوقود الجزائري والأدوية المنتهاة الصلاحية والأقراص المهلوسة تبادل تجاري غير قانوني يضرب اقتصاد البلدين وتظل كفتاه في صعود وهبوط. يستغرب المرء عندما يتصفح الجرائد الجزائرية التي تتحدث عن" ظاهرة" التهريب، أو عمليات التهريب بين البلدين المغربي والجزائري، للخطاب التي تحاول تمريره هذه الجرائد لعامة الشعب الجزائري، محملة جميع مشاكلها للمغرب، ومبررة بذلك تريثها في فتح الحدود مع المغرب. وتجمع الجرائد في مقاربتها لذلك على أن الوضعية لها صلة وطيدة بالتهريب، وعلاقته بالأنشطة الأخرى الخطيرة، وعلى رأسها الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والمتاجرة بالبشر، إلى جانب الخسائر التي تتكبدها الخزينة العمومية من سنة لأخرى جراء هذا النشاط، إضافة إلى كون المناطق الحدودية الغربية للوطن، من أهم معاقل المهربين، كما جاء في إحدى الأعداد لجريدة الفجر الجزائرية. وتذهب إلى أبعد من ذلك بقولها إن فرق حرس الحدود الجزائرية، سجلت أعلى نسبة من نشاط هؤلاء المهربين، مشيرة بكل بساطة إلى أن واقع الاقتصاد المغربي اليوم يعيش فترات صعبة، لم يعرفها من قبل. " ويرى الخبراء والمتتبعون لملف إعادة فتح الحدود بين الجزائر والجار المملكة المغربية؛ أنه من بين الأسباب التي جعلت الموقف الجزائري الرسمي يتريث للاستجابة للطلب المغربي، هو ملف التهريب وكل ما يحمله من تبعات، وهو ما جاء على لسان وزير الداخلية والجماعات المحلية " نور الدين يزيد زرهوني" تقول الجريدة الجزائرية. ومن جهة أخرى، يحاول الخطاب الجزائري الرسمي أن يُظهر الجزائر بمظهر سوق ضخم، تفيض منه كل ما يحتاجه بنو البشر من منتوجات عالية الجودة، رخيصة الثمن، وتنهشه البلدان المجاورة المتأزمة الجائعة، خاصة منها المغرب، كما زعمت جريدة الشروق اليومي الجزائرية في إحدى طبعاتها لشهر شتنبر الماضي أن" الياوورت" الجزائري أصبح يعرف طلبا كبيرا في الأسواق المغربية، خاصة في شهر رمضان بالنظر إلى جودته، بعد حجز حرس الحدود بباب العسّة بالحدود الغربية حوالي 1083 علبة" ياوورت" كانت بحوزة مهرب لكمية هامة من" الياوورت" في طريقها إلى المغرب. ولا تخلو صفحة من صفحاتها إلا وكشفت عن أرقام وإحصائيات صحيحة أو غير صحيحة لأعداد مهربين، وسلع مهربة، وملايير الدينارات الجزائرية التي تفقدها الخزينة العامة الجزائرية؛ جراء التهريب نحو المغرب، محاولة إقناع الجميع بأن فتح الحدود في صالح المغرب والجزائر، لا ترغب في فتحها" للحشاشين والمهربين"... و... و... والحقيقة أن ذلك في غير صالح الجنرالات الجزائريين المستفيدين... من عمليات التهريب في حالة استمرار إغلاق الحدود... 13 مليار درهم خسارة المغرب في عمليات التهريب حسب المعطيات المتوفرة لدى غرفة التجارة والصناعة والخدمات، فإن رقم المعاملات السنوي التقريبي للجهة من المواد المهربة، يفوق 13 مليار درهم ،كقيمة تقديرية للمعاملات السنوية لمجموع الجهة من مواد التهريب، وهو رقم وإن كان تقديريا يبقى ضخما، حسب ما جاء في الكتاب الأبيض عن ظاهرة التهريب في الجهة الشرقية التي أنجزته غرفة التجارة والنصاعة والخدمات. وتساءلت الغرفة عن رقم المعاملات الذي خسره القطاع المنظم، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار الثمن الوطني، وعن الآثار التي خلفها التهريب على مستوى خلق فرص الشغل بالمؤسسات الاقتصادية المحلية، وعن حجم الخسارة بالنسبة لميزانية الجماعات المحلية المستخلصة من نسبة الضريبة على القيمة المضافة، وآثارها على البرامج التنموية لهذه الجماعات، خاصة على مستوى التجهيز، والبنيات التحتية. وأشارت الغرفة إلى أن فرص الشغل الضائعة بالنسبة للجهة الشرقية، يتجاوز على أقل تقدير 22 ألف منصب... هذا عن الخسارة التي يتكبدها المغرب في جهته الشرقية، أما المنتوجات الجزائرية المهربة نحو المغرب، فهي غير قادرة على منافسة السلع المغربية في جودتها، ولا منافسة السلع المستوردة من بلدان أوربا، وأغلبها مزور، ومقلد كما شهد بذلك شاهد من أهلها؛ حيث ذكرت جريدة" لا تريبون" الجزائرية الناطقة بالفرنسية في عددها ليوم الاثنين 11 غشت الماضي؛ أن التقليد في المواد والتزوير حسب معطيات الجمارك الجزائرية ذاتها، مسَّ 2.28 مليون منتوج سنة 2007، مقابل 831783 منتوجا تم حجزه سنة 2006، وهي المواد القادمة من البلدان الأسيوية، الصين، واليابان، والإمارات العربية المتحدة، وكوريا الجنوبية، ثم فرنسا، وألمانيا، وتركيا، ومصر؛ كما لا يُقبل من المواطنين المغاربة على تلك السلع الجزائرية إلا شريحة من الفقراء، بل منهم من يفضل الخردة التي تأتي من الخارج على " خردة الملابس الجديدةالجزائرية"، أما عن المنتوجات الاستهلاكية فهي غير صالحة للاستهلاك، فاسدة ومسمومة بحكم فقدانها للجودة وسرعة تحللها، إضافة إلى ظروف نقلها، وعدم إخضاعها للمراقبة، وتزوير تواريخ صلاحيتها، حيث ينصح الأطباء وجمعيات حماية المستهلك بتجنبها، ومنها الياوورت الجزائري، وقد اندثرت معظمها من أسواق الجهة الشرقية، بل بعضها من الأسواق الجزائرية لغلائها، ولم يعد لها وجود، منها الدقيق، ومسحوق الحليب، والأجبان، والأجهزة الكهرمنزلية، والأغطية، وحديد البناء، وغيرها، وحلت محلها السلع والبضائع المغربية، والمستوردة من الخارج، ذات الجودة العالية، والماركات العالمية المعروفة المعروضة بالمحلات التجارية العصرية بمختلف مدن الجهة الشرقية والمملكة، والتي غزت كل أسواق العالم." أنا والله ما نشري السلعة انتاع الجزاير لحقاش ما صالحاش واخا رخيصة... وفاسدة وما تصبرش..." تُقسم سيدة للأحداث المغربية وهي منهمكة في اختيار ألبسة بأحد المحلات التجارية بساحة المغرب، ثم تضيف باقتناع تام " شوف أسيدي والله ما كاين بحال السلعة انتاعنا ... راه هما كا يجيو يديو من عندنا السلعة... شوف السوق كيف داير ... كولشي موجود وأنت وجيبك...". ويشار إلى أن المحجوزات من تلك السلع سريعة التلف يتم حرقها وإتلافها، كما يتم إعدام حتى الحيوانات المهربة التي قد تحمل أمراضا معدية للقطيع المغربي. لقد أضافت الأسواق الممتازة، والفضاءات الكبرى كمرجان، وأسواق أسيما، وأسواق السلام، وميترو، والمحلات التجارية الكبرى، قيمة هامة وعالية للمشهد الاقتصادي والتجاري بالمغرب، وبالجهة الشرقية، خاصة بمدينتي وجدة والناظور، وتجاوز المواطنون المتبضعون الخردة الآتية من الجزائر، بل من الأشقاء الجزائريين من يتسلل إلى مدينة وجدة، ويتجول بين أروقة هذه الأسواق، ويتبضع منها؛ نظرا لجودتها، وفنية إنتاجها، وتعدد أشكالها وأنواعها، ويقوم بعملية إشهار للبضاعة والمنتوجات المغربية بعد عودته إلى بلده، ويساهم في ازدهار التهريب؛ لكن هذه المرة في الاتجاه المعاكس والمشاكس... بضائع مهربة فاسدة ومسمومة ومزورة لا أحد ينكر أن الوقود الجزائري يتم تهريبه إلى الجهة الشرقية من المملكة المغربية، وهو المنتوج الذي لا يمكن أن يكبِّد الخزينة الجزائرية خسائر كما تدعي الحكومة الجزائرية بحكم أنه المنتوج الذي لا يتطلب مجهودات ومصاريف، إضافة إلى أنه غير ذي جودة عالية، الأمر الذي يدفع العديد من أصحاب السيارات الجديدة والفاخرة إلى الامتناع عن ضخ ولو جرعة منه في خزاناتها... لكن ما يأتينا من الجزائر من المنتوجات، فهي غالبا صالحة لكل شيء إلا للاستهلاك، بل غير صالحة للاستهلاك حتى في أسواق الجزائر ذاتها التي تحولت إلى مطرح كبير من المنتوجات الفاسدة لها بشهادة مسؤوليها،حيث ذكرت جريدة الشروق اليومي الجزائرية في تحقيق لها أنجزته ونشرته تحت عنوان" فضيحة 8300 مليار سنتيم من الأدوية الفاسدة بمعهد باستور"، أن مخزون 5 سنوات متعاقبة من الأدوية المنتهاة صلاحيتها، قاربت قيمتها الإجمالية8300 مليار سنتيم( جزائري)، حتى أن مخزني ملحقتي معهد باستور الكائنتين بكل من دالي إبراهيم، والقبة، باتا يضيقان بهذا المخزون الذي يبدو أن المصالح المعنية عجزت عن التخلص منه بالنظر إلى الكميات الكبيرة التي تضم أمصالا، تعد مادة من الاستحالة الاستغناء عنها بجميع المستشفيات، والعيادات، ولقاحات مضادة للبرد، وأنواع من اللقاحات الأخرى، بالإضافة إلى كمية كبيرة من الأدوية المصنعة محليا والمستوردة. أدوية تعرف طريقها إلى المغرب، وشتان بينها وبين الأدوية المغربية التي تصدر إلى الجزائر. ومن الأمراض المهربة التي تلج المغرب من بابه الشرقي، أمراض الحيوانات، من أغنام، وأبقار، منها اللسان الأزرق، واللوكوز، والسلمونيلوز، وأنواع الحمى... عبر إدخال بعض من هذه الحيوانات المسروقة والمريضة، كما لم تسلم الخضر هي كذلك من أمراض نخرت بعض منتجاتها الخضروية؛ بعد أن تستوردها من بعض البلدان، كأمراض الميلوديو البطاطس، ودودة الطماطم. أما السموم القاتلة التي تصدرها الجزائر إلى المغرب عبر الشريط الحدودي، تهم المخدرات، خاصة الأقراص الطبية المهلوسة " القرقوبي"، والسجائر المهربة المسمومة المنتهاة صلاحيتها، والتي تسربها الجزائر، دون الحديث عنها، أو العمل على محاربتها، أو منعها؛ في الوقت الذي تقيم الدنيا ولا تقعدها إذا ما حجزت كيلوغرامات من الكيف، أو الشيرا. فلا يعقل أن يتنقل مهرب متاجر في الأقراص الطبية المهلوسة بآلاف الأقراص، ويعبر بها الشريط الحدودي نحو المغرب، دون أن يتم التبليغ عليه، إذ لا بد من التساؤل حسب أحد المسؤولين الأمنيين عن أي صيدلية سلمته البضاعة، وعن أي مختبر صنعها، وأي زبون طلبها، ولأي زبون سيتم تسليمها، دون أي إجراءات قانونية، وصحية وقائية... إن مجهودات كبيرة لعناصر الدرك الملكي، ورجال الأمن، والقوات المساعدة، وحتى رجال الجمارك، تذهب سدى في محاربة الهجرة السرية، والحدِّ منها؛ بحيث يقع الكل في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها، إذ أن الجارة الجزائر إضافة إلى ما سبق ذكره تصدر للمغرب أعدادا هائلة من الأفارقة، والجزائريين، والأسيويين المرشحين للهجرة السرية إلى أوربا، بل تفتح لهم الأبواب مشرعة نحو المنافذ والمسالك على الشريط الحدودي، مقتنعة أن ذلك سيعمق من أزمات المغرب، ويساهم في تلطيخ سمعته كلما قام بحملات في الموضوع لإعادتهم إلى نقط انطلاقهم من الجزائر، خاصة مدينة مغنية التي لا تبعد عن مدينة وجدة إلا بحوالي 20 كلم، وحيث يقيم المهاجرون السريون في مخيمات منظمة، دون الحديث عن احتمال تسلل الإرهابيين الجزائريين بينهم عبر الشريط الحدودي... الأسواق الجزائرية تتغذى بالمنتوجات المغربية لا شك أن الزائر لأسواق مدن الغرب الجزائري المتاخمة لشرق المغرب، يلاحظ وفرة المنتوجات المغربية الحيوية على اختلاف أنواعها، حيث يكثر الطلب عليها لجودتها وانعدامها بالجزائر. ورغم أن رجال الدرك الملكي، وعناصر الجمارك، تقوم من فينة إلى أخرى بحجز السلع والبضائع المغربية المهربة نحو الجزائر، إلا أن ما يقع في قبضتهم، لا يمثل إلا القليل؛ بحيث يصعب حجز تلك المنتوجات لأنها ببساطة منتوجات مغربية، ومن حق أي مواطن التجوال بها عبر الأسواق المغربية، وما يتم ضبطه، يكون بالقرب من الشريط الحدودي على مستوى بعض المسالك التي يرتادها المهربون. ويؤكد الفلاحون بالأسواق أن تهريب الخضر والفواكه لا ينقطع، ويعتبرونه أمرا عاديا... لقد قامت عناصر الجمارك التابعة لمنطقة الشمال الشرقي بمقاطعة الجمارك بوجدة، خلال الأربع أشهر الأخيرة في إطار حملاتها للحد من عمليات التهريب من حجز أكثر من 30 طنا من فاكهة الزيتون المغربي المصبر الجاهز للاستهلاك، مهربة إلى الجزائربوجدة، والمقدرة قيمتها بحوالي 400 ألف درهم على متن شاحنتين. وتمكنت من حجز أكثر من 13 طنا من فاكهة الليمون المغربية. وتمكنت ذات العناصر من حجز كمية كبيرة من الملابس التقليدية المغربية النسائية والرجالية مهربة إلى الجزائربوجدة، تتمثل في مئات القفاطين النسائية، والجلابيب الرجالية، المقدر قيمته بحوالي من 12 مليون سنتيم. ومن جهتها، حجزت فرقة الدرك الوطني الجزائري، كمية معتبرة من الألبسة، والأحذية الأجنبية الصنع، المهربة من المغرب، قيمتها 4 ملايير و500 مائة مليون سنتيم( جزائري)، كانت منقولة في شاحنتين. وكانت صحيفة" الشوق اليومي تحدثت عن تهريب آلاف الرؤوس من الدجاج من المغرب إلى الجزائر. ولم يسلم طائر الحسون المغربي( مقينين) من التهريب إلى الجزائر؛ حيث أوقفت وحدات الفرقة الإقليمية للدرك الوطني الجزائري، بتامزوغة، ولاية عين تيموشنت، ثلاثة أشخاص كانوا يحملون على متن سيارتهم 400 طائر من نوع " الحسون" في أقفاص جاؤوا بها من المغرب... هذا، ولا داعي للحديث عن المنتوجات المغربية الأخرى، والمهربة بشكل منتظم، كملابس" الدجين" والأحذية العادية، والرياضية، والخضر من بطاطس، وطماطم، وفلفل، والفواكه الموسمية كالبطيخ الأخضر والأصفر، والعنب، والتوت الأرضي بوفرة بالمغرب المنتجة والفول السوادني" الكوكو" والتوابل وقطع السيارات... ورغم كل ما يقال عن هذه" الظاهرة" التي يفضل العديد من الاقتصاديين يطلقون عليها" التجارة الموازية" للتجارة المنظمة، ويعتبرونها نشاطا عاديا منذ أن عرف الإنسان المقايضة والتجارة بين جميع المناطق الحدودية؛ في إطار الأنشطة التجارية المعيشية لسكان تلك المناطق، فإنه لا يمكن القضاء عليها أو الحدّ منها إلا في ظل التعاون بين البلدان المجاورة والمعنية؛ في إطار حدود مفتوحة، وحرية التنقل، والتبادل الحرّ، وانتعاش التجارة المنظمة بتنمية المناطق التي تعرف هذا النشاط... لكن العكس يساهم في ازدهار نشاط التهريب، على حساب اقتصاديات الدول المعنية وأمنها؛ لفائدة المهربين الكبار الذين يعرفون كيف يسحبون الخيوط السياسية...