المدينة القديمة بسلا يعيش الناس بداخلها حياة خاصة عمق خصوصية تاريخ سلا ، حياة تستحق حقا المتابعة المتأنية و المتفحصة ، و تحتاج قبل كل شيء الآذان الصاغية للمسؤولين ، إنه الكثير من الواقع المعيد لإنتاج وتطوير نفسه بشكل بئيس هنا بالمدينة القديمة ، عمران مهترئ عشوائي ، شعوذة ، إقصاء ، حرمان ، إجرام...... إنها مشاكل و مشاهد متنوعة التقطناها داخل أسوار المدينة القديمة تشكل بيئة برمتها ، تقول بحياة ذات وجدان خاص بسلاويي مدينة القراصنة الأولى .. مشاكل و مشاهد تتركز في ، السوق الكبير غير المنظم الذي تتنامى فيه مظاهر التهميش بتزايد ، وأسرار حياة الليل للعديد من الشباب في الأزقة الضيقة ; و سلاويو الفنادق ، و أصحاب البركة المنتشرون كالفطر ، ثم الشباب الذي يقضي وقته وهو محشش في النقاشات الغير المنتجة ب راس الحومة ، إنه واقع المدينة القديمة بسلا الذي يتحرك ببصمات موصومة بالتخلف و اللاتحضر ...و الذي لا ينبأ سوى بتنامي الظاهرة الإجرامية و بصناعة ماض كئيب في حاضر ساكنة المدينة القديمة التي أرهقها المسؤولون بالوعود الغير المفعلة ، و بتفسيراتهم المتجاهلة لمضمون مشاكلهم الساعة تشير إلى الثانية و النصف صباحا ، المكان زنقة الشيخ بنخضرا بالمدينة القديمة بمدينة سلا ، مشهد مثير 6; شباب يجلسون وسط الزنقة و يضعون 4 قنينات لمشروب الكحول صنف الروج أو كما يسمونه دم الكلب فوق طاولة لا يتجاوز علوها نصف متر و يقضون وقتهم الليلي في السكر ، و سماع موسيقى الشاب بلال في جهاز موسيقي يصطحبونه معهم إلى حين وقت أن تقول رغبتهم بالمغادرة إلى النوم ، مشهد آخر ، 4 شباب سكارى يحملن سيوفا بأيديهم و يسرن بخطوات متسارعة بدرب لعلو و هم يصرخون بأصوات مرتفعة تزعج الناس النائمين ببيوتهم ، مشاهد تتكرر بعد منتصف الليل باستمرار بالمدينة القديمة التي لا تتوفر أزقتها سوى على القليل من مصابيح الإنارة المشتعلة ، فالخمور و الحشيش و أقراص الريفوتريل 2مغ المهيجة منتشرة بكل من زناتة و الملاح القديم و البليدة و الحفرة و ... و لعل حياة الليل بأزقة سلا تقول بصوت مرتفع أيضا بعد الثانية عشرة ليلا من كل يوم ، بكثير من الشباب هنا بالمدينة القديمة ممن لم يرحمهم واقعهم المر ، ينامون مستلقين فوق الكارطون على الأرض بساحة عبد الله بن حسون البلاص و ببورمادا ، و بمنطقة السوق لكبير المكان الذي لا تنتج بيئته الإجتماعية بين أفرادها سوى الفقر و البؤس و اللانظام ... فالسوق لكبير المعروف بين ساكنة سلا كلها ، هو سوق غير منظم ، تتنامى فيه البطالة المقنعة بتزايد ، فالكل هنا من الباعة يضع ما يحلو له على الأرض للبيع ، - كتب قديمة ، حواسيب ، أجهزة كهربائية ،آواني ، ملابس ... - و الذي يزداد عددهم بالسوق يوما بعد يوم ، و لا سيما من الشباب الذي لا يجد لنفسه من مورد مال سوى البيع و الشراء في السلع المستعملة ، إذ يغطون الباعة بالليل سلعهم الثقيلة كالثلاجات و أجهزة التلفاز مثلا ; و يتركونها لحارس السوق الليلي إلى حين وصول التاسعة صباحا موعد بداية البيع و الشراء لكل يوم ، و إلى جانب تجارة الفراشة داخل المدينة القديمة المنتشرة أيضا ببوطويل وزنقة باب سبتة و الصف التي تزعج أصحاب المحلات الذين يبادرون هم الآخرون إلى إخراج سلعهم إلى ساحة السوق و بيعها على الأرض في مشاهد تقول بالمنافسة و الإزدحام الشديدين ، هناك بالسوق الكبير مقاهي شعبية تقليدية يلجها المعوزون ، تقدم بداخلها القهوة بثمن 1.5 درهم للكأس فقط و محلات للمأكولات تقدم وجباتها البيصارة ، الصوبة ، العدس ، و اللوبيا في صحون يعود منظر وضع الطعام فيها إلى سنوات ... فوق طاولات خشبية وسط دكاكين متسخة ، يرتادها بعض الأحيان سلاويو الفنادق الذين يعيشون أسوأ الأوضاع بمدينة التاريخ.. سلاويون يعيش بعضهم في أقل من 2 متر مربع ، و بعضهم لا يأكل إلا بعد مرور يومين فثلاثة أيام...! . و عموما فالتكلم عن السكن بالمدينة القديمة يقتضي لفت الإنتباه أيضا لبعض المنازل الجد مهترئة و القريبة من الإنهيار و التي تم تحصين أسوارها مؤخرا بالحديد السميك حتى لا تسقط و أخرى قرر أصحابها إعادة بنائها من جديد وعيا منهم باهترائها ، و عن عائلات ممتدة تسكن بالمسكن الواحد ... و عن الفنادق بالمدينة القديمة بسلا .. ج ،ع 45 سنة قاطن بفندق باب الخميس الكائن بقرب إعدادية بن شقرون وهو جالس داخل بيته الصغير المهترئ قال لنا والإحباط بادي في وجهه : ، هنا بنادم ساكن غي مغامر أخاي هذا ماكان حيت البني عيان قديم بزاف ومع الشتا كلشي ممكن ، لماكلا كاين تاياكل بنادم هنا من طارو ديال الزبل ، هاتشي قديم هنا من زمان آسي ، الكرا هنا ب10 دراهم للنهار لخلاص بالشهر وبالصيمانا وهادي هي حالة الإنسان فلفنادق دسلا ... قيمة لفنادق راحت مع زمانهم ... عبارات تحمل في مضمونها وضعية استثنائية للسكن و للعيش في فنادق المدينة القديمة بسلا التي تأوي العشرات من السلاويين ، وهي 10 فنادق منها : فندق الحجامي و فندق باب سبتة و فندق لاركو و الفندق المتواجد بالسوق لكبير و .... ، لكن العبارة الأخيرة قيمة لفنادق راحت مع زمانهم التي رددها بصوت مجروح أحد قاطني ; - فندق باب لخميس - تعني ما تعنيه من التلميح لفنادق لم يكن يلجها سوى شكون و شكون على طريقة الكلام الشعبي ،من الميسورين كسكن و أيضا المسافرين عبر المدن .. ثم تحولت بالزمن إلى منبت للتهميش بجميع أنواعه ، أكل من حاويات الأزبال ، استهلاك للسلسيون ، و الكيف ،السكن في مساحات لبيوت هنا لا تتجاوز مساحتها 2 متر مربع ، نظرة اجتماعية متبرأة اتجاه قاطنيها ، صورة هنا لأبناء الفنادق بالمدينة القديمة تتبين في وصمة عار يتحملها سلاويو الفنادق بمحيطهم لا لمجرد أنهم يسكنون في الفندق مكان الأثرياء في الماضي ، موطن أفقر فقراء سلا في مغرب الآن ، إنها تحولات لا تقول إلا بغياب الإهتمام بهذه الفنادق التي لها سنوات عديدة من الزمن لكن كرامة الإنسان فيها ظلت مهمشة باستمرار . و التهميش و أشكاله هنا يجرنا للحديث عن واقع الخدمة الصحية بالمدينة القديمة ،وبالتحديد إلى واقع المركزين الصحيين الجاردة و باب الخميس اللذان يعيشان خصاصا في جودة و كم التجهيز و هو واقع - ينطبق على ال 28 مركز صحي فقط المتواجدة بمدينة سلا - ; و اللذان تبدو عليهم سمات التقادم و الإهتراء بشكل ملفت ، خاصة مركز الجاردة بداخل باب شعفة ... و من باب شعفة إحدى البوابات الرئيسية للمدينة القديمة بسلا إلى أبواب : بوحاجة ، معلقة .... على طول السور المحيط بالمدينة القديمة ، لاحظنا اندثار و تلاشي بعض أجزاء من السور الذي يستدير حول ساكنة -المدينة- التي يتوزع على أزقتها أصحاب بركة نساء و رجال ; منهم من يداوي مرض فقدان الذاكرة و منهم الحسوني ذو الشهرة الواسعة بفضل - بركته.. - و المعروف بكتابته للحواجب في دكانه الصغير بالبليدة و ليس داخل المنازل حال العديد من المشعوذين و النصابين هنا بالمدينة القديمة ،الذين يحرضون على سلوكات ، آخر مشاهد الفرجة فيها هي ذبح للديكة عند الغروب بغار يسمى غار عيشة قرب منطقة لبريمة أو الإستحمام بسبع موجات ، ولعله لواقع لأشخاص يهومون في عالم الأرواح و الغيب و الشعوذة ، بسلوكات ظلت تكرسها ثقافة خرافية حاضرة لسنين يسمح بوجودها و استمرارها بالمدينة القديمة بسلا . هي مشاهد ومشاكل ب المدينة القديمة بسلا تؤشر لواقع متخلف ،ظل يعيد ، إنتاج وتطوير نفسه باستمرار.. بنفس الصورة و نمط العيش الغير المتطوران لأوضاع ناتجة عن تراكم فشل سياسات على مستوى إقليمسلا ، تخلف ; يولي لطرح النقاش عن وضع التسيير المديني والإقليمي سنوات السبعينات و الثمانينات و التسعينات و إلى الأن بمدينتنا ، أهمية بالغة ! .