أعلنت شخصيات من المعارضة السورية كانت مجتمعة في اسطنبول الثلاثاء 24 غشت انها شكلت مجلسًا وطنيًا يهدف الى تنسيق تحركها ضد نظام دمشق. واتخذ القرار في ختام اربعة ايام من المناقشات في اسطنبول، كما اوضح مشاركون خلال مؤتمر صحافي. وقال احد المعارضين احمد رمضان "سقط لنا شهداء، وبعضنا اصيب (...) لكن هذه الجهود والتضحيات سمحت بالتوصل الى وحدة"، وذلك خلال اعلانه عن تشكيل المجلس الوطني. وكان مقررًا ان يستمر مؤتمر اسطنبول يومين بعد افتتاحه السبت الفائت، ولكن تم تمديد المناقشات حتى الثلاثاء. وقال لؤي صافي، وهو خبير في الشؤون السياسية يقيم في الولاياتالمتحدة، ان "المجلس سيجتمع في غضون اسبوعين بهدف انتخاب اعضاء قيادته وامينه العام". وشدد المشاركون على ان المجلس الذي تم تشكيله يضم ممثلين من كل اطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج. واورد البيان الختامي الذي تم تبنيه في ختام المناقشات ان "وحدة كل مجموعات المعارضة تشكل ضرورة رغم الاخطار. ان مؤسسي هذا المجلس ينتمون الى اتجاهات سياسية متعارضة". وقال المحامي ياسر طبارة الذي يقيم في الولاياتالمتحدة وشارك في مؤتمر اسطنبول "يمكنكم اعتبار هذا المجلس بمثابة مرحلة نحو تشكيل هيئة تمثيلية" للثورة السورية. وكان طبارة قال الاحد ان "اولويتنا الاساسية هي سقوط نظام الرئيس بشار الاسد". وجاء مؤتمر اسطنبول غداة اعلان مجموعات معارضة سورية في بيان عن تأسيس "الهيئة العامة للثورة السورية" التي تتألف من 44 مجموعة ولجنة تضم تجمعات المحتجين، وخصوصًا اللجان التنسيقية في المدن داخل سوريا والمعارضين في الخارج. جاء في بيان التأسيس ان هذه الهيئة أُسّست بعد "اندماج كل تجمعات الثورة داخل سوريا وخارجها (...) لتكون ممثلاً للثوار في كل انحاء سوريا الحبيبة". واكدت الهيئة انها "تؤيد اي مسعى حقيقي إلى توحيد جهود المعارضة السورية في الداخل والخارج بما يدعم الثورة السورية"، لكنها اكدت "رغبتها في تأجيل أي مشروع تمثيلي للشعب السوري" من اجل "المصلحة الوطنية والثورة السورية". وسبق ان استضافت تركيا العديد من اجتماعات المعارضين السوريين. ودعت تركيا النظام السوري الى وقف عمليات القمع واجراء اصلاحات، من دون ان تطالب حتى الآن بتنحّي الاسد. من جانبه، أبدى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الثلاثاء رغبته في وضع نظام دمشق امام مسؤولياته من خلال قراره ارسال لجنة تحقيق "بشكل عاجل" الى سوريا لاجراء تحقيقات بشأن انتهاكات لحقوق الانسان في هذا البلد. فقد وافق مجلس حقوق الانسان غداة جلسة استثنائية بغالبية 33 صوتًا مقابل 4 اصوات ضد، على قرار يدين ايضًا "بشدة الانتهاكات المستمرة الخطرة والمنهجية" لحقوق الانسان في سوريا. ولدى افتتاح الجلسة الاثنين قالت مفوضة الاممالمتحدة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي ان انتهاكات حقوق الانسان "مستمرة حتى اليوم في سوريا"، مشيرة الى سقوط 2200 قتيل منذ بدء الازمة في اذار/مارس الماضي، منهم 350 منذ بداية شهر رمضان. واكدت ان "قوات الامن تواصل خصوصًا استخدام القوة المفرطة، وتستخدم المدفعية الثقيلة" ضد المتظاهرين. وكررت بيلاي ان "حجم وطبيعة هذه الاعمال يمكن ان ترقى الى مستوى جرائم ضد الانسانية". وقرر المجلس بحسب القرار "ارسال لجنة تحقيق مستقلة بشكل عاجل" الى سوريا ل"اجراء تحقيقات حول انتهاكات لحقوق الانسان في سوريا" خلال الاشهر الاخيرة، وتحديد الوقائع والظروف التي ادت الى مثل هذه الانتهاكات" و"كشف مرتكبيها للتأكد" من امكانية محاسبتهم على افعالهم. ويطلب القرار الذي اقترحته الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي والدول العربية الاربع في المجلس -- السعودية والاردن وقطر والكويت -- من السلطات السورية "التعاون كليًا مع لجنة التحقيق". ومن المفترض ان ترفع هذه اللجنة تقريرها قبل نهاية تشرين الثاني/نوفمبر وتنقل استنتاجاتها الى الامين العام للامم المتحدة والهيئات المختصة. وقال مندوب بولندا سيسازي لوسينسكي باسم الاتحاد الاوروبي "انه رد واضح جدا من المجلس على الانتهاكات الخطرة والمنهجية الجارية في سوريا". واعتبر دبلوماسي اوروبي آخر ان التصويت "يؤكد الضغط الدولي المتزايد على سوريا، بما في ذلك من جانب دول عربية". وقالت مندوبة الولاياتالمتحدة في المجلس ايلين دوناهوي ان التصويت يدل على ان "هناك توافقًا متناميًا في المجتمع الدولي على ان نظام (الرئيس بشار) الأسد فقد شرعيته في حكم الشعب السوري". الا ان نواة صغيرة من الدول الداعمة لسوريا، بينها روسيا والصين، أسفت من جهتها لفشل المشاورات من اجل التوصل الى توافق. وقال مندوب روسيا "ان القرار ليس متوازنًا، ولا يأخذ في الاعتبار الخطوة الايجابية التي اتخذتها الحكومة السورية لاستقرار البلاد ورغبتها في الحوار". واعتبر المندوب الصيني من ناحيته ان اعتماد المجلس لهذا القرار "لن يؤدي سوى الى تعقيد الوضع". وقال مندوب سوريا فيصل خباز الحموي ان القرار "دوافعه سياسية 100 بالمئة". واضاف ان سوريا ستسمح بزيارة بعثة المفوضية العليا "عندما ينتهي التحقيق السوري المستقل". وكان مجلس حقوق الإنسان طالب سوريا اثناء جلسة عقدها في 29 نيسان/ابريل الماضي بإجراء تحقيق في البلاد، الامر الذي لم يحصل. وقد منعت بعثة خبراء شكلتها المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة من دخول البلاد، الا انها تمكنت من التوجه الى البلدان المجاورة، باستثناء لبنان، وجمعت شهادات من آلاف السوريين الذين هربوا من بلادهم. وفي تقريرها المؤلف من 22 صفحة، والذي نشر الخميس الماضي، اشارت البعثة الى عمليات "تعذيب وممارسات اخرى مهينة ولا انسانية قامت بها قوات الامن والجيش بحق مدنيين" يمكن ان "ترقى الى مستوى جرائم ضد الانسانية"، وبالتالي قد تفتح الباب امام اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية.