صدر للدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكو- كتاب جديد بعنوان : (حاضر اللغة العربية) يتضمن دراستين لغويتين، الأولى عن (حاضر اللغة العربية)، والثانية عن (في مشاكل اللغة العربية : عود على بدء)، مع الترجمتين الإنجليزية والفرنسية وضمن منشورات الإيسيسكو. وسبق للمؤلف أن أصدر كتابين عن (مستقبل اللغة العربية) في سنة 2004، وعن (اللغة العربية والعولمة) في سنة 2008. وجاء في المقدمة التي عرف فيها المؤلف بالمنهج الذي اتبعه في دراسة الواقع اللغوي في العالم العربي : « إن اللغة هي عنوان أيّ أمّة واللسان الناطق بهويتها، والمعبر عن خصوصياتها والمجسّد لمقوماتها الفكرية والمعرفية. واللغة العربية هي جوهر الذاتية الخاصة للأمة العربية الإسلامية، والعنصر الرئيس في البناء الثقافي والحضاري الذي رفعت الأمة صروحَه عبر الزمان. ولذلك كان التفريط في هذا الجوهر، تفريطًا في هذا العنصر الذي هو من أهم مقومات الأمة، بعد الإسلام دين اللَّه الخالد، الذي أنزل اللَّه تعالى كتابه الحكيم باللسان العربي المبين، واختار رسوله الكريم محمدًا بن عبد الله، صلى اللَّه عليه وسلم، من خير أهل هذه اللغة التي شرّفها اللَّه وميّزها بين لغات العالم، فكانت، ولا تزال وستبقى دائماً، لغة الفصاحة والبلاغة والمورد العذب المتدفّق، وكان في الحفاظ على هذه اللغة صونٌ للهوية، وحفظٌ للكيان، واستمرار لفهم الميراث المعرفي الحضاري الثمين الذي تناقلته الأجيال وأضافت إليه في مجالات الحياة المختلفة». واستطرد قائلا ً : « ولقد علمنا التاريخ الثقافي والحضاري للأمم والشعوب، أن في ازدهار اللغة ازدهارًا للحياة العقلية، وتقدمًا في مضمار العلوم والفنون والآداب، وأن في قوة اللغة قوةً للأمة الناطقة بها، وأن اللغة تكتسب قوتها من إبداع أهلها بها، ومن تفوقهم في هذا الإبداع الذي يشمل نواحي الحياة العامة. وبعكس ذلك يكون في ضعف اللغة ضعفٌ للأمة الناطقة بها، ويسري هذا الضعف إلى مفاصل المجتمع، وإلى مرافق الحياة جميعاً، فيكون التراجع الذي قد يؤدّي إلى العجز الثقافي والحضاري وجمود الحياة». وذكر أن اللغة العربية جرى عليها ما جرى على لغات أخرى، إذ تراجعت وأصابها الضعف والهزال عبر أحقاب متطاولة، إلى أن دبت فيها الحياة مع الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، حين نشطت حركة التأليف باللغة العربية بعد ركود طال قرونًا، وتأسست المطابع وصدرت الجرائد والمجلات، ونشرت مؤلفات باللغة العربية في مختلف فروع الثقافة، وظهرت معاجم عربية، وبدأت مع مطلع القرن العشرين تجربة نشر دوائر المعارف، وأنشئت الجامعات بعد إنشاء المدارس، ثم أعقب ذلك كله تأسيس المجامع اللغوية التي تعنى بتطوير اللغة العربية وتطويعها لتستجيب لمتطلبات النمو الذي تعرفه المجتمعات العربية، فضلا ً عن اتساع رقعة الاهتمام باللغة العربية خارج ديارها من قبل الشعوب الإسلامية المرتبطة دينياً بلغة القرآن الكريم، ومن طرف دوائر الاِستشراق، ومعاهد البحوث والدراسات والجامعات التي بها أقسام تعنى بلغة العرب وبتراث المسلمين، بغض النظر عن الدوافع التي تكمن وراء تلك العناية، مما أدى إلى ازدهار سوق اللغة العربية فعرفت نمواً مطرداً وتطوراً متواصلاً وانتشاراً واسعاً. وقال إنه مع تصاعد حركة العناية باللغة العربية، وتنامي الإنتاج الأدبي والثقافي والعلمي بها، وانتشار التعليم والصحافة والإعلام الناطق بالعربية داخل العالم العربي وخارجه، وتزايد أعداد الدارسين لها