(في الصورة : الشيخ راشد الغنوشي مستقبلا محمد الهادي الزمزمي لحظة وصوله بمطار تونس) نصرالدين السويلمي – تونس – أون مغاربية بعد ما يناهز العشرين عاما من الغربة القسريّة عاد الشيخ محمد الهادي الزمزمي إلى تونس الأحد الماضي 3 يوليو قادما من ألمانيا، والشيخ الزمزمي شخصيّة تربوية معروفة في الوسط الدعوي في تونس قبل تسعينيّات القرن الماضي ، وقد عرفته واستفادت منه الأوساط الإسلاميّة في أوروبا بعد هجرته القسرية، لديه علاقات واسعة مع الجاليات العربيّة الإسلاميّة في هذه القارة حيث تردّد على مدى عقدين من الزمن على مراكزها ومساجدها ومختلف مؤسساتها، كما يعتبر الشيخ من الدعاة القلائل الذين استطاعوا تحقيق الإجماع حولهم وهو إلى ذلك واحدا من الذين ألّفوا بين مختلف النسيج الإسلامي ومدارسه وشرائحه المتعددة، وقد نجح أيّما نجاح في لجم حالات العنف التي ظهرت عند الكثير من الشباب خاصّة في العقد الأخير متأثرين بما تعرضت له الأمّة الإسلاميّة من استعمار وابتزاز ومحاولات التركيع المتتالية، وأسهم الشيخ بحكم الثقة التي اكتسبها حيث ما حل في توجيه أنظار الشباب إلى الدعوة والعمل واكتساب أسباب القوة الكامنة في العلم والانضباط والأخلاق، كما عرف عنه تبنيه للحكمة التي عنون بها الأستاذ الهضيبي كتابه "دعاة لا قضاة". الشيخ الزمزمي استقبل في تونس استقبالا حارّا من إخوانه وأحبابه ورجال الدعوة والفكر وعشّاق أسلوبه الدعوي، وأبرز من كان في انتظاره في مطار تونس "قرطاج الدولي" الشيخ راشد الغوشي حيث كانت لحظات لقاء تعانقت فيها صلة الدعوة مع صلة الرحم "الشيخ الزمزمي ابن عمّة الشيخ الغنّوشي" . يذكر أنّ الشيخ وإلى جانب نشاطه الدعوي في أوروبا والنضالي ضدّ نظام بن علي قام بالعديد من النشاطات الكتابية ولأسباب عدّة لم يرَ منها النور إلا كتابه الذائع الصيت "تونس الإسلام الجريح"، هذا المؤلف الثري وصلت نسخه إلى العديد من الدعاة والعلماء وطلبة العلم والمفكرين للإستعانة به في تشخيص محنة الإسلام في تونس خلال العقود الأخيرة حتى أنّ الكثير من دعاة وعلماء المشرق العربي المعروفين على الساحة أثنوا على الكتاب واعتبروه وثيقة صالحة لتكون مرجعا مهمّا في تاريخ تونس المعاصر. قبل مغادرته ألمانيا متوجها إلى تونس صرّح الشيخ بأنّه أنهى فصول كتابه الجديد الذي سيصدر في مجلد كبير وأنّ الإعلان عنه سيكون انطلاقا من تونس، كما أكّد أنّ الكتاب سيكون قريبا في المكتبات التونسيّة والعربيّة. عُرف الشيخ محمد الهادي الزمزمي في سنوات الجمر وخاصّة العشر سنوات الأخيرة برئاسته للهيئة العالميّة للدفاع عن الدين الإسلامي بتونس، هذه الهيئة التي قامت بالتصدي لخروقات النظام البائد واستهانته بالمقدسات الإسلاميّة، فكان لها الدور البارز في التنديد بتجاوزات السلطة في حق الدين الإسلامي الحنيف لدى الرأي العام التونسي والعربي ثم لدى المجامع الإسلاميّة عبر العالم. يذكر أنّ الشيخ محمد الهادي الزمزمي وإلى جانب تخرّجه من قسم الشريعة بجامعة الزيتونة كان قد نال الإجازة من كلية الحقوق ومارس مهنة المحاماة لسنوات طويلة، وقد عرفته قاعات المحاكم في عهد بورقيبة وبن علي مدافعا مستميتا عن السجناء السياسيّين كما يعد أحد القادة المؤسسين ل "حركة الاتجاه الإسلامي" التي تغيّر اسمها لاحقا لتصبح "حركة النهضة".