على إيقاعات تحتفي بقيم الحرية والكرامة، افتتح بضاحية قمرت التونسية أول أمس الثلاثاء 5 يوليوز 2011 مهرجان قرطاج الدولي في أولى دوراته عقب ثورة الرابع عشر من يناير، التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي. فعاليات هذه الدورة اكتست لونا خاصا حيث تميزت بمشاركة أصوات غنائية تونسية غيبها الطابع التسيسي، الذي فرض على المهرجان فنانين عرفوا بولائهم للنظام المخلوع. وجوه فنية جديدة عوضت تلك التي استأثرت بالمهرجان في السنوات الماضية، غنت للحرية ولربيع الثورات العربية، وعكست السياسة الجديدة للمهرجان التي تصبو لمنح فرص للمبدعين الشباب. إلا أن النكهة السياسية لم تغب عن هذه النسخة من مهرجان قرطاج، الذي يعد أحد أعرق المهرجانات العربية، والذي لدواعي أمنية لم يقم كما اعتاد على ذلك الجمهور على مسرح قرطاج الأثري وخفضت ميزانيته من أربع ملايين دولار السنة الفارطة إلى أقل من 1,5 مليون دولار هذا العام. المهرجان الذي ستستمر فعالياته إلى حدود 16 من هذا الشهر، عكس برنامجه بشكل واضح المناخ الثوري الذي لا تزال تونس تعيش على وقعه منذ 14 من يناير، من خلال عروض مزجت بين الموسيقى والشعر كان أبرزها حفل الفنان التونسي "رضا الشمك" بعنوان "إرادة الحياة"، الحفل شاركت فيه عدد من الأصوات الفنية التونسية كانت قد غيبت في مرحلة ما قبل الثورة منها أسماء بن أحمد ونوال بن صالح ووليد المزوغي وروضة بن عبد الله. كما تخللته قراءات شعرية لقصائد محمود درويش كقصيدة "تكبر" و"يطير الحمام" وأخرى لنزار قباني، بالإضافة إلى أغاني تنشد الحرية والكرامة وتغني للوطن المنتصر على الاستبداد. المهرجان سبقه جدل واسع في صفوف التونسيين، غداة منح وزير الثقافة في الحكومة الانتقالية عز الدين باش شاوش الفنان التونسي لطفي بوشناق شرف افتتاح السهرة الأولى من المهرجان، القرار لقي معارضة فعاليات فنية وسياسية تونسية بسبب اتهام بوشناق بموالاته لنظام بن علي، وكان قد سبق له أن دعا التونسيين إلى التصويت على بن علي لولاية رئاسية جديدة قبل أن تضع ثورة 14 يناير حدا لحكمه. وزارة الثقافة استجابت للمطالب الداعية بإلغاء حفل بوشناق وعوضته بمجموعة من مغنيي الراب الذي كان لهم إسهام كبير في اندلاع الثورة التونسية.