يتساءل عديد من القراء والمتابعين لتطورات كرونولوجيا الجسم الصحفي بالمغرب حول التغيرات التي سيعرفها مستقبلا في ضوء التشريعات المنتظرة في حقل الإعلام والصحافة ، مع "اللجنة العلمية للحوار حول مشاريع قوانين الصحافة و الإعلام" ، التي يترأسها محمد العربي المساري ، و قد غيب عنها رشيد نيني و آخرون من وجوه الإعلام البارزة بالمغرب. خاصة مع تطمينات وتصريحات وزير الاتصال الخلفي ، حول احترام حق النشر ، وإبعاد تطبيق العقوبات السالبة للحرية عن السلطة الرابعة التي تجعلها بعض الأقلام دائما السلطة الأولى. مصطفى الخلفي الذي عمل بنفس المهنة وتعرف على متاعب الكتابة الصحفية ويدافع عن دعم استقلاليتها وحريتها مع تحمل قدر كبير من المسؤولية ، يملك فرصة تاريخية قد لا تعوض لإصلاح و تحرير الصحافة المغربية من المتابعات و المزايدات ، وقد يسجل التاريخ اسمه في سجل من ذهب ، إن استطاعت وزارته المساعدة على إنجاب هذا المولود المنتظر في كامل قواه ودون عيوب خلقية، تحتاج لرضاعة اصطناعية بها مكملات غذائية وفيتامينات حمائية ، وفي وزنه المثالي الذي ينتظره كل صحفي يريد أن يرقى المغرب لصف الديمقراطيات الحقيقية ، التي لا تهفو للإنجازات الشفوية فحسب دون تحقيق للإنجاز في واقع المواطن المغربي كما يحصل في عديد من المجالات الأخرى. كرونولوجيا المتابعات والمضايقات للصحفيين في المغرب الأقصى عاشت السلطة الرابعة صراعا كبيرا مع السلطات الأخرى من سلطة عليا و تنفيذية وقضاء ، حيث اصطدم عملها الجليل الإنساني المنير والمستنير ، مع مقتضيات فصول جنائية ، تلقي بالصحفيين في السجون الحقيقية والمادية ، لتحكم عليهم بالإفلاس النفسي والمعنوي والمالي ، حتى تغلق بواباتهم المفتوحة على الشعب ، فتحارب خدمة الشعب في معرفة وتملك المعلومة ، كما اتفق عليها في حقوق الإنسان عالميا ، وتعمل بها الحكومات الديمقراطية ، التي تحترم أبناءها ، والتي يهفو المغرب دوما إلى تتبعها في كل صغيرة وكبيرة. و نستشهد باستشهاد رشيد نيني ببيت شعري للمتنبي ، حين يصف عمل القاضي قائلا “ ياأعدل الناس إلا في محاكمتي --- فيك الخصام وأنت الخصم والحكم ” فقد عرفت السنوات الأخيرة ضغطا نفسيا كبيرا على الصحفيين لإسكات ألسنتهم الصافية ، وإقبار منشوراتهم الشعبية ، و تشويه سمعتهم النضالية و الوطنية المحترمة. ومن أهم فصول مسرحيات المخزن المغربي في تكميم الأفواه والضحك على فصول قانون الصحافة المغيب ، والتنكيل بصحفيين مرموقين. مصطفى العلوي ، عميد الصحفيين المغاربة مدير جريدة "الأسبوع " حوكم بتهمة القذف والتشهير والسب والشتم والتدليس" نتيجة كتابته عن موضوع شراء الدولة المغربية لمنزل بالديار الأمريكية بثمن باهض، حكم عليه بالسجن وبغرامة 27 ألف دولار ، وإيقافه عن ممارسة الصحافة ثلاث سنوات. - بوبكر الجامعي الذي نال جائزة "جبران تويني 2010" وهي جائزة الرابطة العالمية للصحفيين والناشرين ، و اعتبر أن الجائزة تكريم للصحفيين المغاربة الذين يعانون من تراجع الحريات خلال السنوات الأخيرة ، كان قد غادر المغرب إلى إسبانيا بعد محاصرة جريدته الأسبوعية " لوجورنال إيبدومادير" التي حققت نجاحا كبيرا بجرأة عالية. وبنفس تهمة العلوي السابقة وفي نفس الموضوع حوكم الجامعي ،وكانت الغرامة 480 ألف دولار. - علي لمرابط ، مدير مجلتي "دومان" و "دومان ماغازان" ، قضى أربع سنوات نافذة لم يتممها نتيجة العفو الملكي ، و منع من الصحافة عشر سنوات ، وتهمته مختلفة وهي "المس بالمقدسات" . - حكم على الصحافي العامل في المجلة الأسبوعية "الوطن الآن" مصطفى حرمة الله شهر غشت عام 2008 ، بالسجن لمدة ثمانية أشهر فيما حكم على مدير النشر في المجلة عبد الرحيم أريري بالسجن لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ. - قرر القضاء تغريم ثلاث يوميات هي "المساء" و"الجريدة الأولى" و"الأحداث المغربية" بأداء كل واحدة منها غرامة مالية قدرها 110 ملايين سنتيم (372 ألف دولار) تعويضا عن "الضرر للرئيس الليبي معمر القذافي" . وقررت تبعا لذلك أزيد من 15 جريدة مغربية حجب افتتاحياتها لعدد الجمعة 10 يوليوز2009 . في هذا التاريخ كان وزير الاتصال الحالي "مصطفى الخلفي" مديرا للنشر بجريدة "التجديد" حيث مكث في هذا المنصب من شهر دجنبر 2007 إلى يناير 2012 . "التجديد" بإدارة الخلفي آنذاك وضعت تعليقا يقول "يوم بدون افتتاحيات: حذفته الأحكام الجائرة ضد الصحف المغربية". وكتب الصحفي يحيى اليحياوي بالجريدة " مقالا بعنوان " صحافة بمداد أبيض" استغرب فيه هذه الأحكام ، "سيما وقد ولى زمن إعمال العقوبات السالبة للحريات, والتي لم تؤت أكلها في الثني والردع, فما بالك في الإسكات. ثم إن الرسالة المتضمنة في فراغ الافتتاحيات ليوم العاشر من يوليوز, إنما مفادها أن قضاء تحول إلى خصم وحكم, لا يمكن أن يكون منصفا ولا عادلا ". وعبرت أثناءها " الفيدرالية المغربية لناشري الصحف"، التي تضم مديري وناشري الجرائد، فيما وصفته آنذاك "الوضع المقلق للصحافة المكتوبة بالمغرب"، منددة ب"الأحكام القضائية الخطيرة التي تعرضت لها المنابر الصحفية". - رشيد نيني ، مدير جريدة المساء توبع بتهمة القذف في حق نواب و كلاء الملك بالقصر الكبير على خلفية حفل الشواذ الذي أقيم بالمدينة ، و كان الحكم غرامة ب 600 مليون سنتيم. كما توبع نيني على خلفية أعمدة كتبها منها "حموشيات" و"صفحة ينبغي أن تطوى" و"الإرث الثقيل" مع صديق صديق الملك ومستوى الباك ناقص 3 و " الله ينعلها قاعدة ". و التهمة كانت " تحقير مقررات قضائية والتبليغ عن جرائم يعلم بعدم حدوثها والتأثير على مقررات القضاء". وحوكم بسنة حبسا نافذا، و لم يوافق الديوان الملكي على طلب العفو فيما بعد ، ولو أن البعض قال إن المحامين لم يطلبوا العفو لأنه غير مذنب . وقال إذاك خالد السفياني معلقا على هذا الحكم "إننا نعيش زمنين لا علاقة بينهما في نفس البلد. فهناك وزير العدل الذي هو رئيس النيابة العامة، والذي يفتخر بأنه لم يحبس أي صحفي في عهده، وبعد أيام قليلة يصدر قرار باعتقال الصحفي رشيد نيني باستعمال مواد من القانون الجنائي عوض متابعته بفصول قانون الصحافة، وهي رسالة قوية في اتجاه المغامرة بمستقبل البلاد لأن الرسالة لم توجه إلى نيني، وإنما هي موجهة إلى كل الصحفيين ووسائل الإعلام وإلى كل صوت حر". - علي أنوزلا ، مدير يومية " الجريدة الأولى " توبع بتهمة " إفشاء أسرار" بعدما نشرت جريدته شهادات لضحايا سنوات الرصاص ، و توبع بتأدية مبلغ 1000 درهم عن كل يوم ، مع وقف نشر الشهادات. كما حكم عليه بالسجن لمدة سنة واحدة مع وقف التنفيذ، وكذلك أدينت الصحفية "بشرى الضو" وحكم عليها بالسجن ثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ ، طبقا للفصلين 42 و68 من قانون الصحافة، نتيجة نشر خبر حول صحة الملك محمد السادس . - كذلك حكم على إدريس شحتان مدير الجريدة الأسبوعية "المشعل" بالحبس النافذ لمدة سنة واحدة ، بتهمة نشر أخبار زائفة حول مرض الملك. - حسن الراشدي ، مدير مكتب الجريدة بالرباط ، حكم عيه بسبعة آلاف دولار ، ولم تكن تهمته سوى" نشر خبر زائف على خلفية أحداث سيدي إفني" حيث ذكر إلى جانب عدة منابر وطنية ودولية خبرا زائفا حول سقوط ضحايا بأحداث سيدي إيفني. - آخر مسلسلات التضييق – وربما ليس الأخير - كان يوم الأربعاء 21 نونبر 2012، حيث أدين الصحفي " المهدي الكراوي" من جريدة المساء ، بأربعة أشهر موقوفة التنفيذ و غرامة عشرة آلاف درهم ، ودرهم رمزي لأربعة أعوان سلطة ، نتيجة كتابته في موضوع نشر بعددها رقم 1722 الصادر بتاريخ 6 أبريل 2012 ، تحت عنوان " تورط رجال سلطة في بيع استمارات المساعدة الطبية (راميد)" بآسفي . حيث رأت النيابة العامة في آسفي أن الصحفي " يزعزع طمأنينة المواطنين"، رغم توفر دفاع الكراوي على شهود أكدوا عدم توفر مقاطعة “بياضة” على استمارات المساعدة الطبية. دور وزارة الاتصال محوري في الخروج بقانون منصف للصحفيين قال مصطفى الخلفي على خلفية الاحتفال باليوم الوطني للإعلام خلال افتتاح ندوة علمية دولية في موضوع " حرية الصحافة في محك التقييم " يوم 15 نونبر 2012 ، إن تصنيف المغرب المتقهقر في مجال الصحافة ، حيث يحتل مراتب سيئة بين دول إفريقيا ،" لا يعكس الواقع القائم٬ وإن كان يثير تحديات يتعين رفعها ". وأضاف أن تقارير صدرت في السنتين الأخيرتين ، ذكرت حيثيات غير دقيقة ، ما يستوجب نهج أسلوب الحوار والتواصل لإنتاج صورة واقعية عن حرية الصحافة بالمغرب. وأكد الوزير على الجهود المبذولة في هذا الإطار من أجل إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قانون الصحافة وتعزيز دور القضاء ، للوصول إلى صحافة حرة ومسؤولة . وكان وزير الإتصال قد أورد على هامش ندوة دولية نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان يومي 21 و 22 شتنبر 2012 أنه سيتم وضع مشروع القانون المنظم لحماية الحق في الوصول إلى المعلومة ، التزاما بالمواثيق الدولية في هذا الشأن ، وكما ينص على ذلك الفصل 27 من الدستور الجديد . وسيتم إنهاء هذا الورش بإخراج هذا القانون المنظم بداية سنة 2013 . ووفق تقرير صادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" في 2011 حل المغرب في المرتبة 138 من بين 179 بلدا خضع للتقييم حول حرية الصحافة. كما عدد في تقرير المؤسسة الأمريكية 'فريدوم هاوس' التي تعنى بقضايا حرية الإعلام والتعبير في العالم ، مجموعة من الانتهاكات التي يعاني منها رجال الإعلام بالمغرب ، والتي تمثلت في تدخلات عنيفة من قبل قوات الأمن. كما تناول التقرير حالة الصحافي "رشيد نيني" الذي قضى سنة كاملة بسبب كتاباته. كما انتقد سلوكات السطات المغربية إزاء أي تغطية إعلامية تعارض الموقف الرسمي للحكومة حول قضية الصحراء، و تواجه المراسلين الذين يكتبون بشكل نقدي بالطرد أو الاعتقال . وكان كل من "الخلفي" و "رشيد نيني" قد حلا في نفس تاريخ اليوم الوطني للإعلام ضيفين على قناة الجزيرة ، و كرر الوزير نفس التنويه بالعمل على خلق قانون يحمي الجسم الصحفي من ويلات الحبس والسجن. رشيد نيني الذي ذاق هاته الويلات وعاد بمشروع جديد للأخبار ، ركز في إضافاته على وجوب تطبيق قانون الصحافة بدل القانون الجنائي. يذكر أنه تم الاعتداء على صحفيين وكسرت بعض آلات التصوير لديهم ، وهم يقومون بتغطية مهنية لنشاط من أنشطة حركة 20 فبراير أمام البرلمان. ما خلف سخطا عارما لدى الصحفيين والنشطاء الحقوقيين بالمغرب، حيث احتج العشرات منهم أمام وزارة العدل والحريات يومه الخميس 15 نونبر. ** مدير موقع العربية.ما