اجمع العديد من المفكرين والأكاديميين العرب اليوم الخميس 30 اغسطس الجاري بخريبكة على ضرورة منح القضية الفلسطينية ما تستحقه من عناية وقيمة في مجال السينما الوثائقية حرصا على هويتها، وتراثها، والتصدي لكل الممارسات الإسرائيلية الهادفة لطمس معالم فلسطين والتستر على مجازرها وممارستها اللامشروعة. ودعا هؤلاء المفكرون الذين كانوا يتحدثون في ندوة " صورة فلسطين في الفيلم الوثائقي" بمناسبة انعقاد الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي الذي انطلق أمس إلى تكثيف الانتاجات السينمائية في هذا المجال، وذلك بهدف التأريخ للقضية، ونصرتها، وجعل السينما احد الصورة المثالية والنموذجية في التعريف بمعاناة الفلسطينيين وممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلية الغاشمة. وقالت القطرية روان الضامن في مداخلة لها خلال اللقاء الذي نشطه المغربي عبد الإله الخطابي أن صورة فلسطين في الانتاجات الوثائقية عاطفية ومبعثرة وبلا جذور، مؤكدة أن السينما الوثائقية في تعاملها مع القضية الفلسطينية تعتمد على العاطفة وليس على المعلومة الحقيقية. وأضافت أن اهتمامها بالقضية يعود إلى سنوات الطفولة مع شقيقتها دينا، موضحة أنها قدمت خلال مسيرتها المهنية، العديد من الأعمال تهم القضية منها سلسلةّ "أطفال فلسطين أيام زمان"، وسلسلة" النكبة وأصحاب البلاد"، وغيرها. وشددت في مداخلتها على ثلاث فرضيات وطروحات، همت تحديات توثيق صورة فلسطين، حيث أكدت في هذا السياق أن إدخال كاميرا إلى فلسطين يعد مشكلة عويصة ومعاناة قاسية يعانيها كل فنان هناك. أما الثانية فتهم تحديات إيجاد صورة ومعلومة للتوثيق، حيث لا يمكن في هذا الجانب إيجاد صورة حقيقية تؤرخ لما يحدث هناك، من تهجير وقمع وتطهير عرقي وطمس للهوية الفلسطينية، موضحة أن المعلومة موجودة لكنها مبعثرة ومشتتة حتى اليوم. أما الطرح الثالث فيتعلق بتحديات التشويه باتجاه المعلومة في القضية الفلسطينية. من جانه أكد الكويتي الدكتور عبد الله جودت أن التشويه الذي تتعرض له القضية الفلسطينية يستدعي من المهتمين بذل مزيد من الجهود من اجل إنتاج أعمال وثائقية تهم القضية التي اعتبرها قضية متحركة وغير راكضة. واستذكر بالمناسبة انه ساهم في إنتاج العديد من الأعمال، منها" الوعد" بعمان و"المبدعين إلى مرج الزهور" في لبنان، وفيلم آخر عن مذبحة الحرم الابراهييمي، فضلا عن تأسيس مؤسسة طيف التي أنتجت نحو 85 ساعة تلفزينة عن فلسطين. وقدم في مداخلة له بالمناسبة العديد من الثغرات التي مست الفيلم الوثائقي الفلسطيني منها التركيز على الجانب السياسي، والانهزامية والبكائية، وعدم التركيز على الجانب السلوكي الفلسطيني، فضلا عن عدم العناية بالأسلوب الخطابي للفيلم، وعدم تقديم صورة متكاملة عن فلسطين، وعن الاخر، وذلك من اجل أحداث توازن في عقل ونفسية المشاهد الغربي. ودعا إلى ضرورة توثيق الأرض والتراث والمقدسات قبل أن تمحى، وتوثيق الناس وشهاداتهم قبل فوات الأوان، فضلا عن إيجاد أفلام تحكي عن حياة المواطن الفلسطيني بهدف توعية المشاهد بالقضية. كما شدد على البعد الحقوقي والقانوني في الانتاجات السينمائية الوثائقية، وتطوير رؤية متكاملة عن القضية وتأسيس تجمع فني يهتم بالانتاجات الوثائقية الفلسطينية، مع التعجيل بتوثيق جيل النكبة. واقترح خلال الدورة المقبلة من المهرجان، إنتاج أفلام تحكي الواقع الفلسطيني الحقيقي، وذلك من خلال الاستعانة بخدمة الهاتف النقال، وإحداث مشروع أطلق عليه اسم" فلسطين في عيون المخرجين الشباب". من جهته أكد الفلسطيني سليم النفار أن الخروج والعودة إلى قطاع غزة يعد ضربة حظ، وذلك بسبب ظروف عيش الفلسطينيين هناك، وهو الأمر الذي غيب المخرج الفلسطيني فائق جرادة الذي كان من المنتظر أن يساهم في هذه الندوة بورقة مهمة. وأضاف النفار الذي تكفل بقراءة ورقة المخرج جرادة أن الانتاجات الوثائقية عن فلسطين يشوبها العديد من الثغرات والملاحظات، داعيا إلى إعطاء القضية في السينما الوثائقية بعدها الإنساني. كما أشار إلى ان الجهات الرسمية في في فلسطين مقصرة في حق السينما الوثائقية، داعيا إلى دعمها حتى تحقق الرهانات التي تصبو إليها، والتي تخدم في العمق القضية الفلسطينية برمتها. وكانت الدورة التي تقام حتى السبت المقبل، بمشاركة 12 دولة قد انطلق بتكريم كل من المغربي نور الدين الصايل والكويتي عبد الله جودت، والتركي حلمي ايتيكان والراحل حميد بايزو. كما تشهد الدورة التي تقام بدعم من المركز السينمائي المغربي، و مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، وعمالة إقليمخريبكة والجزيرة الوثائقية، وبتعاون مع الجماعة الحضرية، عددا من الفقرات المتميزة منها عرض أفلام خارج المسابقة الرسمية، فضلا عن تنظيم معرض للفنون التشكيلية من توقيع عبد الرحيم نويسة، إضافة إلى تكريم الفنان العربي الكبير مارسل خليفة ومنح جوائز المهرجان، التي تهم المسابقة الرسمية وجائزة النقد.