تعقد "حركة النهضة" الإسلامية من 12 إلى 15 تموز/يوليو 2012 أول مؤتمر عام وعلني لها منذ تأسيسها، وسط توقعات بإعادة انتخاب زعيمها التاريخي راشد الغنوشي رئيسا. وسيكون المؤتمر الذي يحمل شعار "مستقبلنا بين أيدينا" التاسع في تاريخ النهضة وسينتخب خلاله 1103 من المنتسبين إلى الحركة رئيسا وأمينا عاما وأعضاء جددا للمكتب التنفيذي للحركة. ويبلغ راشد الغنوشي من العمر 71 عاما، وهو يتولى منذ 1991 رئاسة التنظيم الذي نشأ سنة 1972 وبقي محظورا حتى الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011. وسبق لحركة النهضة تنظيم خمسة مؤتمرات سرية داخل تونس في الاعوام 1979 و1981 و1984 و1986 و1989، وثلاثة مؤتمرات في المهجر في الاعوام 1995 و2001 و2007. ومن المتوقع إعادة انتخاب الغنوشي الذي يصفه مراقبون بانه رجل "الوفاق" بين الجناحين المعتدل والمتشدد داخل حركة النهضة رئيسا للحركة. و"ستكون المهام الرئيسية للمؤتمر (التاسع) من دون شك ترسيخ (صورة) النهضة كحزب اسلامي معتدل منفتح ومهتم بمشاغل التونسيين والتونسيات وبتحقيق طموحاتهم" حسب تصريح صحفي للغنوشي نشره الأربعاء موقع "ليدرز" الالكتروني التونسي. وقال الغنوشي أنه متمسك بالتحالف الحاكم الذي شكلته النهضة وهي الحزب الأكثر تمثيلية في المجلس الوطني التأسيسي حيث تشغل 89 من 217 مقعدا، مع حزبي "المؤتمر" (29 مقعدا) و"التكتل" (20 مقعدا) اليساريين. وبموجب هذا التحالف، تولى حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة، رئاسة الحكومة ومنصف المرزوقي مؤسس حزب "المؤتمر" رئاسة الجمهورية، ومصطفى بن جعفر مؤسس حزب "التكتل" رئاسة المجلس التأسيسي المكلف اعداد دستور جديد لتونس. وأضاف الغنوشي أن هذا التحالف "أثبت صلابته" رغم أنه "ليس من السهل قيادة" حكومة في مرحلة انتقالية. وفي الشهر الماضي تعرض التحالف إلى هزة كبيرة إثر تأزم العلاقة بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية جراء قرار حمادي الجبالي ترحيل البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الراحل معمر القذافي، إلى ليبيا في 24 حزيران/يونيو 2012 دون علم المرزوقي. وينتظر ان تحدد النهضة خلال مؤتمرها التاسع استراتيجياتها السياسية والاجتماعية للمرحلة القادمة وتصوراتها لمكانة الدين في المجتمع والمرأة والأسرة والفن والإعلام والرياضة.. وغالبا ما تتهم أحزاب معارضة تونسية حركة النهضة ب"ازدواجية الخطاب" واقامة علاقات "مشبوهة" مع تيارات سلفية متشددة في البلاد. ويعتبر معارضون هذه التيارات "جناحا مسلحا" للنهضة التي يقولون ان لديها "أجندة" غير معلنة لتغيير نمط المجتمع التونسي "المعتدل" وأسلمته. وتنفي حركة النهضة هذه الاتهامات باستمرار. وقتل شاب سلفي وأصيب أكثر من مائة شخص بجراح في أعمال عنف وتخريب قادها سلفيون وبلطجية في 8 محافظات تونسية يومي 11 و12 حزيران/يونيو 2012. واندلعت أعمال العنف احتجاجا على عرض فنانين تشكيليين تونسيين لوحات "مسيئة للاسلام" في مهرجان ثقافي أقيم يوم 10 يونيو/حزيران في "قصر العبدلية" الأثري بمدينة المرسى (شمال العاصمة). وفرضت السلطات حظر تجول في المحافظات الثمانية أيام 12 و13 و14 حزيران/يونيو 2012. وفي آذار/مارس الماضي تخلت حركة النهضة، وبطلب من شريكيها في الحكم، عن مطلب سابق بالتنصيص ضمن دستور تونس الجديد على أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وينعقد المؤتمر التاسع لحركة النهضة في وقت تتواصل فيه التوترات الاجتماعية في البلاد جراء ارتفاع معدلات البطالة (حوالي 19 %) والفقر (حوالي 25 %) اللذين كانا من الاسباب الرئيسية لاندلاع الثورة التونسية. ويقول مراقبون ان الانتعاشة التي حققها اقتصاد البلاد بداية العام الحالي تبقى هشة هشاشة الأوضاع لأمنية والسياسية والاجتماعية في تونس. وظهرت خلال هذا الاسبوع خلافات حادة في المجلس الوطني التأسيسي بين نواب "النهضة" و"المؤتمر" حول طبيعة النظام السياسي القادم في تونس. ويتمسك نواب النهضة بالنظام البرلماني في حين يطالب نواب أحزاب أخرى بنظام رئاسي معدل. وسينعقد المؤتمر التاسع لحركة النهضة في قصر المعارض بمدينة الكرم (شمال) الذي كان يحتضن الاجتماعات الشعبية لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع بن علي. وينتظر ان يحضر افتتاح المؤتمر ما بين 25 و30 ألف شخص بينهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ومصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا.