(صورة لتلاميذ يجتازون الامتحانات من بوابة أزيلال بريس) أصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي المغربية، مذكرة تحت رقم 73 بتاريخ 17 ماي 2011 تدعوا إلى "تأجيل مواعد فروض المراقبة المستمرة ومختلف الامتحانات المدرسية المنصوص عليها في مقرر تنظيم السنة الدراسية 2010-2011 بأسبوع واحد". نقف عند هذه المذكرة لنتساءل عن سياقها وظروفها وخلفياتها، ونفحصها بعيون من تعلق عليهم الوزارة آمالا لإنجاحها (رجال التعليم). مبررات الوزارة للتأجيل تسوق الوزارة الوصية على قطاع التعليم جملة من الأسباب التي بناءا عليها اقترحت المذكرة المعنية بالتأجيل، ومن هذه المبررات: * توقف الدراسة خاصة في الأسدوس الثاني مما أثر على الزمن المدرسي. * إعطاء الفرصة للأساتذة والتلاميذ لتدراك الزمن الضائع. * تكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين. * تمكن التلاميذ من اجتياز كل الاستحقاقات التربوية بنجاح. الأسباب المسكوت عنها إذا كانت تلك هي الأسباب الواضحة لهذه المذكرة، فإننا نرى أن هناك معطيات ومؤشرات أخرى "مسكوت عنها" كان لها الدور الكبير في هذه الخطوة ومنها: * قبول المركزيات النقابية لإملاءات الوزارة، إذ في الوقت الذي تأججت فيه وتيرة الإضرابات في كل القطاعات، صمتت جميع النقابات التعليمية. * التوصل إلى اتفاق حول الملف المطلبي لرجال ونساء التعليم، الاتفاق الذي لم يرق إلى مستوى تطلعات الشغيلة التعليمية. * السعي نحو تقزيم عطلة رجال التعليم لتصبح شهرا واحدا على غرار كل موظفي الوظيفة العمومية. تساؤلات مشروعة هنا نطرح جملة من التساؤلات، ونتمنى أن يلتفت إليها من يعنيهم الأمر: * ورقة الوزارة تقول بأن الدراسة تستمر لغاية 18 يونيو أي ثلاثة أيام قبل امتحانات الباكالوريا، في حين أن الواقع يقول بأن التلاميذ غادروا مؤسساتهم منذ أسبوع تقريبا، والذين لم يغادروا، سيغادرون قبل 30 ماي. السؤال، ما الذي يتوجب على رجال التعليم القيام به من أعمال خلال شهر كامل هو مدة انتظار الامتحان؟؟ * إذا كانت مدة ثلاثة أيام (بين 18 يونيو و 21 يونيو) كافية للتلاميذ للاستعداد لامتحاناتهم، لماذا يتوجب على الجميع الانتظار لأسبوعين كاملين بعد إعلان نتائج الدورة الأولى للبدء في الدورة الاستدراكية؟ لماذا لا تبدأ الدورة الاستدراكية ثلاثة أيام أيضا بعد الإعلان عن نتائج الدورة الأولى؟ * لماذا يتم تحريك العديد من الموظفين والمصالح، وهدر العديد من الأموال لإجراء الدورة الاستدراكية للباكلوريا، مع أن عدد الناجحين فيها معدود على رؤوس الأصابع؟؟ ( في إحدى السنوات نجح تلميذ واحد فقط في المؤسسة كلها)؟ * لماذا تجعل الوزارة الأساتذة في المنزلة بين المنزلتين، لا هم أحرار طليقون يذهبون لحال سبيلهم، ولا هم في حالة عمل، هذه المنزلة بين المنزلتين تمتد على مدى شهرين تقريبا.؟؟ * هل كان مستوى التعليم متدنيا يوم كانت محاضر الدخول توقع يوم 16 شتنبر ومحاضر الخروج يوم 30 يونيو، وأصبح المستوى راقيا الآن بعد أن أصبحت محاضر الدخول توقع يوم 4 شتنبر والخروج يوم 25 يوليوز؟ الممارس للعملية التعليمية يلاحظ تدني مستوى التعليم من عام لآخر. * لماذا تمت برمجة الدورة الاستدراكية أيام 18, 19 و20 يوليوز؟؟ في حين أنه كان بالإمكان برمجتها بعد ثلاثة أيام فقط من إعلان نتائج الدورة الأولى؟ ولماذا الدورة الاستدراكية أصلا إن كان عدد الناجحين لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، دون نسيان أن الناجحين لا يستفيدون من الانتقاء لمباريات المدارس العليا؟ * هل طقس زاكورة يوم 20 يوليوز هو نفسه في الرباط وطنجة؟ أين هو تكافؤ الفرص بين تلميذ يجتاز امتحان الباكالوريا وهو يتأمل البحر، وينتعش بنسائمه وبين تلميذ يغلي دماغه من لهيب حرارة تتجاوز الخمسين درجة مائوية، وبالكاد يجد قطرة ماء في الصنبور؟؟؟ * متى يكف أهل "المغرب النافع" الجالسون في مكاتبهم المكيفة عن تقرير مصير أهل "المغرب غير النافع" المحترقون تحت الشمس في أقصى الجنوب؟، متى يفهمون أن لكل بلدة مناخها؟. اقتراحات وبعد كل تلك الأسئلة، هذه بعض الاقتراحات في الموضوع : * إعادة النظر في طريقة إجراء امتحانات الباكالوريا برمتها بما يخدم مصلحة الوطن لا بالحسابات السياسية الضيقة. * حضور الوزيرين المكلفين بالقطاع إلى زاكورة أو امحاميد الغزلان للمشاركة –على سبيل التجريب- في حراسة مادة من مواد امتحان الدورة الاستدراكية التي تبدأ يوم 18 يوليوز 2011 إسوة بوزراء الدول المحترمة ورؤسائها (يعجبني بوش أو أوباما عندما يزور معسكرا للقوات الأمريكية، فيتناول طعامه مع الجنود، ويقف في الطابور معهم). * إلغاء المنزلة بين المنزلتين، وإشغال رجال التعليم في أشياء تعود بالنفع على الجميع، حتى لو كان الأمر يتعلق ببناء المدارس ورصف الطرق، وحملات لتنظيف الشوارع والأزقة، أما إن كان بالاستطاعة تنظيم دورات تكوينية لفائدتهم فهذا أفضل. * إعطاء الأولوية في التعلم للمناهج، للكيف وليس للكم، عليكم أن تعلموا أن التلميذ ينسى كل ما درس بمجرد انتهائه من الامتحانات. لا تعطوه الأسماك الكثيرة ولكن علوه فقط كيف يصطاد. * جعل مصلحة التلميذ والأستاذ والوطن بصفة عامة فوق كل الاعتبارات السياسية والايديولوجية الضيقة، والحالة هذه، يبدو أن التلميذ ورجل التعليم هو آخر من تم التفكير فيه في هذه البرمجة الارتجالية خاصة في الشق المتعلق بالدورة الاستدراكية. عندما يضاف إلى هموم المعلم الاجتماعية والنفسية، هموم أخرى، منها نفض النقابات أيديها من مشاكله، وانضمامها "لجوقة المطبلين"، ثم لامبالاة المشرفين على القطاع بظروفه، فإن عمره يصبح قصيرا فعلا، لأن أغلب رجال التعليم يموتون مباشرة بعد إحالتهم على التقاعد أو قبيل ذلك الموعد بقليل. لذاك قال ابراهيم طوقان معارضا شوقي في نهاية قصيدة رائعة، بعد أن استعرض مصائب رجل التعليم: يا من بحثت عن الموت وجدته إن المعلم لا يعيش طويلا إن تأجيل الدورة الاستدراكية إلى 20 يوليوز لا نعتقد أنه عملا تربويا ولا أخلاقيا البتة، فهل هو "إجراء انتقامي"، وعقاب جماعي لرجال التعليم على نضالاتهم من أجل حقوقهم المشروعة؟؟