أبدى الرئيس بوتفليقة ارتياحه للطريقة التي تعاطت بها حركة النهضة التونسية مع النتائج التي أفرزتها انتخابات المجلس التأسيسي، ونجاحها في إزالة الصورة النمطية السيئة، التي يحملها الغرب عن الإسلاميين. وقال مقداد إسعاد، ممثل حركة النهضة في تونس، الذي حضر لقاء بوتفليقة برئيس النهضة التونسية، الشيخ راشد الغنوشي، أمس، إن القاضي الأول استحسن فكرة الائتلاف التي نجحت النهضة في إرسائها مع أحزاب تختلف معها إيديولوجيا وسياسيا، وهي التي خرجت منتصرة في أول انتخابات ديمقراطية تنظمها تونس منذ استقلالها. وذكر مستشار الغنوشي في لقاء مع "الشروق"، أن الرئيس بوتفليقة "أبدى إعجابه بقناعة النهضة وعدم استئثارها بأغلبية الحقائب الوزارية، وتمكين شخصيات مستقلة من مناصب نوعية في الحكومة المقبلة، على غرار وزارة الدفاع"، مضيفا أن الرئيس عبر عن ثقته في قدرة النهضة على تبييض صورة الإسلاميين بعد وصولهم لسدة الحكم، وأكد أن النهضة "قدمت فكرا جديدا لممارسة الحكم، وغيرت نظرة القوى الغربية وحتى العربية، لحكم الإسلاميين"، مستحسنا حصول الحركة على 41 بالمائة من الأصوات، نسبة قال إنها "تساعدها على تقبل الآخر والاعتراف به كشريك في العملية السياسية، وهذا في فائدة تونس والنهضة معا". وجاء هذا الانطباع بعد أن استفسر الرئيس بوتفليقة ضيفه عما أفضت إليه نتائج المفاوضات بين النهضة وشركائها، حيث أكد الغنوشي أن رئاسة الدولة عادت للدكتور المنصف المرزوقي رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية، ورئاسة المجلس التأسيسي عادت لمصطفى بن جعفر، رئيس حزب التكتل، ورئاسة الحكومة كانت لأمين عام الحركة، حمادي الجبالي. وأثنى الرئيس بوتفليقة في اللقاء الذي احتضنته اقامة جنان المفتي ودام أربع ساعات، على حنكة راشد الغنوشي في التعاطي مع الوضع في تونس، واعتبره ضمانا وصمام أمان لنجاح التحول الديمقراطي في الدولة الجارة، ومن ثمة عاملا مساعدا على الاستقرار الذي تبحث عنه منطقة المغرب العربي، غير أنه حذر من مخاطر النظام البرلماني باعتباره غير ضامن لاستقرار مؤسسات الجمهورية. وتطرق الرئيس وضيفه، إلى بعض القضايا الفقهية والقانونية، ومن بين ما قاله بوتفليقة في هذا الخصوص، إنه غير مستعد للتوقيع على إعدام أي شخص قضت العدالة بإعدامه. وحسب مستشار النهضة، فإن الرئيس بوتفليقة أبدى استعداده التام للتعاون والتنسيق في المواقف على جميع الأصعدة، بما يقود الى إنجاح الاندماج المغاربي، أو على الأقل الجزائري التونسي، الذي يعود بالفائدة على الشعبين والدولتين، مؤكدا على ضرورة النهوض بالمناطق الحدودية باعتباره عاملا يساعد في القضاء على مظاهر الفوضى، كما أكد الرئيس أن العلاقات بين البلدين ستوضع في مقدمة اهتمامات الطرفين، داعيا ضيفه الى ترتيب زيارة قريبة لرئيس الحكومة التونسي المقبل للجزائر. وقال مقداد إسعاد إن بوتفليقة استفسر الغنوشي إن كان يعرف القادة الجدد في ليبيا، وإن كان للنهضة علاقة ببعض رجالات ما بعد نظام القذافي، فطمأنه الغنوشي بالقول إنه على "علاقة وطيدة بالكثير منهم، وأنه يثق بالشيخ الصلابي، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وأن الكثير منهم أصدقاءه وتلامذته، وتنبأ بمستقبل هادئ ومستقر لليبيا". كما تطرق الطرفان إلى الوضع في الدول العربية التي تعيش على وقع ثورات الشارع، واتفقا على ضرورة تسليم الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، السلطة لشعبه، وتباحثا خطورة الوضع في سوريا وموقف الجامعة العربية، وحبذا عدم اللجوء للخيار الأجنبي، وتمنيا أن يستتب الوضع في مصر. ------------- ** المصدر: الشروق الجزائرية