حذر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته " من ردود فعل خطيرة" حال استمر خلفه دونالد ترامب في التشكيك في آراء الصين كدولة. جاء هذا في سياق تقرير نشرته صحيفة "جارديان" البريطانية والتي سلطت فيه الضوء على النصائح التي قدمها باراك أوباما للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب والتي حذره فيها من مغبة " انزلاق العلاقات الأمريكية مع الصين في بئر الصراعات". وحضّ أوباما خلال مؤتمر صحفي هو الأخير له على الأرجح قبيل مغادرته البيت الأبيض، ترامب على النأي بنفسه عن استثارة رد فعل عنيف من جانب بكين بخصوص العلاقات الأمريكية مع تايوان. وتبنى ترامب في الأسابيع الأخيرة نبرة هجومية إزاء الصين، متهما إياها بالتلاعب في عملتها، وبناء "حصن ضخم" في بحر الصين الجنوبي والتقاعس عن الاضطلاع بدورها في الضغط على الزعيم الكوري الشمالي كيم يونج-أون. والأكثر من ذلك ما ألمح به ترامب من إمكانية تعليق واشنطن العلاقات مع الصين والتي امتدت لقرابة 4 عقود عبر اعتراف أوسع بحكومة تايوان، الجزيرة التي تحظى بحكم ذاتي والتي تراها بكين إقليمًا منشقًا عنها. وأثار تشكك ترامب في مبدأ "الصين الواحدة" احتجاجات واسعة النطاق في بكين، ودفعت إحدى الصحف الرسمية الصينية إلى المطالبة بتجهيزات سريعة للقيام بغزو عسكري للجزيرة. وقال أوباما إن ترامب كان بحاجة إلى أن يعي الحقيقة القائلة إن " قضية تايوان لا تقل أهمية عن أي شيء آخر بالنسبة للصين." وأضاف أوباما:" فكرة (الصين الواحدة) في قلب معتقدات الصين حول كونها دولة، ولذا فإنه إذا ما أغفلت هذه الحقيقة، فإنك ستخاطر بمواجهة عواقب وخيمة." وتابع:" الصينيون لن يتعاملوا مع هذا الملف بنفس الطريقة التي يتعاملون بها مع الملفات الأخرى. بل إنهم حتى لن يتعاملوا معه على نفس النحو الذي يتعاملون خلاله مع القضايا الخاصة ب بحر الصين الجنوبي، التي تثير التوترات بيننا." وأعرب خبراء السياسة الخارجية الأمريكية عن بالغ قلقهم من تزايد حدة التوترات إذا ما استمر دونالد ترامب في سياساته الحالية تجاه الصين حتى بعد تسلمه مقاليد الحكم رسميًا في ال 20 من يناير المقبل. وقال بوني جلاسر، مدير مشروع الطاقة الصيني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره في واشنطن:" في تقديري أن الصينيين قلقون جدا." وأردف جلاسر أن الدبلوماسيين الصينيين "يكافحون" من أجل تحديد الخطوط العريضة التي تسير عليها العلاقات بين بكينوواشنطن، وما إذا كانوا سيؤسسون صداقات في إدارة ترامب. وفي الشأن، الصيني أكد أوباما أنه يجب على ترامب أن "يلقي نظرة جديدة" على السياسة الأمريكية إزاء الصين؛ لأنه "على الأرجح لا توجد علاقات ثنائية أخرى لها أهمية كبيرة" مثل العلاقات الأمريكيةالصينية، بحسب تعبيره. وحذر الرئيس الأمريكي فريق ترامب من القيام بتغيرات جذرية في مبدأ سياسة واشنطن القائل ب"الصين الواحدة"، مشيرًا إلى أنَّ فكرة "الصين الواحدة" تعد محورية للجانب الصيني، ومحاولات تقويضها قد تأتي ب"تداعيات". يشار إلى أن دونالد ترامب أعلن في وقت سابق خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية أنّه لن يسمح لبكين بفرض شروطها على علاقات واشنطن مع تايوان، مهددًا بعدم الاعتراف بمبدأ "الصين الواحدة". وكان ترامب قد أجرى قبل أيام اتصالاً هاتفيًا مع رئيسة تايوان تساي اينج وين (بمبادرة من الأخيرة)، وقد خرق بذلك أحد مبادئ الدبلوماسية الأمريكية منذ 40 عامًا. فمنذ عام 1979 ولتجنب غضب الصين، لم يتصل أي رئيس أمريكي يمارس مهامه أو منتخب برئيس تايواني، بينما تدافع واشنطن عن مبدأ "الصين الواحدة". من جهتها أعربت الخارجية الصينية عن "القلق البالغ" من خطوة ترامب هذه، مؤكدة أن مسألة تايوان تعد مسألة سيادة الصين ووحدة أراضيها، وأن مبدأ "الصين الواحدة" يعتبر قاعدة لتطوير العلاقات الصينيةالأمريكية. جدير بالذكر أن أوباما أعرب عن شكوكه في أن يمتثل ترامب لتوصياته، إذ قال: "محادثاتنا كانت نزيهة، وفي بعض الحالات أعطيته نصائح معينة، وهو كان يسمعني، ولكنني لا أستطيع أن أقول هل سيسترشد بها أم لا". كان أوباما قد أوصى خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في البيت الأبيض أمس الجمعة، ترامب بتشكيل فريق من المختصين في العلاقات الدولية، وذلك قبل "بدء الحوار مع الحكومات الأجنبية، باستثناء القيام بزيارات مجاملة". وبحسب الرئيس الأمريكي أوباما يتعين على فريق ترامب دراسة خبرة الإدارة الأمريكية الحالية بغية اتخاذ القرارات الصائبة في مجال السياسة الخارجية.