د.فؤاد بوعلي مازال السيد نور الدين عيوش يتنقل بين طواحين الهواء عله يجد من يثق في قداسته المصنوعة. فبشكل احتفالي فلكلوري، أعلن زعيم زاكورة إطلاق ما سماه قاموس اللغة المغربية أو لغة الشارع. وكعادته، حاول البحث في أبجديات العمل الإشهاري من مصطلحات وكلمات تناسب مشروعه الذي كان يبشر به، وتشجع الحاضرين لندوته الصحفية على الاقتناع بهذا الوليد الغير شرعي . ولأنه يعرف بأن الوسط الأكاديمي والعلمي لن يهتم بهذا العمل الملفوظ قبل طرحه، ولأنه اختار بعض المريدين التواقين للظهور والارتزاق، فقد نقل النقاش إلى ساحة الإعلام والإشهار عله يكسب مناصرين من خارج أسوار الجامعة ومخابر البحث العلمي. فلماذا تخصيص ندوة صحفية عن قاموس أو معجم كيفما كان نوعه ومفرداته؟ وهل كل مؤسسة تصدر معجما أو قاموسا ينبغي أن تحتفي به على شاكلة ما يفعله الإشهاري عيوش؟ لو كان الأمر كذلك لغدت معاهد التعريب والترجمة مؤسسات للاحتفالات والندوات الصحفية. الجواب يكمن في أن المنجز المحتفى به ليس مشروعا علميا يمكن مناقشته داخل محراب البحث العلمي، وليس إنجازا يمكن البحث في آلياته ومفرداته المفهومية، بل هو عمل دعائي لمشروع قيمي يراد فرضه على المغاربة باسم القرب من دوائر القرار. فحين تستمع للفيديو المنشور على اليوتيوب لزعيم زاكورة ستحس بدرجة كبيرة من الجمود والتكلس التي أصابت الرجل. فبنفس الكلمات والألفاظ والتعابير التي يجترها في كل مناسبة، وبنفس المنهجية في الخطاب التي لا تستطيع الصمود أمام أي تحليل علمي، اختار عيوش الفرار نحو الأمام. وكأن وضع قاموس للهجة المحكية هو فتح جديد على المغاربة، وكأنها المرة الأولى التي يبحث فيها في التعابير الشفوية المتنوعة، وكأن الأطروحات التي تختزنها مكتبات الجامعات الغربية، من أساتذة منافحين عن الفصحى، حول اللهجات المغربية المختلفة مجرد كلام في الفضاء. وكأن الدارجة لم تكن قبل عيوش الذي لا يعرف كيف يحلم أو يغضب أو يعشق بها. لذا لا بد أن نبدي بإيجاز بعض الملاحظات على هذا المنجز الذي المنسوب لصاحبه: لذا فالاعتقاد بأن منجز عيوش فتح جديد لم يسبق إليه أحد هو وهم وهرولة نحو السراب. والمؤلم أن المستيقظ من الوهم كثيراً ما يستيقظ متأخرا.