تمر العلاقات المصرية المغربية منذ يوليوز 2013 بأسوأ مراحلها في العقود الأخيرة، خاصة بعد المواقف المصرية المتتالية التي تظهر عداء واضحا للمغرب. وجاءت مشاركة السيسي؛ في القمة العربية الإفريقية يوم الثلاثاء الماضي، في العاصمة الغينية "مالابو"، رغم انسحاب تسع دول عربية، من بينها المغرب، احتجاجا على مشاركة وفد جبهة البوليساريو، لتكشف بوضوح السياسة الجديدة للسيسي في هذا الملف. واعترض الوفد المغربي على مشاركة وفد "البوليساريو" في القمة، ورفع علم "جمهورية الصحراء" في الاجتماعات، قبل أن ينسحب ومعه وفود ثماني دول عربية، هي السعودية والإمارات والبحرين وقطر وسلطنة عمان والأردن واليمن والصومال. وفي هذا السياق، قال محلل الشأن الإفريقي ودول المغرب العربي بمركز الأهرام للدراسات السياسية، كامل عبد الله، إن أزمة الصحراء المغربية تاريخية قديمة، وتشكل بدرجة كبيرة سياسة المغرب الخارجية وعلاقته بالآخرين منذ سبعينيات القرن الماضي. وأضاف عبد الله في تصريحات صحفية أن "مواقف مصر المتتالية في هذا الشأن؛ تعكس اعترافا ضمنيا منها بحركة البوليساريو، وهو من المؤكد سيؤثر على علاقتها بالمغرب على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي والشعبي". وفي محاولة لتفسير هذا التوجه المصري، أوضح عبد الله أن مصر تتبنى منذ يوليوز 2013 سياسة خارجية مختلفة، مضيفا: "الآن السيسي يحاول أن يتواصل مع كل الأطراف الدولية، خاصة في إفريقيا. هو يريد أن يتواصل مع البوليساريو ليكون فاعلا في مشكلة الصحراء المغربية؛ لأنها تمثل بعدا استراتيجيا لمصر، فكما يؤثر في ليبيا من خلال دعم قوات اللواء خليفة حفتر المسلحة، فهو يريد أن يكون له دور سياسي في حل نزاع المغرب والبوليساريو"، وفق قوله. وكان أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض المغربية، محمد نشطاوي، قد أشار في تصريحات صحفية؛ إلى أن هناك إصرارا واضحا لدى نظام السيسي لإحراج المغرب، مقابل توجه ملحوظ لتقوية العلاقات مع الجزائر، مرجعا هذا التوجه المصري إلى رغبة مصر في الحصول على شحنات من النفط الجزائري بعد التوتر الأخير مع السعودية وقطع امدادات الوقود عنها، وفق تقديره. وقالت الرئاسة المصرية في بيان الأربعاء الماضي؛ أن مصر لا تعترف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية الديمقراطية"، وتحدثت عن أن مشاركة السيسي في القمة الإفريقية العربية جاءت "لتعكس حرص مصر على تعزيز التعاون الإفريقي العربي المشترك انطلاقا من المسؤولية الخاصة التي تضطلع بها مصر كدولة عربية إفريقية خاصة أنها هي التي دشنت الشراكة الإفريقية العربية من خلال استضافة القمة الأولى عام 1977". ولم يكن حضور السيسي في القمة الإفريقية العربية إلا حلقة في سلسلة طويلة من الأزمات بين مصر والمغرب منذ يوليوز 2013، بدأت بهجوم الإعلامية المقربة من الأجهزة الأمنية، أماني الخياط، على المغرب في 2014، وزعمت أن اقتصاد المغرب قائم في المقام الأول على الدعارة، وفق قولها. وفي يناير 2015 نشر نشطاء فيديو يظهر قيام أحد ضباط المخابرات الحربية المصرية بتحريض عناصر في جبهة البوليساريو على التمرد على النظام المغربي وإثارة القلاقل الاجتماعية والسياسية، في إطار زيارة وفد مصري لمخيمات تندوف على الحدود الجزائرية. كما امتنعت مصر في يوليوز الماضي عن التوقيع على طلب إبعاد البوليساريو عن الاتحاد الإفريقي وعودة المغرب للمنظمة بعد 32 عاما من انسحابه، وهو الطلب الذي تقدمت به 28 دولة إفريقية للقمة ال27 للاتحاد الإفريقي التي انعقدت في رواندا. وكانت مصر قد استقبلت وفدا رسميا يمثل جبهة البوليساريو للمشاركة في أعمال المؤتمر البرلماني العربي الإفريقي الذي أقيم في شرم الشيخ، في خطوة اعتبرها مراقبون استفزازا واضحا للمغرب، خاصة أن الاستقبال جاء بعد أيام قليلة من طلب المغرب العودة رسميا إلى الاتحاد الإفريقي، علما بأن المغرب كان قد انسحب أصلا احتجاجا على قبول الاتحاد عضوية ما أسمت نفسها "الجمهورية الصحراوية" التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد عام 1976. وبعدما احتج المغرب على مشاركة وفد البوليساريو في مؤتمر شرم الشيخ، تنصلت مصر من المسؤولية، وقالت إنها لم توجه الدعوة للجبهة لحضور الاجتماع، وأن الاتحاد الإفريقي هو الجهة التي قامت بهذا الدور.