قال المحلل السياسي، إدريس الكنبوري، إن ما حدث أمس بملعب مولاي عبد الله بالرباط من أعمال شغب وفوضى وضرب وجرح وإتلاف للممتلكات العامة له معنى واحد؛ وهو غياب التأطير والتربية. وأضاف الكنبوري، في تدوينة على حسابه بالفيسبوك:" صحيح أن أعمال الشغب تقع في كل ملاعب العالم؛ ولكن ما يقع في ملاعب الدول المتحضرة هو فائض العنف وليس العنف الخام. ينتج فائض العنف عن الغرائز الحيوانية لدى الفرد في مجتمع له أسس ومؤسسات للتأطير والتربية والتوجيه؛ أما العنف الخام فهو خلاصة الغرائز الحيوانية وغياب هذه المؤسسات معا". وبحسب الكنبوري، فإنه " لا يجب التذرع بأن هذا يحصل في كل مكان. هذا تبرير للتخلف وتراجع القيم وغياب التأطير. المواطن في هذا البلد أصبح عاريا أمام نظام للتفاهة يشجع لديه العنف الخام وثقافة القطيع؛ والنتيجة هي إنتاج مواطن ساخط على كل شيء يعتبر الدولة عدوا والممتلكات العامة غنيمة حرب والأحزاب السياسية خصما. لقد صنعنا الإعلامي المتواطئ والمسؤول المرتشي والمثقف الدمية؛ وهذا هو المشروع الذي نجحنا فيه". وأشار إلى أن " ما حصل داخل الملعب يمكن أن يحصل خارجه؛ والرهان على الأمن وحده؛ وقد رأيناه في الصور يتراجع إلى الخلف؛ ليس رهانا سليما. لا بد من الأمن التربوي والأمن الإعلامي والأمن الثقافي". مبرزا أن " الإعلام المغربي- ولنسمه إعلاما في غياب البديل – هو إعلام يعزز العنف والتفاهة ويوقظ غريزة العنف لدى المواطن من خلال إحلال les faits divers الفارغة محل الإخبار والتحليل؛ والمثقف عندنا دمية تتحرك بخيوط رقيقة ولديه سقف أمني لا يتجاوزه؛ أما رجل السياسة فهو عند الناس لص متنكر يؤدي دورا في مسرحية ضحاياها جمهور بلا رسالة". وختم المحلل السياسي تدوينته بالقول إن:" هذا يوجد عندنا نحن فقط؛ أما عنف الملاعب فيوجد في كل مكان". وكانت أعمال شغب قد اندلعت في أعقاب مباراة كرة القدم التي جمعت، يوم الأحد على أرضية المجمع الرياضي مولاي عبد الله بالرباط، فريقي الجيش الملكي والمغرب الفاسي، وذلك برسم دور سدس عشر منافسات كأس العرش للموسم الرياضي 2020/ 2021. وتسببت أعمال الشغب، التي اندلعت في أعقاب المباراة، في خسائر مادية بالعديد من مرافق ومشتملات الملعب، وإصابة عدد من عناصر الشرطة والقوات المساعدة بجروح متفاوتة الخطورة، وكذا تعييب وتكسير عدد من المركبات. وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن العمليات الأمنية التي باشرتها ولاية أمن الرباط على خلفية أعمال الشغب التي أعقبت المباراة أسفرت عن ضبط 160 شخصا، من بينهم 90 قاصرا، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب أعمال الشغب المرتبط بالرياضة، وحيازة أسلحة بيضاء، والسكر العلني البين والتراشق بالحجارة المقرون بإلحاق خسائر مادية بممتلكات خاصة وعامة، وإضرام النار عمدا في مركبة. وأضاف المصدر ذاته أن المتورطين في أعمال الشغب قد تسببوا في إصابة 85 شرطيا بجروح وإصابات متفاوتة الخطورة، من بينهم 63 مصابا تم نقلهم للمستشفى الجامعي ابن سينا، و14 مصابا تم الاحتفاظ بهم بمستشفى التخصصات، و8 مصابين تم نقلهم للمستشفى العسكري بالرباط، حيث يشرف طاقم طبي من مفتشية مصالح الصحة للأمن الوطني على متابعة عملية استشفائهم وتمكينهم من المساعدات الطبية اللازمة. وأشار البلاغ إلى أن مصالح الأمن الوطني رصدت أيضا إلى غاية هذه المرحلة من البحث إصابة 18 عنصرا من القوات المساعدة بجروح وكدمات ورضوض، فضلا عن إصابة 57 من الجمهور بإصابات مختلفة، من بينهم 34 مصابا تم إسعافهم بعين المكان من طرف الطواقم الطبية والتمريضية، بينما تم نقل باقي المصابين لمختلف المؤسسات الاستشفائية بالرباط. وتابع أن مصالح الأمن الوطني سجلت كذلك إلى غاية هذه المرحلة من البحث إلحاق خسائر مادية بالعديد من مرافق ومشتملات الملعب، وإضرام النار في دراجة نارية، وتعييب وتكسير 33 مركبة وناقلة تتنوع ما بين مركبات تابعة للشرطة وسيارات أخرى في ملك الخواص كانت مستوقفة بالفضاءات الخارجية للملعب. وخلص البلاغ إلى أنه قد تم إخضاع جميع الموقوفين لإجراءات البحث القضائي الذي أمرت به النيابة العامة المختصة، لتحديد مستوى ودرجة تورط كل واحد من الموقوفين في أعمال الشغب المرتكبة، وتشخيص كافة المساهمين والمشاركين في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، كما تتواصل حاليا عمليات مراجعة جميع كاميرات المراقبة لتحديد وتشخيص كل من ثبت تورطه في اقتراف أعمال العنف والشغب التي أعقبت هذه المباراة.