تناولت صحيفة "الإيكونومست" البريطانية صراعات الشرق الأوسط، التي تأثرت ملامحها عقب ثورات الربيع العربي في عام 2011، والأوضاع المأساوية التي وصلت إليها دول المنطقة عقب فشلها بالإطاحة بمستبدي العرب. قالت صحيفة "الإيكونومست" البريطانية أن الإسلام هو الحل الوحيد في منطقة الشرق الاوسط لإنهاء الاضطرابات التي تعيشها المنطقة . وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أن، أوروبا وأمريكا ارتكبت الأخطاء، إلا أن التعاسة التي يعاني منها العالم العربي سببها الرئيس هو إخفاقات العرب أنفسهم. وأضافت عندما رسم كل من السير مارك سايكس وفرانسوا جورج بيكو خطوطهما على خارطة الشام لتقطيع أوصال الإمبراطورية العثمانية في ماي من عام 1916 في أوج الحرب العالمية الأولى، لم يدر في مخيلتهما ما كانا سيسببانه من فوضى عارمة: قرن من الغدر الإمبريالي ومن الاستياء العربي، وانعدام استقرار وانقلابات، وحروب وتشريد، واحتلال وفشل في صنع السلام في فلسطين، وتفشي الظلم والتطرف والإرهاب في كل مكان تقريبا. في نشوة انتفاضات عام 2011، عندما كان المستبدون العرب سيئو الصيت يتساقطون الواحد تلو الآخر، بدا كما لو أن العرب كانوا أخيرا يتجهون نحو الديمقراطية. إلا أنه بدلا من ذلك باتت أوضاعهم أشد سوءا من أي وقت مضى. فتحت قيادة عبد الفتاح السيسي أصبحت مصر أكثر بؤسا وتعاسة مما كانت عليه في عهد الدكتاتور المخلوع حسني مبارك. لقد تفتتت الدولة في كل من العراقوسوريا وليبيا واليمن، ولا تزال تضطرم نيران الحروب الأهلية وتتفشى الطائفية التي تتغذى على التنافس المحموم بين إيران والمملكة العربية السعودية. وقد تسوء الأوضاع أيضا في أماكن أخرى، فها هي الجزائر تواجه أزمة قيادة، وها هو التمرد المسلح في سيناء ينتقل إلى قلب الأراضي المصرية، وها هي الفوضى تهدد كيان الأردن. ومن الوارد في مثل هذه الأجواء أن تجر إسرائيل إلى القتال الدائر على حدودها. في الوقت ذاته يساهم تدني أسعار النفط في انعدام الاستقرار في دول الخليج، ناهيك عن أن الصراع الذي يجري بالوكالة بين المملكة العربية السعودية وإيران قد يتطور إلى قتال مباشر بين الطرفين. كل هذا لا يعدّ صداما بين الحضارات بقدر ما هو حرب داخل الحضارة العربية نفسها. ليس بوسع الأطراف الخارجية علاج ذلك -رغم أن أعمالها يمكن أن تساعد في تحسين الأمور قليلا أو في مفاقمتها قليلا. لا بد بادئ ذي بدء من أن يأتي الحل من قبل العرب أنفسهم. وتابعت الصحيفة "يفهم من كل ذلك أن حل الأزمة في العالم العربي سيكون بطيئا وعسيرا. ما من شك في أن الجهود التي تبذل لاحتواء الحروب ووقفها هي جهود في غاية الأهمية. وسيتطلب ذلك إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية، والتوصل إلى تسوية سياسية تمكن السنة في العراق وفي سوريا من المشاركة في الحكم، وكذلك إلى التوصل إلى وفاق من نوع ما بين إيران والمملكة العربية السعودية." كما أن من الأهمية بمكان الدعوة إلى الإصلاح في داخل البلدان التي نجت حتى الآن من الانتفاضات. يتوجب على حكام هذه البلدان أن يغيروا ويصلحوا، وإلا فإنهم لا محالة سيلفظون. لقد باتت الأدوات القديمة في السلطة أوهن من أي وقت مضى: سيظل النفط رخيصا إلى زمن طويل ولم يعد بإمكان الشرطة السرية وقف الاحتجاجات في عالم متشابك عبر وسائل التواصل.