رغم ارتفاع حدة المظاهرات الشعبية ضد العنصرية في جميع أنحاء العالم في الأسابيع الماضية، لا تزال فرنسا متشبتىة بالتماثيل التي تمثل شخصيات تاريخية مرتبطة بتاريخ العبودية أو الاستعمار. وعلى واجهة مبنى الجمعية الوطنية الذي يمثّل البرلمان في باريس، يمكن قراءة شعار الجمهورية الفرنسية "حرية، مساواة، أخوة" بالخط العريض، لكن أسفل هذه العبارة مباشرة يبدو تمثال جان باتيست كولبير نقيضاً صارخاً لذلك الشعار، نظراً للدور الذي اضطلع به كولبير في القرن السابع عشر. كولبير، الذي كان وزير الملك لويس الرابع عشر، ومؤلف ما يسمى "الكود الأسود"، وهي مجموعة من النصوص القانونية التي صدرت كمرسوم عن لويس الرابع عشر لتنظيم العبودية في المستعمرات الفرنسية، تعرّض تمثاله، يوم أمس الثلاثاء، إلى "اعتداء"، وفق إعلان حرس الجمعية الوطنية. وألقي الطلاء الأحمر على التمثال، وكتب عليه "دولة رهاب السود"، في إشارة إلى التمييز الذي يشهده السود في فرنسا، في تحرُّكٍ، تقول جماعات مناهضة للعنصرية في فرنسا، إنه لفضح تماثيل الشخصيات المثيرة للجدل في تاريخ الاستعمار والرقّ. ونشرت مجموعة "مناهضة كراهية الأجانب" على "فيسبوك" مقطع فيديو يظهر شخصاً يقوم بالكتابة على التمثال، ما أدى إلى اعتقاله من قبل الشرطة. وفي رده على دعوات إزالة تماثيل العنصرية قال الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون "إن الجمهورية لن تحجب عناصر من تاريخها أو تفكك تماثيل الشخصيات العامة التي ربما دعمت الآراء أو السياسات العنصرية. "الجمهورية لن تمحو أي أثر أو أي اسم من تاريخها. قال الرئيس الفرنسي "لا ينسى أي شيء من أعمالها الفنية الخالدة"". وأضاف ماكرون أن هذا مهم بشكل خاص في أفريقيا، حيث ترك الحكم الاستعماري الفرنسي في العديد من البلدان إرثًا لا يزال موضوعًا مثيرا للغضب بالنسبة للكثيرين اليوم. يجب أن تجد فرنسا وإفريقيا معاً "حاضرًا ومستقبلًا ممكنًا على جانبي البحر الأبيض المتوسط". من المؤكد أن أولئك الذين لن ينسوا عواقب الاستعمار الفرنسي سيكونون هم الشعب الأفريقي بأكمله الذين دفعوا بلحمهم وعظمهم ثمنًا باهظًا وفظيعًا.