وافق مجلس النواب العراقي الأحد على استقالة حكومة عادل عبد المهدي، بعد نحو شهرين من موجة احتجاجات أسفرت عن مقتل أكثر من 420 شخصاً شارك آلاف العراقيين بمسيرات حداد على أرواحهم في محافظات عدة من البلاد. ويأتي تصويت النواب بعد يومين من إعلان عبد المهدي عزمه تقديم استقالته، في أعقاب طلب المرجعية الدينية الشيعية الأعلى في البلاد من البرلمان سحب الثقة من الحكومة. وافتتح البرلمان جلسته بعد ظهر الأحد، ووافق على طلب الاستقالة في غضون دقائق، ما يجعل من حكومة عبد المهدي حاليا حكومة "تصريف أعمال"، وفقاً للدستور. وأعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أنه سيخاطب رئيس الجمهورية برهم صالح لتكليف رئيس جديد للوزراء. ويشهد العراق منذ مطلع أكتوبر موجة احتجاجات غاضبة تدعو إلى "إسقاط النظام" وتغيير الطبقة السياسية الحاكمة منذ 16 عاماً، والمتهمة بالفساد وهدر ثروات البلاد. وعلى صعيد متصل، أصدرت محكمة عراقية الأحد حكمًا هو الأول بحق ضابط في الشرطة أدين بقتل متظاهرين في مدينة الكوت جنوببغداد، وفقا لمصدر قضائي. وأفاد المصدر وكالة فرانس برس أن المحكمة الجنائية أمرت بإعدام رائد في الشرطة شنقاً، بينما قضت بسجن آخر برتبة مقدم سبع سنوات، بعد دعوى مقدمة من عائلتي قتيلين من أصل سبعة سقطوا بالرصاص الحي في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر في الكوت، عاصمة محافظة واسط. وقبل ساعات من انعقاد جلسة البرلمان الأحد، قُتل متظاهر آخر بالرصاص في وسط بغداد، وفقا لمصدر طبي. ورغم تواصل الاحتجاجات منذ شهرين في بغداد ومدن جنوبية عدة، لم تشهد المناطق ذات الغالبية السنية احتجاجات خشية التعرض لاتهامات من قبل السلطات بدعم "الإرهاب" أو اعتبارها من مؤيدي نظام الرئيس السابق صدام حسين. وتحولت الاحتجاجات إلى مسيرات حداد شاركت فيها مدن ذات غالبية سنية بينها الموصل، بشمال البلاد. واستعادت القوات العراقية السيطرة على مدينة الموصل فييوليو العام 2017، بعد ثلاث سنوات من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي خلف فيها دماراً. وخرج مئات الطلاب صباح الأحد يرتدون ملابس سوداء في تظاهرة حداد داخل حرم جامعة الموصل. وقالت طالبة طب الأسنان زهراء أحمد إن "هذا أقل ما يمكن أن نقدمه من الموصل لشهداء ذي قار والنجف"، المدينتان اللتان سقط فيهما حوالى 70 قتيلا من المتظاهرين خلال الأيام الثلاثة الماضية. واضافت، أن "المتظاهرين يطالبون بحقوق أساسية، وكان يجب على الحكومة أن تستجيب منذ البداية". بدوره، قال الطالب في كلية التربية حسين خضر الذي كان يحمل بيده علم العراق "نحن موجودون و كل العراق موجود. وعلى الحكومة الآن أن تستجيب لمطالب المتظاهرين". وفي محافظة صلاح الدين ذات الغالبية السنية شمال بغداد، لم تخرج احتجاجات خلال الأسابيع الماضية، لكن حكومتها المحلية أعلنت الحداد لمدة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا الجنوب. وعلى الصعيد نفسه، أعلنت ثماني محافظاتجنوبية، ذات غالبية شيعية، الحداد وتوقف العمل في الدوائر الحكومية الأحد. في هذه الأثناء، واصل محتجون التظاهر في جميع المدن الجنوبية، وفقا لمراسل فرانس برس، معتبرين أن استقالة رئيس الوزراء لا تمثل رحيلاً كاملاً للنظام السياسي الذي نصبته الولاياتالمتحدة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وتسيطر عليه إيران. وأصبح تغيير الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد وتبخر ما يعادل ضعف الناتج المحلي للعراق الذي يعد بين أغنى دول العالم بالنفط، مطلباً أساسيا للمحتجين الذين يرددون اليوم في كل المدن رفضهم بقاء "الفاسدين" و"جميع السياسيين" الحاليين.