كشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي خلال سنتي 2016_2017، مجموعة من الأعطاب بالمنظومة التربوية المغربية، أسهمت في ارتفاع نسبة الهدر والانقطاع عن الدراسة، وضعف تعميم التمدرس، وذلك على مستوى الوزارة الوصية والأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية. وسجل التقرير، تدني مجموعة من المؤشرات على مستوى تحقيق أهداف التمدرس في كل الأكاديميات، منها عدم النجاح في تعميم التمدرس بالنسبة للأطفال البالغين السن القانوني للتمدرس والمحدد في ست سنوات، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال، وصلت هذه النسبة 86 بالمائة على مستوى الأكاديمية الجهوية لجهة الدارالبيضاء الكبرى برسم الموسم الدراسي 2014_2015. و أشار المجلس إلى أن المنظومة التربوية بالمملكة فشلت في تحقيق هدف تعميم التعليم الأولي إلى غاية 2015، وضعف مساهمة التعليم الأولي العمومي في العرض المدرسي مقارنة بالقطاع الخاص، بالإضافة إلى عدم احترام بعض الشروط المنصوص عليها في دفتر التحملات الخاص بالتعليم الأولي، وكذا الاكتظاظ الذي تعاني منه أقسامه، والنقص في مؤهلات وتكوين المكونين، وكذا غياب المراقبة الإدارية والتربوية بمؤسسات التعليم الأولي. وارتفعت نسبة الهدر والانقطاع عن الدراسة، خصوصا، بين الأسلاك التعليمية الثلاث، وذلك ضمن مؤشرات المردودية الداخلية للمنظومة التعليمية، وهو ما ينعكس سلبا على نسبة استكمال الدراسة مع تعاقب المستويات الدراسية، فقد أورد التقرير مثالا على ذلك من جهة الدارالبيضاء، حيث إن نسبة استكمال الدارسة تناهز 100 بالمائة في السلك الابتدائي، إلا أنها لا تتعدى 77 بالمائة إلى غاية السلك الثانوي الإعدادي، و60 بالمائة إلى غاية السلك الثانوي التأهيلي. وعزى التقرير هذا التفاوت، أساسا، إلى تدني معدل عتبة النجاح في التعليم الابتدائي، وكذا متطلبات تحقيق إكراهات الخريطة المدرسية، وضعف في التأطير البيداغوجي للتلاميذ، فيما لوحظ تطور بعض السلوكات المنحرفة كظاهرة العنف المدرسي، وارتفاع حالات الغش بالعديد من المؤسسات، وانتشار ظاهرة الساعات الإضافية. وبالنسبة لتسيير الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، فقد سجل مجلس جطو تداخل الأدوار والاختصاصات بين الوزارة الوصية والأكاديميات والمديريات الإقليمية التابعة لها، حيث تبين من خلال مراقبة تسيير الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لكل من جهة الشرق وجهة الدارالبيضاء الكبرى، وجهة بني ملال-خنيفرة، وجهة العيون الساقية الحمراء، وجود عدة ملاحظات، منها عدم انسجام التنظيم الإداري للأكاديميات والاختصاصات المنوطة بها، إضافة إلى عدم قيام المديريات الإقليمية بإعداد خطط العمل وتقارير الإنجاز السنوية. وأشار التقرير إلى أنه لوحظ أيضا عدم انتظام دورات مجالس الأكاديميات وكذا اجتماعات اللجان المختصة، بالإضافة إلى عدم اضطلاع مجالس الأكاديميات بجميع مهامها، خصوصا، تلك المتعلقة ببناء الوحدات المدرسية الجديدة، وتحضير الخرائط التربوية، وتحديد برنامج التكوين التوقعي للمدرسين. أما على مستوى العرض التربوي العمومي، فقد رصد المصدر ذاته، مجموعة من النقائص، خاصة عدم توفر بعض المؤسسات التعليمية على البنيات التحتية الأساسية من قبيل الماء الصالح للشرب، والكهرباء، والتطهير السائل، ونقص في التجهيزات الأخرى كالأسوار، والمرافق الصحية، والملاعب الرياضية، والمكتبات والقاعات متعددة الوسائط والربط بشبكة الأنترنيت، ونقص في العتاد الديداكتيكي. وكشف المجلس عن وجود أقسام متعددة المستويات دون تأطير ذلك بالأساليب البيداغوجية الملائمة، وعدم استغلال بعض القاعات المخصصة للتعليم الأولي، نظرا للخصاص الحاصل في عدد المربيات، وغياب الدعم المادي للجمعيات المتدخلة في هذا القطاع، وكذا ضعف الطاقة الاستيعابية في بعض الداخليات، وعدم ملائمة ظروف استقبال التلاميذ في الداخليات وفي المطاعم المدرسية. وسجل أيضا ضعف في استغلال المدارس الجماعاتية، وغياب إطار قانوني منظم لها، وعدم توفر البنيات اللازمة لاستقبال التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة وتلاميذ التعليم الأولي، وتدنى شروط الوقاية والنظافة والسلامة في بعض المؤسسات التعليمية، مشيرا إل ارتفاع نسبة الأقسام المكتظة، (أقسام تضم 41 تلميذا فما فوق). وفي هذا الصدد، يقول التقرير، إن جل الأقسام بمؤسسات الأكاديمية الجهوية لجهة الدارالبيضاء الكبرى، تعاني من نسب اكتظاظ مرتفعة برسم السنة الدراسية 2014_2015، ذلك أن نسبة الأقسام المكتظة بلغت أزيد من 42 بالمائة بالتعليم الابتدائي، و65 بالمائة بالسلك الثانوي الإعدادي، و50 بالمائة من مجموع أقسام التعليم الثانوي التأهيلي. وبالنسبة للأكاديمية الجهوية لجهة بني ملالخنيفرة، فإن نسبة الأقسام المكتظة، بلغت، خلال السنة الدراسية 2015_2016، حوالي 11,3 بالمائة بالسلك الابتدائي، و38,16 بالمائة بالنسبة للتعليم الإعدادي، و29,98 بالمائة بالنسبة للسلك الثانوي التأهيلي.