رشوة رخصة السياقة و التي أصبحت عادة من عادات المغاربة حيث أن احتسابها مع رسوم الرخصة أصبح عاديا جدا، في بلد يعرف حربا مهولة للطرق؛ هنالك من لا يستحق هذه الرخصة فينالها ليس لأنه يتقن السياقة بل لأنه دفع ثمن قهوة المسؤول عن تقييم السائقين المغاربة و مدى تأهلهم لذلك، إلا أن هذه الرشوة ليست حبيسة المسؤول فقط بل هنالك لوبيات مكونة من مسؤولي المسؤولين و أصحاب سيارات التعليم و المدربين، و كذلك المواطنين الذين يتغاضون عن الخطأ و جعلوها عادة. فبعد اجتياز الامتحان النظري بنجاح يأتي دور التطبيقي و تأتي معه توصيات الجميع حتى لا ينسى الممتحن 200د أو 300د طريفة الدورة الشرفية كما يسميها البعض، و من حاول التفكير في الممانعة فإنه يضمن الرسوب و التحويل لموعد آخر بعد 15 يوما ليقتنع ذلك المواطن أنه لابد له من تسديد طريفته بغية الخلاص من شبح البيرمي و الذي يعد رخصة ضرورية لأي كان . و عن تكاليف الرخصة فبعد الثمن الواجب أداءه لسيارة التعليم و المتراوح بين 1500د و 2500 تأتينا عادة الواجب غير الشريف و عن كيفية تداول ذلك بين اللوبيات المصغرة فالمدرب يأخذ الثمن كاصطباحة قبل التوجه لمركز الامتحان من عند كل مرشح ليذهب المدرب أو مسؤول سيارة التعليم فيعطي المتفق عليه إلى المُمتحِن حيث تقسم الغنيمة ب100د لكل مرشح يأخذه مصطحبه 100د يأخدها المشرف و في بعض الحالات حتى صاحب سيارة التعليم يأخد 100د و هذه الأخيرة تفتح باب أقوى في الفساد؛ حيث أن بعض أصحاب سيارات التعليم يخصصون مبلغا شهريا للمشرفين الذين يتقاسمون هم أيضا تلك المبالغ مع مسؤولي مراكز اجتياز الامتحان؛ و هو ما يوجب التذكير به هنا أن كل هؤلاء موظفين تابعين للدولة و يتقاضون على عملهم 6000د فما فوق. و عن الرشوة فهي مقسمة لطرائف 200د 300د و الحالات الخاصة 500د و يعنى بها هنا من هم متأكدون من عدم التمكن من السياقة فيمررون صفقة بينهم و بين اللوبي بمبلغ 500د أكثر من "الطريفة" العادية و تسمى هذه الحالة بينهم ب" السبيسيال" . في مشهد مصغر للمجتمع المغربي فإن رخصة السياقة هي أمل للمواطن موضوع بين أيدي عصابات و لوبيات تتاجر في حقوق المواطنين إذ تسلبها ممن يستحقها إن لم يدفع ، و تعطي لمن لا يستحقها لكونه رشى؛ و نظل نتساءل: من أين لنا بحرب طرق شرسة ، و نحن نعززها بفساد في بداية المسار؟.