من المرتقب أن يحل المبعوث الأممي للصحراء الألماني، هورست كوهلر، في زيارة لمدينة العيون خلال الأيام القادمة، وذلك للاطلاع على آخر التطورات في الصحراء المغربية. وتأتي زيارة المبعوث الأممي إلى المنطقة، بعد حوالي 3 أشهر على التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس خلال شهر أبريل المنصرم. وهو ما يطرح التساؤل حول الأسباب الرئيسية للزيارة المرتقبة للمبعوث الأممي للعيون؟. الخبير في شؤون الصحراء، أحمد نور الدين، يرى أن هذه الزيارة تأتي في إطار إحياء مسلسل التسوية الأممي وتنفيذا للقرار الأخير 2414، مؤكدا أن هذه الزيارة تندرج في إطار الضغط على المغرب لاستئناف المفاوضات مثل ما هو وارد في القرار الأخير دون شروط، "لأن استئناف المفاوضات دون شروط هو وقوع الأممالمتحدة في فخ الجزائر والجبهة الانفصالية". وأوضح نور الدين في تصريح ل"نون بريس"، أن الضغط على المغرب هو إحياء للمشروع الانفصالي وإعطاء فرصة للبروباغندا الجزائرية الانفصالية من أجل التأثير سواء في المخيمات أو التأثير في الأقاليم الجنوبية، لأنه خارج المفاوضات تعيش الجبهة حالة موت سريري يُترجَم إلى تفكك داخلي وإلى انفصال تيارات وظهور أخرى وإلى عودة الآلاف منذ 1991 إلى الآن والذين بلغ عددهم حوالي 12 ألف عائد منهم قيادات مؤسسة للجبهة. وأضاف الخبير في شؤون الصحراء، أن زيارة المبعوث الأممي لمدينة العيون هو في حد ذاته تنازل مجاني من المغرب لصالح الأطروحة الجزائرية الانفصالية، فسماح المغرب للمبعوث الأممي بالانتقال إلى العيون هو تنازل ضمني عن جزء من سيادته، فالمشكلة قائمة بين طرفين: الأول تمثله الجزائر وجبهة تندوف، والثاني يمثله المغرب. وإذا كان انتقال المبعوث الأممي إلى تندوف وعدم اكتفائه بالجزائر العاصمة تحكمه إرادة الجزائر في نفي التهمة عنها كونها طرفاً رئيسياً في مواجهة المغرب، فإنّه من غير المقبول أن يكون هناك مركز آخر غير العاصمة الرباط داخل المغرب للتحاور والتشاور في هذا الموضوع. أما "إشراك المنتخبين من الأقاليم الجنوبية في المشاورات فهذا قرار سيادي مغربي، ويمكن لكوهلر لقاءهم في العاصمة الرباط. ولا ننسى أنّ بدعة الانتقال إلى العيون والالتقاء بالجمعيات خاصة الانفصالية هي من الفخاخ التي نصبها المبعوث السابق كريستوفر روس للخارجية المغربية، ومع الأسف وقعت فيه مثلما وقعت في فخاخ أخرى وأخطاء إستراتيجية في تدبير هذا الملف الذي طغى عليه ما هو تقنقراطي وتمّ تهميش الحسّ السياسي والبعد الاستراتيجي". وشدد الخبير في شؤون الصحراء، على أن استمرار وجود علم الأممالمتحدة في الصحراء هو أحد المحفزات على الانفصال لدى الشباب الذي ولد بعد اتفاق 1991، وعليه "يجب إنهاء مهام المينورسو التي فشلت في تحقيق المهمة التي جاءت من أجلها ولأن وجودها في حدّ ذاته تشجيع للانفصال في الداخل ويشكل طوق نجاة لكيان تندوف الذي يتآكل داخلياً". وبالحديث عن المفاوضات، قال المتحدث ذاته، إن هذه الأخيرة ليست مسلسلا عبثيا تتلاعب به الجزائر على هواها وتوظفه من أجل خدمة أجندتها الداخلية المتفجرة والانحباس السياسي لديها، وسيطرة الجنرالات على الحكم وتوظيفه من أجل إلهاء الشعب الجزائري والتفريج عن الأزمة الجزائرية، وإنما للمفاوضات منحى معين على المستوى العالمي، ولكن في محصلته هو يتقدم نحو الحل ولا يتراجع نحو الخلف، الشيء الذي يجب أن يدفع المغرب لطرح سؤال على الأمين العام للأمم المتحدة حول ماذا نتفاوض؟ وما هي الحلول السياسية لحل النزاع حول الصحراء؟. وبحسب أحمد نور الدين، فإن هناك ثلاثة حلول سياسية، إما حل الانفصال والذي لن يقبل به المغرب نظراً لحقوقه التاريخية والسياسية والشرعية وشهدائه الذين قاوموا المستعمر الإسباني في الخمسينيات قبل استقال الجزائر وقبل خلق الكيان الوهمي بعشرين سنة. وإما حل الاندماج التامّ وإقصاء الجبهة الانفصالية والمشروع الجزائري، وهو حل لن تقبله الجزائر والجبهة. وبالتالي بقي الحل الثالث أي الحكم الذاتي الذي جاء في الوسط ويحفظ ماء وجه الجزائر والانفصاليين ويضمن السيادة للمغرب على أراضيه؛ لأن الحكم الذاتي فيه حكومة محلية وبرلمان محلي وصلاحيات محلية واسعة وفيه تدبير للثروات الطبيعية للأقاليم الجنوبية. والسؤال الذي يجب أن يُطرح على الأممالمتحدة، يؤكد نور الدين، "إذا لم يكن الانفصال الذي لن يقبله المغرب، وإذا لم يكن الإدماج الكلي، وإذا لم يكن الحكم الذاتي هو الحل، فما هو هذا الحل السياسي المقبول من الأطراف الذي تدعو إليه قرارات مجلس الأمن؟"، حينما يجيبنا الأمين العام ومبعوثه عن هذا السؤال، يشدد الخبير في شؤون الصحراء، ساعتها يمكن أن "نستأنف المفاوضات وفقا لتلك الشروط ونحدد لها إطاراً وأرضية ومحدّدات وأفقا زمنياً حتى لا نكرّر أخطاء 27 سنة الماضية"، أما إذا وافقت الخارجية المغربية على استئناف المفاوضات وبزيارة المبعوث الأممي للعيون دون شروط ؛ فإنها ستكون خيانة للوطن وللوحدة الترابية وللتاريخ والشرعية وخيانة لدماء الشهداء ولتضحيات الشعب المغربي.