إن الحراك الديمقراطي الطفيف الذي أصبح يغلف المجال السياسي بالمغرب، و الإرادة السياسية الأكيدة لملك البلاد في خلق مغرب جديد، ديمقراطي، مغرب للحريات، و النزاهة و محاربة الفساد و المفسدين، و إرساء أسس جديدة للعمل المؤسساتي بالمملكة، من خلال ما جاء في خطاب 9 مارس التاريخي. أصبح يجد طريقه نحو الانعتاق رغم جيوب المقاومة الكثيرة، التي يشكلها الكثير من المستفيدين من الوضع الحالي، و الرافضين لأي تغيير قد يبعد عن أفواههم “ثديا” طالما رضعوا منه و أرضعوا، فقد بدأت نسمات التغيير “الطفيف” تصل مناطقنا و جماعاتنا بالجنوب الشرقي المنسي، فبعد اعتقال رئيس جماعة أيت سدرات السهل الغربيةبقلعة مكونة بتهمة تزوير شواهد مدرسية، و بعد تحرك الشباب من أجل وضع حد للتلاعبات و استغلال النفوذ المستشري في قلعة مكونة، من طرف رئيس مجلسها البلدي، و بعد مجموعة من المؤشرات الإيجابية التي تنبئ بواقع أكثر ديموقراطية و نزاهة، أصبح العديد من الرؤساء يشعرون بخطر محدق يهددهم، بعد أن عاثوا في الأرض فسادا. في الأيام القليلة الماضية، قرأت بإحدى الجرائد خبر إجراء الشرطة القضائية لأبحاث في ملفات الفساد المنتشرة في عهد الرئيس السابق لبلدية تنغير، و هو أمر قد رحب به أغلب المواطنين و المواطنات في تنغير، بسبب استشراء الفساد و المحسوبية و العبثية و فضائح التفويتات وانفلاتات التعمير والترخيص في جملة من المجالات، وانزلاقات في التدبير والتسيير، وغير ذلك من القضايا التي كانت لمدة طويلة حديث الشارع، ومثار التذمر و الاستنكار، و هي نفس الاختلالات التي يتحدث عنها الشارع في الكثير من مناطق الجنوب الشرقي ، و خصوصا، تنغير و ورزازات في عهد مجلسيهما السابقين، قلعة مكونة، بلدية تازناخت، جماعة وسلسات، و جماعة أيت سدرات السهل الغربية، جماعة أيت واسيف مع وجود اختلافات بسيطة في طريقة إعمال هذه الخروقات، و اختلاف أبعادها. من هنا، ووفق المنطق الجديد السائد، بكون الشباب هم من يغيرون، و هم من يصنع الديموقراطية، ولو جزءا منها، في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لدى البعض من المسؤولين، فيجب الدفاع و دعم مطالب الشباب – رغم اختلافنا مع بعضهم – في محاسبة المسؤولين عن هدر المال العام، و عن الاختلاسات الخيالية التي طالت خزائن المجالس البلدية و الجماعات المحلية في العديد من مناطق الجنوب الشرقي بصفة خاصة، و المغرب بصفة عامة، كما هو الشأن في المجلس البلدي السابق لتنغير، و كذلك البث في ملفات أخرى في مجالس أخرى، و التي لا تزال تحكم و تسيطر، كما يجب أيضا ،و حالتنا هذه، و رغبة جلالة الملك أيضا في التغيير و إرساء الديموقراطية الحقة. خصوصا و أن العديد من المختلسين و المتسببين في خلق العجز المالي في العديد من الجماعات، قبل رحيلهم لا زالوا يصولون و يجولون، دون محاسبة تذكر، كرئيس المجلس البلدي السابق لورزازات، و الذي لم تطله يد المحاسبة بعد، و هو الأمر الذي نخشى وقوعه وطنيا، فيما يخص المتسببين في الاختلالات التي رصدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات. و بناء على كل هذا، يجب الإلحاح على المطالبة بمحاسبة كل مختلس و كل مغتن بالمال العام، و جعل الرؤساء المتورطين الذين هم أصلا على صفيح ساخن، يدفعون ثمن اختلاساتهم و تلاعباتهم. أمام ما يقع حاليا من تحركات شبابية و من تحول ديموقراطي حقيقي وعميق، أصبح بعض الرؤساء المتورطين في ملفات الفساد، يشعرون ببركان مستعر تحت أقدامهم، وصارت النار تأكل جُنوبهم وتقض مضاجعهم، وهو الأمر الذي سيدفعهم إلى التفكير بدل المرة ألفا قبل القيام بأي تصرف، أو اتخاذ أي قرار في شأن تفويت بقعة أو التوقيع على أي وثيقة قد تورطهم.