قديما نصح أحد الدهاة الكبار في إحدى كتبه رؤساء الدول بقطع رؤوس المعارضين دفعة واحدة حتى يطيب لهم الحكم لأن قطع الرؤوس بشكل فردي قد يؤدي لسقوط العروش ،لم يكن هذا الشخص الداهية سوى ميكيافيلي . تغير الحال وجاء من يستبدل قطع رؤوس المعارضين دفعة واحدة على المقصلة إلى قطع الألسنة وإخراس أفواه أصحابها والزج بهم فردى وجماعات في السجون والمعتقلات السرية ( معتقل تمارة السري ) منهم من ألبسوه عباءة الإرهاب ووضعوا له ناموس الإدانة المسبقة لا لشيء سوى لأنه أغفى اللحية ولبس اللباس الأفغاني وواظب على أداء الصلاة في المسجد ومنهم من ألبسوه ثوب الخيانة بخبث وإيعاز من البطانة لأنه أنكر القداسة الأدمية في شخص الحاكم فحاكموه بتهمة الإساءة للمقدسات وأية مقدسات ؟! وانتهى به الأمر شريدا في السجون والمعتقلات لأن قول الحق جريمة في عرف البطانة تستلزم أقسى درجات العقاب . لقد أفرجت الدولة مؤخراعلى عدد من المعتقلين السياسين استجابة على ما يبدو لضغط الشارع وحركة 20 فبراير والتي يبدو أنها نجحت في حلحلة الواقع السياسي المغربي الرديئ وجعلت الكثيرين يرتجفون خوفا على مقاعدهم الوتيرة ومنهم شيخنا عباس وزمرته من الفاسيين والتابعين وكذلك الحال بشيوخ ما يعرف عند المخابرات المغربية “الديستي ” بشيوخ السلفية الجهادية ؟. تحقق الإفراج الذي كان أهم مطالب حركة 20 فبراير المغربية وإن كان ناقصا لأنه استثنى البعض دون الأخر إلا أن الكثير من الأسئلة طرحت بعد هذا الإفراج وهي اسئلة محيرة فعلا تصيب الإنسان بالكثير من الشك في واقع المغرب الذي يبدو واقعه أقرب للوحة سريالية غير مفهومة ولتصرفات مسؤوليه لدرجة بتنا نطرح سؤالا أخر وهو سؤال أكثر خطورة من باقي الأسئلة حول طبيعة من يحكمنا فعلا ؟ هل تحكمنا دولة المؤسسات ؟ أم تحكمنا الوشايات والدسائس والأمزجة والظروف والتقلبات ؟ . لكي نجيب عن بعض هذه الأسئلة التي لا أنكر أني بدوري أبحث لها عن إجابات شافية ومقنعة لابد أن نعود لبعض الأحداث الدامية التي ضربت المغرب وبالضبط لأحداث 16 ماي بالدار البيضاء التي أدت لمصرع عشرات الموطنين وما تبعها من أحداث أخرى في نفس المدينة حيث كانت الرواية الوحيدة للمصالح المغربية وأجهزتها السرية أن عددا من الإرهابيين قد فجروا أنفسهم مهددين استقرار البلاد والعباد كان الكلام وقتها أشبه بكتاب مقدس لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بعده ،لا يمكنك التشكيك لأن بنذ الإشادة بالإرهاب موجه لك وقد تصبح إرهابيا في أية لحظة لكن طرح سؤال واحد وقتها وهو: من هي الجهة التي نفذت تفجيرات 16 ماي بالدار البيضاء ؟ لكن الداخلية المغربية لم تجب بشكل واضح كل ما كان رائجا مجرد تكهنات وأقوال متضاربة بين القاعدة والإرهاب المحلي ؟! لكن كان جواب الداخلية والمخابرات المغربية الحقيقي وهو الآلاف من المعتقلين الإسلاميين وحتى الغير إسلاميين والمختطفين من بينهم شيوخ السلفية المفرج عنهم مؤخرا . الأن تطرح أسئلة أخرى إذا كان شيوخ السلفية متورطين حقا فلماذا تم الإفراج عنهم ؟ وإذا كان السياسيون الستة متورطين في قضية بلعيرج فلماذا تم الإفراج عنهم ؟ ثم إذا كان العكس أي أنهم أبرياء فلماذا تم اعتقالهم من الأساس؟ هل نحن بحاجة لمسرحية جديدة عنوانها طي صفحة الماضي وتشكيل هيئة انصاف ومصالحة جديدة ؟ ما فائدة مؤسسة القضاء إذا كانت الداخلية المغربية هي التي تحدد المجرم من البريئ ؟ من المسؤول الحقيقي ؟ إلى متى يظل جهاز المخابرات المغربية دولة داخل الدولة ؟ . هذه أسئلة مشروعة أكرر هذه مجرد أسئلة لكنها بحاجة لأجوبة حقيقية حتى لا تتكرر المسرحية .