بصراحة لست أفهم معنى الديمقراطية في هذا البلد العزيز خاصة أن ما يسمونه بالانتقال الديمقراطي دام عشر سنوات دون أن يحدث أي تغيير في منظومتنا السياسية اللهم مؤتمرات الأحزاب المخزنية التي لا تناقش وضع البلاد و العباد و المشاركة في اللعبة السياسية بقدر ما تزدهر بشتائم و اتهامات متبادلة بين الأعضاء وانتخاب الرئيس الذي انتهت ولايته بالإجماع مرة أخرى حتى و إن كان ذالك ضد القوانين الأساسية و الداخلية للحزب و ما دامت غالبية الأحزاب خرجت من رحم الداخلية فلا يجوز أن نتحدث عن انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية، لكن الواقع أكد أن الديمقراطية في المغرب أخذت شكلا مختلفا ففي المغرب الديمقراطي جدا سنجد الجلادون ومجرمو حقوق الإنسان والأعيان و ذوي السلط والمتورطون في نهب المال العام يتزعمون حركات وأحزاب ونقابات ومؤسسات للمجتمع المدني و تناضل من أجل الديمقراطية و ستجد أيضا شخصيات عسكرية أو شبه عسكرية و ورثة المستعمر الفرنسي يتزعمون أحزابا وجمعيات ويتنافسون فيما بينهم في الاستحقاقات البرلمانية والجماعية باسم الديمقراطية وبإمكانهم أن يفعلوا ما يريدون بدون حسيب أو رقيب وكل شيء بالديمقراطية. فالكل هنا ديمقراطي بدون استثناء حتى المخزن فهو ديمقراطي جدا في تعامله مع المواطن من جهة و مع أصحاب السلط من جهة أخرى و القضية تشبه مسرحية هزلية بفصول مأساوية فقد استطاع الانتهازيون و بالديمقراطية في أسابيع قليلة أن يخدعوا المواطنين ويضمنوا لأنفسهم ثروات و امتيازات على حساب المواطن الذي يعاني الأمرّين وهنا سنلاحظ أن المغرب لم ولن يعرف ما يسمونه بالعهد الجديد الذي ما هو إلا شعارا أجوف وتمويه فالاحتجاجات الأخيرة التي خاضتها الجماهير دليل واضح على الأوضاع التي يعاني منها عموم المواطنين لم تتغير، في المقابل نجد الحكومة في جل حواراتها الاجتماعية والسياسية مع القوى المناضلة تعتمد على لغة الزرواطة وبكل ديمقراطية لا فرق بين المعاق و السليم كما هو جاري به العمل منذ العهد القديم و هذه المرة وبمناسبة اقتراب موعد الانتخابات الجماعية، تحركت الحكومة و من ورائها الأحزاب داخل النسيج المغربي لتعبئة الناخبين و المنتخبين علها تنجح هذه المرة في إقناع المواطنين بالمشاركة في العملية الانتخابية. الجميل في هذا كله هو الشعارات التي تخترعها الحكومة و تروج لها الأحزاب و هي تتحدث عن مغرب حداثي ديمقراطي لا يوجد إلا في مخيلتهما السياسية، متناسين أنه لايمكن الوصول إلى مغرب ديمقراطي دون المرور من انتخابات نزيهة و شفافة وقضاء مستقل فالديمقراطية الحقيقية ليست في عدد الأصوات المحصل عليها في الانتخابات والتي يسعى من ورائها الديمقراطيون الحفاظ على مصالحهم واستمرار امتيازاتهم كمواطنين درجة أولى وذلك ليتمكنوا من نهب ثروات البلد وسرقة الشعب و ليست هي الإنتقال من التزوير المباشر للانتخابات إلى حياد الدولة وغض النظر عن مرشحي المخزن من الأعيان و هم يشترون ويبيعون في الأصوات و لا يمكن اختزالها في بناية فخمة بكراسي فاخرة والتظاهرات النخبوية لأن الديمقراطية الحقيقية و التي يطالب بها الشعب هي أن تحترم الدولة مواطنيها من خلال الممارسة اليومية وأن يحس المواطن بالمساواة وبالحرية وبالمشاركة في الحياة السياسية و الاجتماعية للبلاد وأن ينعم بالعدالة الاجتماعية والقضائية.