الإبداع شيء جميل لكنه للأسف بات يعيش في زمن الضياع في أيامنا هاته، زمن استُرخص فيه ذوق المتلقي في غياب الوعي الثقافي و الحس الفني من هذا الأخير، فصرنا نسمع باسترسال ألفاظا دنيئة في عدد لا يستهان به في الأغاني المعاصرة و أضحى كل من هب و دب يطلق العنان لمخيلته و عوض أن يختار ما يتناسب مع المجتمع المغربي و يحترم خصوصياته الثقافية صار يفسد بقصد أو دونه ثقافة وطن توارثناها أبا عن جد . فصرنا نستمع لكلمات بعض الأغاني الأدنى من أن توصف بالسوقية مثل ” شوفوا الميلودي ديما مبوق وكاع ما مسوق” و ذلك على أمواج إذاعاتنا و قنواتنا الوطنية و أصبح من الواجب دق ناقوس خطر داهم يهدد كل أسرة مغربية تحرص على تنشئة جيل مبدع يحمل مشعل الريادة. إذا ما دققنا النظر في ما يسميه أصحابه بالكلمات نجد أنها دخيلة على المجتمع المغربي و لا دور لها سوى إفساد ذوق الناشئة و هذا تلطيخ لصورة الفن المغربي العريق الجذور و لثقافته الغنية. الفن في واقع الأمر هو ذلك الإبداع الذي يرسخ في الذاكرة الشعبية و يصعب نسيان رموزه، هو الرباط الوثيق بين جيل الأمس و مواهب الغد، بين كلمات جميلة معبرة و ألحان شجية، و كيف لنا أن نُسمع للعالم بأسره أغنية مغربية راقية،؟ و هي شاحبة اللون و تفتقر لكل مقومات النجاح و لدعاماتها الأساسية. نحن نحتاج لمن يعمل على بث روح جديدة في الأغنية و هذا لا يتأتى إلا عن طريق بحث مستفيض في التراث الأصيل فلا حاضر لمن لا ماضي له، و لا مستقبل لمن لا حاضر له، و التركيز على التكوين المستمر للفنانين و إسناد التأطير للقيدومين و الحرص على التنقيب عن كل الموهوبين في كل الميادين الكتاب و الشعر و الزجل و كذلك ذوي الأصوات العذبة و التشجيع المعنوي و المادي على إقامة مؤسسات متخصصة في الإنتاج الفني و أن لا يكتفي التوزيع داخل حدود المملكة بل و يتحداه لخارجها هذا و دون إغفال معضلة القرصنة الأدبية و الفكرية التي ما زالت تنخر الجسد الفني الوهن و الضرب بيد من حديد على الممتهنين لها. ولكي نستطيع الإقلاع بالفن و الثقافة المغربيتين و إسماع صوتنا للعالم وجب علينا العمل كل من موضعه ،و سنجني إن شاء الله ثمار الاجتهاد و المثابرة. *كاتب كلمات وملحن [email protected]