في زخم الانتاجات الفنية المستوردة و انجراف الشباب المغربي وراء الصخبو الأغاني البعيدة كل البعد عن تقاليدنا العريقة و تراثنا الثقافي الضارب في القدم، و في بعض الأحيان عن لهجاتنا المحلية يطرح السؤال المحير أين هو مكان الفن الإنساني من هذه المعادلة ؟ الفن قبل كل شيء هو صورة تعبر عن هموم المجتمع و الفرد و أداة نبيلة للسمو بالذات البشرية بعيدا عن كل ربح مادي، لكن من المؤسف أن القليل في أيامنا هاته من يؤمن بضرورة الحفاظ على هذا النوع من الفنون الراقية لاسيما في زمان أصبح الدافع لامتهان الفن هو التربح مما أدى إلى تسارع الإنتاجات المسماة فنية مع خلوها من روح أو حتى رسالة هادفة و من كلمات صادقة. من بين هذه الفنون العريقة يقف فن الملحون مستنجدا بكل عشاقه و بالمهتمين لبقائه في وطننا الحبيب و لسان حاله يهتف ” الى متى سأبقى بين رفوف النسيان” و صدق صديقي العزيز الفنان المغربي سعيد المفتاحي حينما قال :” “علينا أن نعمل على استمرار شعر الملحون كمسيرة فكرية تغني الساحة الفنية ، الأدبية والإبداعية العالمية. ولا يحق لنا أن نوقف قاطرة هذا التراث الإنساني العالمي في مطلع القرن 21.“ لا نريد في مطلع هذا القرن أن تعالج مشاكلنا المادية وتقف فيه حركة فكرية دونت لتاريخ المغرب الذي هو جزء لا يتجزأ من التراث التاريخي الإنساني ككل. فالحفاظ على الملحون , أمانة على عاتق كل من يهوى الإبداع الحقيقي والإنساني الجميل والكل معني بهذا الحفاظ, وفي المقدمة المشتغلون في غمار الفنون الجميلة” أما أن الأوان إذن لدعم و تشجيع الأجيال الناشئة على اختيار الفنون التي تفيدهم و تنمي لديهم حب التراث و الارتباط بالأصالة ؟ أم أن العولمة الثقافية و الفنية قد غزت عقولنا حتى صرنا لا نبصر إلا ما أبدعه الآخرون خارج حدودنا و نسينا ما أبدع أجدادنا و أبائنا و لم يعد بوسعنا أن نبدع و نوصل إبداعات تحمل بصمة مغربية لأبعد الحدود ؟ لماذا أهملنا تراثنا ؟ هل لعدم تماشيه مع العصر الراهن ؟ كلها أسئلة تحتاج لأجوبة مقنعة لكن لي قناعة خاصة راسخة مضمونها هو أن الإرادة تدلل الصعاب و مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة و أن العيب فينا و ليس في تراثنا *فنان و كاتب كلمات و ملحن مغربي [email protected]