لم يستطع أن يرد على رسالتها لأن بطاقته ذات الدفع المسبق تحتاج إلى دفع للتعبئة، عشرون درهما التي عبأها أمس لم تكف لسد رمق هاتفه الجوال ولم تكفه للرد على رسائلها الكثيرة التي وفدت عليه في اليوم الموالي، كان الوقت قد تأخر ليبتاع بطاقة، فقرر أن ينام، لأن لديه عمل في الصباح الباكر. استيقظ باكرا على صوت منبه هاتفه الجوال، غسل وجهه كيفما اتفق وتوجه صوب المحلبة التي اعتاد الإفطار فيها، عبر الطريق، انتظر اشتعال الأضواء الحمراء ليمر في السابعة صباحا تكون الطريق مكتظة بسيارات الأجرة والسيارات الحرة والدراجات وحافلات أخرى! تتعالى المنبهات المنبعثة من كل هذه الدواب الحديدية بمجرد ما يشتعل الضوء الأخضر وكأن الكلاكسون هو ما سينظم السير، العرب مجبولون على الكلاكسون أو التزمير ،في الطريق للمناداة على شخص ،في المفترق ،في الأعراس .... ضجيج في الصباح ورنين في المساء، قضى يومه عاديا بين الأوراق العذراء وشاشات الحواسيب، لم يعتد أن يتصل بها نهارا لأنه يراها يوم الأحد على الأرض وليلا على الهواء في المسنجر، أسبوعه مقسم بين الواقع والافتراض، ستة أيام على النت ويوم واحد فوق الأرض، كان هذا شرطهما المشترك في ثاني لقاء مسنجري قبل أسابيع، هي لم تعترض لأنها أول من طلب اللقاء سيراها هذا الأسبوع وسيتحدثون أكثر عن المستقبل الغامض وحدود علاقتهما والزواج إن أمكن والأبناء ..وأشياء أخرى. في المساء دخل المسنجر كعادته، انتظرها 5 دقائق لكنها لم تدخل، خرج ليتصل بها، اتصل بها وسألها عن سبب تأخرها، أخبرته أنها لن تستطيع في بيتهم ضيوف ويجب أن تساعد أسرتها، فهي لن تستطيع الذهاب إلى مقهى الإنترنت، قال لا عليك عاد دون أن يراها، هذه أول مرة يذهب ليراها ثم لا يراها، مساء بدون طعم أي مساء هذا، لا يستطيع الحبيب أن يرى فيه حبيبته، الكترونيا على الأقل، غضب قليلا، ثم نسي، أرسلت له رسالة تكرر الاعتذار وتخبره أنها تفكر دفع اشتراك النت وستصبح أكثر تواصلا معه ولن تضطر للذهاب إلى مقهى الانترنت، اطمأن لل: س،م،س وعاد إلى غرفته، قرأ بعض رسائلها القديمة ثم نام، في الصباح تنتظره مهمة الكترونية أخرى إذ سيرسل بعض المال إلى أسرته بالبريد، ادخل الرمز الخاص بالحوالة وأرسله لأخيه على رقم جواله وبضغطة زر سريعة أصبح المبلغ في حكم الماضي، رجع للشغل على أمل أن يلقاها في المساء على نفس المسنجر وكله شوق إلى الحديث الذي قالت أنها ستفاجئه به هذا المساء. يتبع